العمليات الإسرائيلية في غزة والشجاعية تنفي إمكانية التوصل إلى هدنة

حركة حماس وإسرائيل تسايران جهود الوسطاء.
السبت 2024/07/13
الهروب إلى أين؟

القاهرة – يعطي التصعيد الإسرائيلي في غزة وحي الشجاعية، بالتزامن مع مفاوضات الهدنة، انطباعا بأن إسرائيل دخلت جولة أخرى من القتال ولن توقف المعارك، وهو ما ينفي التوصل إلى تهدئة.

ويقول مراقبون إن إسرائيل وحركة حماس ليستا جادتيْن بشأن التوصل إلى الهدنة وتبدوان كما لو أنهما تسايران جهود الدول الوسيطة ليس أكثر.

وانتهت الجولة الأحدث من محادثات السلام دون التوصل إلى اتفاق، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حماس بتقديم مطالب تتعارض مع الاتفاق الإطاري الذي توسطت فيه واشنطن. ولم يكشف نتنياهو عن تلك المطالب.

وقالت حماس في بيان “لم نبلَغ حتى الآن من الإخوة الوسطاء بأي جديد بشأن المفاوضات”.

أحمد فؤاد أنور: التهدئة المطلوبة مؤقتة ومن السهل على هذا الطرف أو ذاك خرقها
أحمد فؤاد أنور: التهدئة المطلوبة مؤقتة ومن السهل على هذا الطرف أو ذاك خرقها

وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد فؤاد أنور لـ”العرب” إن “نتنياهو يراهن على التسويف وإرضاء الجميع: قادة الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة ومصر وبن غفير وسموتريتش وعائلات المحتجزين والأسرى والإعلام الغربي”.

وأضاف أنور أن ما رشح من المشاورات في القاهرة حول التوصل إلى تفاهمات أولية بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا غير دقيق، وهو ما يؤكده قيامه بالتصعيد وموجة النزوح الجديدة باتجاه الجنوب مؤخرا، وتبقى المشكلة الأكثر تعقيدا صياغة بند “إنهاء الحرب” بشكل غامض ومتعمد ويقبل أكثر من تفسير.

وتابع “يلاحظ أيضا أن الهدنة المطلوبة بطبْعها مؤقتة ومن السهل على هذا الطرف أو ذاك أن يخرقها بشكل كامل أو جزئي. ومن المتوقع أن تعبّر الجهات الراعية أو الضامنة عن غضبها أو إدانتها أو مطالبتها كل الأطراف بالالتزام والعودة إلى التهدئة، كما حدث في الجولات السابقة من الاعتداءات الإسرائيلية على غزة”.

لكن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث الجمعة عن تحقيق “تقدّم” في المفاوضات غير المباشرة الرامية للتوصل إلى هدنة قبل أن يستدرك قائلا “إنها مسائل صعبة ومعقدة. مازالت هناك فجوات يتعين علينا جسرها”.

وأمطرت إسرائيل مدينة غزة بوابل من القنابل خلال هذا الأسبوع الذي وصفه السكان بأنه لا يقل ضراوة عن أشرس معارك الحرب.

وعُثر الجمعة على نحو 40 جثة في حيّيْ تل الهوى والصناعة بمدينة غزة حيث قامت القوات الإسرائيلية بعمليات عسكرية.

وفي الشهر العاشر من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس يتواصل القتال من شمال القطاع المحاصر إلى جنوبه، خصوصا في مدينة غزة.

وأحصى مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس “أكثر من 70 غارة جوية استهدفت منازل مدنيين ومنشآت صحية وتجارية، في تل الهوى والصبرة والرمال بمدينة غزة (في الشمال) ومنطقة المغراقة ومخيم النصيرات (في الوسط) وخان يونس ورفح (في الجنوب)”.

ووفق وزارة الصحة “نُقل إلى المستشفيات 32 شهيدا غالبيتهم من الأطفال والنساء، مع مواصلة ارتكاب الاحتلال للمجازر وجرائم الإبادة في قطاع غزة”.

pp

كما أعلن الدفاع المدني عن “انتشال أكثر من 62 شهيدا من حي الشجاعية (في مدينة غزة) حتى صباح الجمعة ومازال العشرات من المفقودين تحت الأنقاض”.

وفي حي الرمال خلّف الجيش الإسرائيلي وراءه “دمارا هائلا وأبنية محروقة”، وفق ما أفاد به المدرّس طارق الغنام (57 عاما) في تصريح لوكالة فرانس برس.

ودعا الجيش الإسرائيلي الأربعاء جميع سكان مدينة غزة إلى إخلائها باعتبارها “منطقة قتال خطيرة”. وشمل ذلك ما بين 300 ألف و350 ألف فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة.

وتقول أم إيهاب عرفات، وهي تجلس على كومة من الرمال محاطة بأطفالها، “تهجرنا أربع مرات. نحن نريد هدنة كاملة حتى نتمكن من العودة إلى بيوتنا”.

وقال محمد علي (30 عاما) عبر رسائل نصية “بنموت ولا بننزح على الجنوب، إحنا تحملنا المجاعة والقنابل تسع شهور وعنا استعداد نستشهد هنا (نفضل الموت على النزوح إلى الجنوب، نحن تحمّلنا المجاعة والقنابل تسعة أشهر ومستعدون للاستشهاد هنا)”.

وقال علي الذي نزح أفراد عائلته أكثر من مرة داخل المدينة إنهم يعانون من نقص الغذاء والمياه والأدوية.

وتابع “الاحتلال بيقصف مدينة غزة وكأنه الحرب بتبدأ من جديد. بنتأمل إنهم يوصلوا لاتفاق وقف إطلاق نار، بس إذا ما صار بيكون أمر الله (الاحتلال يقصف مدينة غزة وكأن الحرب تبدأ من جديد. نأمل أن يتوصلوا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإذا لم يتوصلوا إلى اتفاق فتلك مشيئة الله”.

ورغم أن الجيش أمر الأربعاء سكان مدينة غزة باستخدام ممرين “آمنين” للتوجه صوب جنوب القطاع، رفض العديد من السكان الانصياع للأوامر. ونشر بعضهم وسما على وسائل التواصل الاجتماعي يرفض المغادرة (لن نرحل).

oo

وفي الشجاعية بشرق مدينة غزة عاد سكان سيرا على الأقدام إلى الحي الذي صار مدمرا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية التي نفذت عمليات فيه على مدى أسبوعين.

وسوت الجرافات الإسرائيلية مقبرة الحي الأساسية بالأرض. ونقل سكان إمدادات على دراجات عبر الممرات المليئة بالأنقاض ومروا قرب البقايا المتفحمة لمدرعات إسرائيلية تعرضت للحرق والتفجير.

وقال حاتم تايه، وهو من سكان الحي، وسط الركام “رجعنا هنا بعد 15 يوما على الشجاعية. اتفرج الدمار كيف؟ مش مخليين.. شجر.. كان خضار هنا كتير في المنطقة… إيش دخل الشجر وإيش دخل الحجر؟ وإيش دخلني أنا؟ فيه جثث بني آدمين مدنيين. إيش دخل المدني؟ أنت بتقاتل في الشعب ولا بتقاتل أنت في مين؟ أنت قاعد بتحرق الأخضر واليابس (رجعنا بعد 15 يوما إلى الشجاعية. لاحظْ هول الدمار؛ لم يتركوا حتى الشجر، كانت هناك مساحات خضراء كثيرة… ما دخل الشجر والحجر في الصراع؟ وما دخلني أنا؟ ثمة جثث مدنيّين. ما دخل المدنيين؟ أتقاتل الشعب أنت أم تقاتل مَن بالضبط؟ أنت بذلك تحرق الأخضر واليابس)”.

1