قيس سعيد يرد على دعاة توضيح الترشح بالتلميح وشعار "القطع مع الماضي"

تونس – تضمّنت التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي قيس سعيد، وتحدث خلالها عن خطط مستقبلية مع ضرورة القطع مع الماضي، تلميحات بشأن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر المقبل.
تأتي هذه التصريحات كرد على دعوات متزايدة، خاصة من أطراف معارضة، إلى ضرورة حسم الرئيس مسألة الترشح من عدمها وسط مزاعم باستخدام موارد الدولة في حملة انتخابية مبكرة.
ورغم إعلان عدد من الشخصيات نيتها خوض الاستحقاق الانتخابي الرئاسي إلا أن الرئيس التونسي يبدو حريصا على عدم استعجال إعلان ترشحه.
وقال قيس سعيد مساء الثلاثاء إن سياسة الدولة في المستقبل يجب أن تقوم على القطع مع الماضي قطعا نهائيا بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية في المقام الأول، وبناء على سياسة جبائية عادلة وعلى نظام تغطية اجتماعية عادل ومنصف بدوره.
ويقول مراقبون إن الرئيس التونسي يريد القطع مع منظومة أثبتت فشلها خلال العشرية الماضية وعطلت أهداف الثورة ومسارها.
ويثير إشراف الرئيس على تدشين مشاريع مثل إعادة افتتاح جامع القصبة الذي كان قد آمر بترميمه قبل أشهر، بالإضافة إلى تدشين أول محطة لتحلية مياه البحر في محافظة قابس (جنوب شرق) لمواجهة الجفاف، حنق خصومه الذين يعتبرون ذلك حملة انتخابية غير معلنة.
ومشروع محطة تحلية مياه البحر أطلقه الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي سنة 2010 على أن يتم الانتهاء منه في 2013، لكن المشروع ظل يراوح مكانه إلى ما بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو.
وفي 25 يوليو 2021 أعلن الرئيس التونسي تدابير استثنائية قام بموجبها بحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء وأقال الحكومة قبل سنّه دستورا جديدا بدّل به النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي يقطع مع حالة تملص الحكومة والرئاسة من المسؤولية، والتي سادت خلال العشرية الماضية.
ويقول أنصار قيس سعيد إن الرئيس يتحرك بالنسق نفسه منذ 25 يوليو؛ إذ على مدى نحو ثلاث سنوات لم تتوقف زياراته إلى مختلف مناطق البلاد، سواء داخل العاصمة أو خارجها، لذلك لا يبدو الحديث عن حملة انتخابية مبكرة منطقيا. كما أن حماية القدرة الشرائية للتونسيين كانت على رأس أولويات الرئيس سعيد، لذلك يرفض منذ سنوات شروط صندوق النقد الدولي، وهو ما أدى إلى تعثر المفاوضات للحصول على قرض.
وأعلن الرئيس التونسي الثلاثاء الترفيع في المنحة المالية المسندة إلى الفئات الفقيرة من 180 دينارا إلى 240 دينارا (من 57.62 دولار إلى 76.83 دولار) في الشهر الواحد بدءا من شهر يوليو الجاري.
وقالت نجاة الزموري، نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “القطع مع الماضي شعار رفعه الرئيس قيس سعيد منذ إجراءات 25 يوليو 2021، لكن لم نر قطعا مع الماضي في الواقع”.
الرئيس يباشر مهامه، لكنه لم يعلن إلى حدّ الآن هل سيترشح للانتخابات الرئاسية أم لا، وسط مطالبات بتوضيح ذلك بشكل رسمي وصريح
وأكدت في تصريح لـ”العرب” أن “الرئيس بدأ فعليا حملته الانتخابية من خلال الإجراءات المعلنة لفائدة الفئات الضعيفة وزيادة الرواتب من 180 دينارا إلى 240 دينارا، وهذه مؤشرات حملة انتخابية سابقة لأوانها”.
وحرص قيس سعيد على عدم المساس بالفئات الهشة، بمن في ذلك عمال الحضائر، رغم الضغوط؛ إذ ينادي كثيرون بضرورة تسريحهم نظرا إلى عدم تقديمهم أي مردود مقابل حصولهم على رواتب وتغطية اجتماعية.
وورثت الحكومة التونسية هذا الملف عن العشرية الماضية حيث وظفته في شراء السلم الاجتماعي، في حين يتهم البعض الأحزاب الكبرى، خاصة النهضة ونداء تونس، باستخدامه من أجل استمالة الشارع.
ولفتت الناشطة الحقوقية إلى أنه “كان بإمكان الرئيس اتخاذ تلك الإجراءات منذ سنوات، لكنه اختار إقرارها قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات لكسب ودّ الفئات الضعيفة، وهذه نفس الممارسات السابقة”.
وبدوره أفاد أمين عام حركة الشعب زهيّر المغزاوي بأن ” الحملة الانتخابية للرئيس سعيد بدأت منذ مدة، وهو الآن يقوم بحملة غير مباشرة من خلال ما يعلنه في لقاءاته مع الوزراء”.
وأضاف لـ”العرب” أن “الموضوع شائك والرئيس يباشر مهامه، لكنه لم يعلن إلى حدّ الآن هل سيترشح للانتخابات الرئاسية أم لا، ونحن نطالبه بتوضيح ذلك بشكل رسمي وصريح بدل أن يبقى في المنطقة الضبابية، مع عدم استعمال أجهزة الدولة في حملته الانتخابية”.