صدام حفتر في واغادوغو لتعزيز التعاون مع تحالف دول الساحل

واغادوغو – تعكس الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس أركان القوات البرية التابعة للجيش الوطني الليبي اللواء صدام حفتر إلى بوركينا فاسو عن مساعي قائد الجيش المشير خليفة حفتر لتعزيز التعاون العسكري مع تحالف كونفدرالية دول الساحل التي تشكلت مؤخرا.
ووفق بيان نشرته شعبة الإعلام الحربي عبر صفحتها على فيسبوك مساء الثلاثاء فقد "وصل اللواء صدام خليفة حفتر إلى واغادوغو، في زيارة رسمية إلى بوركينا فاسو بصفته مبعوثا من القائد العام للقوات المسلحة المشير أركان حرب خليفة أبوالقاسم حفتر".
والتقى صدام حفتر فور وصوله، بالرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري في مقر الرئاسة البوركينية بالعاصمة واغادوغو.
ولم يكشف البيان تفاصيل أكثر عن الزيارة التي يعتقد البعض أنها جاءت بتنسيق روسي مع قائد الجيش الليبي والرئيس البوركيني الانتقالي، حيث تبذل موسكو جهودا منذ فترة لتعزيز التعاون بين حلفائها في أفريقيا في مواجهة الضغوط الغربية، وهو ما يثير حفيظة الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي ترى في ذلك تهديدا لمصالحها الاستراتيجية في منطقة البحر المتوسط والساحل الأفريقي.
والسبت الماضي، وعلى وقع استكمال واشنطن عملية سحب جنودها من قاعدة نيامي العسكرية، قررت الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر الانفصال عن تكتل دول غرب أفريقيا، خلال قمة في العاصمة النيجرية نيامي تشكيل كونفدرالية للتنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي بينها، أطلقت عليها كنفدرالية دول الساحل وحظيت بدعم من روسيا.
وأفادت وسائل إعلام محلية مساء الثلاثاء نقلا عن مصادر مطلعة على الأمر بأن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متزايدة، مما يجعل التعاون المشترك ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار والسلام.
وأضافت المصادر أن الجانبين ناقشا سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وأشارت إلى أن هذه الزيارة تُعد جزءا من الجهود المستمرة لليبيا في تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية وتوسيع نطاق التعاون في مختلف المجالات لتحقيق مصالح مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
والزيارة الرسمية لصدام حفتر إلى بوركينا فاسو التي تعد الأولى له منذ تكليفه برئاسة أركان القوات البرية التابعة للجيش الليبي بموجب قرار أصدره المشير خليفة حفتر في منتصف مايو الماضي، يعتقد أن روسيا تقف وراءها حيث تسعى موسكو إلى ترسيخ نفوذها في ليبيا ومنطقة الساحل.
وعزّزت روسيا في السنوات الأخيرة تعاونها بشكل كبير مع عدد من دول أفريقيا خاصة في المجال العسكري التقني، وهي دول كانت تحت وصاية الغرب لكنها باتت اليوم موقع قواعد عسكرية روسية.
وتحدثت وسائل إعلام غربية في مايو الماضي عن وصول نحو 1500 مقاتل من القوات الروسية النظامية إلى شرق ليبيا، في إطار الخطة الروسية لاستبدال مجموعة فاغنر بعناصر من الفيلق الأفريقي.
ومن غير المعروف ما إذا كانت روسيا ستبقي على عناصر فاغنر المنتشرين منذ نحو أربع سنوات شرق ليبيا وجنوبها، والذين يتجاوز عددهم الألفي مقاتل، أم أنها ستقوم بسحبهم بعد وصول القوات النظامية.
وكان وصول قطعتين حربيتين روسيتين "في زيارة عمل" إلى قاعدة طبرق البحرية شرق البلاد الشهر الماضي وفق ما أعلنت رئاسة أركان القوات البحرية التابعة للجيش الليبي أحدث إشارة على حجم التقارب اللافت بين موسكو والسلطة في شرق ليبيا في ظل مساع روسيا لتعزيز وجودها في أفريقيا والتمدد انطلاقا من البوابة الليبية، لكن تحركها يثير قلقا غربيا.
وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر تحدث مؤخرا عن الجهود التي تبذلها روسيا "لتعميق موطئ قدمها في ليبيا، واستخدامها كقاعدة لمزيد من زعزعة استقرار منطقة الساحل" مشيرا لوجود " ما يقرب من 1800 فرد بقوة مدعومة من موسكو موجودة حاليا في ليبيا".
وتأتي زيارة القطعتين البحريتين بعد أسبوعين من زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى بنغازي برفقة وفد حكومي رفيع وهي الخامسة منذ شهر أغسطس الماضي، وسط حديث عن رغبة موسكو في إعادة هيكلة وجودها العسكري في ليبيا ضمن مشروع عسكري باسم الفيلق الأفريقي الذي يضم ليبيا إلى جانب عدة دول أفريقية يوجد فيها مقاتلو فاغنر.
كما تأتي ضمن ترتيبات مسبقة بين يفكيروف وقائد الجيش الوطني الليبي لمناقشة اتفاق مشترك بين الجانبين وإمكانية أن يتضمن توقيع مذكّرة تفاهم في مجال الدفاع وتحديدا تقديم تدريبات روسية عسكرية لنخبة من قوات حفتر على أسلحة روسية متطورة.
وعلى الرغم من إعادة افتتاح سفارتها في طرابلس تميل موسكو في سياساتها مع ليبيا إلى التحالف مع المشير حفتر الذي تربطها معه علاقات وطيدة، حيث قدمت موسكو الدعم العسكري للجيش الليبي من خلال مجموعة فاغنر خلال هجومه على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020، وكذلك تمركزت دفعات من عناصر فاغنر في مواقع عسكرية خاضعة لسيطرته، كقاعدة الجفرة، وسط جنوب البلاد، وقاعدة الخروبة، شرقيّ البلاد.
ويثير هذا التقارب مخاوف غربية متزايدة، بعدما انحسر النفوذ الفرنسي في القارة الافريقية واستغلت روسيا ذلك حيث عملت على استمالة المجالس العسكرية التي قادت انقلابات في بلدان مثل النيجر ومالي ونشرت ستة آلاف من المرتزقة في دول افريقية، فيما يسعى الفيلق إلى زيادة العدد في أفريقيا مستقبلا ليصل إلى 40 ألف متعاقد.