جزائريون يتهافتون على الترشح للرئاسية.. ماذا عن عقبة التزكيات

الجزائر – أعلنت السلطة الجزائرية المستقلة للانتخابات، الأحد وصول عدد الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقررة في 7 سبتمبر المقبل، إلى 34 شخصا، بعد قرار حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض، عدم المشاركة في السباق.
وبحسب بيان السلطة، التي تتولى عملية تنظيم والإشراف على الانتخابات، تتواصل عملية استقبال الراغبين في الترشح للسباق الرئاسي إلى منتصف الليل من يوم 18 يوليو الجاري.
وتتولى السلطة فحص والبت في ملفات المتقدمين حتى 27 يوليو الجاري، وهو تاريخ الإعلان عن القائمة النهائية للأسماء التي تم قبول ملفات ترشحها، قبل أن يتم رفع قائمة المترشحين المقبولين إلى المحكمة الدستورية للبت فيها بصفة نهائية.
ولم تكشف السلطة عن أسماء الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية، أو انتماءاتهم الحزبية أو السياسية، وهو ما يبعث إلى التساؤل حول جدية هؤلاء خصوصا وأن الترشح يستوجب توفر شروط معينة في المرشح من بينها جمع التزكيات، وهي عقبة قد تطيح بأغلب المرشحين.
وتشترط المادة 253 من قانون الانتخابات الجزائرية على صاحب الرغبة في الترشح الحصول على قائمة تتضمن 600 توقيع فردى لمنتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو برلمانية، أو تقديم 50 ألف توقيع فردى على الأقل للناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية ويجب أن تُجمع عبر 29 ولاية.
والجمعة، أعلن حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض، عدم المشاركة في السباق الانتخابي الرئاسي في الجزائر، بسبب رفض زعيم الحزب عثمان معزوز، ما سماه "المشاركة في التزوير الانتخابي".
وفتحت الهيئة العليا للحزب، التي اجتمعت الجمعة في دورتها الخامسة العادية، نقاشا طويلا حول هذه المسألة، واعتبرت أن الاجتماع الانتخابي المقبل "ليس رأس مال ولن يتم في ظروف سياسية صحية".
وهذا ما أوضحه رئيس الحزب في كلمته في افتتاح هذا اللقاء معلنا قراره بعدم الترشح في هذه الانتخابات، قائلا "ليس لدي أي طموح للترشح (...) رغم طلبات بعض الأصدقاء والناشطين".
وأضاف "قناعتي أن جلستنا ستشهد نقاشا هادئا ومسؤولا للخروج بقرار يشرف الحزب ومسيرته لحمايته والدفع به نحو غد أفضل".
وأكد أن "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي كان حاضرا دائما في الخطوط الأمامية للنضالات الديمقراطية، ظل مثابرا في الدفاع عن مصالح الأمة. نحن نحمل أنفسنا المسؤولية في كل قراراتنا".
ويرى معزوز أن "المأزق الجزائري هو أولا وقبل كل شيء انعدام الثقة، وليس هناك أي شيء عادل في هذه الانتخابات".
وأوضح "نعلم جميعا أن الحكومة اختارت عدم الانتخابات لتجديد حطام النظام بشراكة إسلامية محافظة تهيئ السرير للتجاوزات والانقسامات".
ويرى عثمان معزوز أن "هذه الانتخابات تزيد من تعقيد البلاد للأسباب نفسها التي أدت إلى تقادمها".
وقال "يجب أن تعلموا أن المشكلة ستكون أقل قبل 7 سبتمبر مما كانت عليه بعد 7 سبتمبر. سيتعين علينا إقناع المواطنين بالحفاظ على الأمل والتعبئة لإنقاذ البلاد من غرق سفينة معينة"
ووفق معزوز فإن "الانتخابات الرئاسية، التي من المفترض أن تكون من أهم الاستحقاقات في الحياة السياسية الوطنية، قبل شهرين من إجرائها، لا تثير أي اهتمام لدى الغالبية الساحقة من الجزائريين، الذين سقطوا في الفقر والعوز والتضخم الذي يفوق الجميع".
وتابع "المفارقة هي أنه بالإضافة إلى هذا الاضطراب العام، قبل عشرة أيام من إغلاق باب التقديم، نشهد غيابا فعليا للحملة السابقة للانتخابات حيث لا رسالة موجهة للمواطن سوى اذهب للتصويت... يتم تنظيم جمع التوقيعات بشكل مخزي من قبل الصيدليات المختبئة في ظلال الإدارات. ولا يحتسب إلا من له فضل الكلية المتداول".
وبينما اختار المجلس الوطني للتجمع من أجل الديمقراطية عدم المشاركة في الاجتماع الانتخابي المقبل، فإنه يدعو إلى الحوار ويتعهد "بتقديم مبادرة سياسية بعد الانتخابات الرئاسية".
و"التجمع" هو الحزب المعارض الوحيد من بين ثلاثة أحزاب معارضة أخرى، الذي اختار مقاطعة الاستحقاق الرئاسي، بينما قرر "حزب العمال" اليساري خوضه بزعيمته لويزة حنون، وللمرة الرابعة. ورشحت "جبهة القوى الاشتراكية"، وهي أقدم حزب معارض، سكرتيرها الأول يوسف أوشيش، فيما قدم "إخوان الجزائر" في "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، رئيسها عبدالعالي حساني.
ويأتي إعلان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عن عدم خوضه غمار المنافسات الانتخابية في الجزائر، بالتزامن مع تحركات تقوم بها الأحزاب الموالية للرئيس الحالي تبون، من أجل من مناشدته بإعلان ترشحه في الاستحقاقات المقبلة، في ظل تأخر إعلان تبون عن هذه الخطوة.
وفي هذا السياق، إلى أن صحيفة "الغارديان" البريطانية، كانت قد نشرت تقريرا في أواخر يونيو الماضي، أكدت فيه وجود قيود على الإعلام والصحافة في الجزائر، مشيرة إلى أن هذه القيود هي التي وقفت أمام انتشار أخبار الاحتجاجات التي عرفتها منطقة تيارت الجزائرية بسبب شح المياه في الثامن من يونيو الماضي.
كما أن تقارير إعلامية دولية، قالت مؤخرا إن الفترة الرئاسية لتبون التي اتسمت بالهدوء الاجتماعي في الجزائر، تضررت مؤخرا بسبب الاحتجاجات التي تعرفها مناطق في البلاد جراء ما يُعرف بـ"أزمة الماء"، والتي تبقى هي من أسباب تأخر إعلان تبون عن ترشحه لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المقبلة بالبلاد المقررة في سبتمبر.
وحسب ذات المصادر، فإن الاحتجاجات التي تعرفها ولايات منطقة تيارت غربي البلاد، لازالت مستمرة، وقد تجددت مرارا، مما يُهدد باضطرابات اجتماعية لم تكن متوقعة أو في حسبان النظام الجزائري، وخاصة أن تبون يستعد لإعلان ترشحه لولاية أخرى في الانتخابات المقبلة.
وأضافت التقارير، أن تبون حاول خلال السنوات الأخيرة، أن يبني صورة "الجزائر الجديدة"، وحاول في الشهور الأخيرة أن يُعدد المكاسب التي جنتها البلاد خلال فترته، غير أن الاضطرابات التي عرفتها منطقة تيارت أصبحت تُشوش، وتُهدم في الوقت نفسه، ما حاول تبون أن يُقدمه على نفسه كـ"صورة إيجابية".
وكان تبون أعلن في شهر مارس الماضي عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في السابع من سبتمبر المقبل، أي قبل ثلاثة أشهر من موعدها المقرر مسبقا.