جعجع: لبنان مخطوف.. والتيار الحر إحدى مصائب لبنان

بيروت - جدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اتهامه لحزب الله باختطاف القرار في لبنان، ورهن البلاد خدمة لأجندة إيران، منتقدا مواقف باقي الأطراف اللبنانية ولاسيما التيار الوطني الحر الذي قال عنه إنه “إحدى مصائب لبنان الثلاث”.
ويعد جعجع أحد أبرز الزعماء السياسيين المعارضين في لبنان لسياسات حزب الله ومحور الممانعة الذي يقوده، وسبق أن انتقد رئيس حزب القوات زج الحزب للبنان في الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل في غزة، لما لها من تداعيات خطيرة على استقرار بلد منهك جراء التجاذبات السياسية والأزمة المالية.
وقال جعجع، في مقابلة مع قناة “أم تي في” اللبنانية، “باستثناء فلسطين وإسرائيل، المعنيّتين مباشرة بما يحصل، تضم جامعة الدول العربية اثنتين وعشرين دولة ، فلماذا يتم توريط لبنان وحده في هذا الوضع؟ وأضاف “الجواب بسيط، لأن قرار البلد مخطوف وشعبه مخطوف، وقدما حزب الله في لبنان، لكنه قلبا وقالبا في إيران، واعتباراته وإستراتيجيته تأخذان بعين الاعتبار مصالح الجمهورية الإسلامية في إيران وليس مصالح لبنان، فهل يجوز هذا الأمر؟”.
وأشار إلى أن حزب الله يعترف بأنه هو الذي بدأ بالعمليات العسكرية في الجنوب بحجة مساندة غزة، علما أنه قبل ذلك لم تحصل أي أحداث في الجنوب. على أية حال “اليوم المطلوب تطبيق القرار 1701، فما المشكلة بانتشار الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل؟ فهو حاليا موجود اليوم صُورياً في الجنوب، بدل أن يكون وجوده فعليا وفاعلا، ويتسلم الأمن ويتولى مهماته كاملة ونكون جميعا وراءه”.
رئيس حزب القوات يؤكد أن حزبه منفتح على الحوار، لكنه يرفض مصادرة رئاسة مجلس النواب لرئاسة الجمهورية
وسأل جعجع “إذا سلّمنا بفرضية عدم توسع الأمور العسكرية أكثر من هذا، علماً أن أحداً لا يعلم، فلماذا نتحمل كل هذه الخسائر؟ وإذا كان استلام الجيش اللبناني الوضع في الجنوب غير سَوي، فهذا يعني أنه لم يعد هناك من شيء سَوي في البلد. المشكلة الوحيدة لعدم تراجع الحزب في الجنوب تتمثل في انعدام قدرته على القيام بالدور الذي يقوم به الآن، فهل يجوز وقف البلد كرمى لدور إيران؟ إنها جريمة كبرى ترتكب بحق الشعب الجنوبي أولاً وبالتالي بحق الشعب اللبناني”.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل منذ الثامن من أكتوبر الماضي إطلاق النار، وذلك بعد يوم من هجوم حركة حماس الفلسطينية على المستوطنات المحيطة بغزة، والذي نتجت عنه حرب إسرائيلية مدمرة على القطاع الفلسطيني المحاصر منذ سنوات.
واتخذت المواجهة بين حزب الله وإسرائيل منحى خطيرا في الأسابيع الأخيرة بعد خسارة الحزب الموالي لإيران اثنين من أبرز القادة الميدانيين، وسط دعوات في الداخل اللبناني إلى ضرورة إنهاء التصعيد، لكن لا يبدو أن الحزب مبال بتلك الأصوات.
ويرى مراقبون أن تصعيد حزب الله رهين موقف إيران، التي تأمل في أن تحقق مكاسب من خلال الحرب الدائرة في غزة، دون أن تهتم بتداعيات الوضع على لبنان أو المنطقة بشكل عام.
وأكد رئيس القوات أنه “طالما هناك حراس لا ينعسون، فلا قدرة للحزب على لعب أي لعبة، وكما لم ينعس الحراس بموضوع الرئاسة ويسهرون عليه، الأمر مشابه في سائر الملفات”.
ورأى أن “الرئيس نجيب ميقاتي رئيس حكومة ويتصرف وفقاً لرأي الأكثرية الحكومية، ولو كنت مكانه لا أقبل بكل هذه المهمة. الكارثة الكبرى في الحكومة هي أنها حكومة ممانعة من جهة وحكومة التيار الوطني الحر من جهة أخرى”.
وأشار إلى أنه لا يحب غش الناس “ولا غش أنفسنا، فنتيجة 8 أشهر من القتال حتى الآن 400 إلى 500 قتيل على الأقل، وكم سمعنا مرارا في السنوات الأخيرة أن لدى حزب الله مضادات للطيران وما شابه، لكن الواقع أثبت أن هذا الكلام غير صحيح، ولا يجوز غش الشعب، علما أن لا توازن قوى بين حزب الله وإسرائيل”.
وقال “بغض النظر عن المصيبة التي نحن فيها، في حال شن حرب على لبنان، سنكون مع الدولة اللبنانية بما تبقى منها. حزب الله لديه مشروع لا علاقة له بلبنان وكل ما يحصل الآن خير دليل على ذلك”. وتساءل “أي أولوية لبنانية هي التي استدعت بدء العمليات العسكرية في الجنوب؟ وبماذا أثّرت جبهة لبنان بعد مرور هذه الفترة الطويلة على حرب غزة؟”.
وحول رأيه في المواقف الأخيرة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي حينما حاول ترطيب الأجواء مع المجلس الأعلى للشيعة على خلفية تصريحات له وصف فيها العمليات في الجنوب بالإرهابية، قال جعجع “حتى لو أزعجني موقف البطريرك الراعي فهذا موضع بحث بيني وبينه، وهو عندما تناول مسألة الإرهاب كان يتحدث بشكل عام، لكنهم تمسكوا بكلمة وشنّوا حرباً على غبطته. إنها طريقة الكنيسة في التعاطي مع الموضوع، طريقة المحبة ومحاولة لم الشمل، ولا يمكن محاسبة البطريرك كفريق سياسي، إنما يجب التعاطي معه من خلال موقعه”.
وكان جعجع قد غاب مؤخرا عن لقاء دعا إليه البطريرك الراعي في بكركي بمناسبة زيارة مبعوث الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وحاولت قوى سياسية على غرار التيار الوطني الحر الإيحاء بأن القرار له بعد سياسي، خصوصا وأن اللقاء يستهدف تبديد التوتر بين القيادات المسيحية وجمعها على كلمة واحدة.
حزب الله يعترف بأنه هو الذي بدأ بالعمليات العسكرية في الجنوب بحجة مساندة غزة، علما أنه قبل ذلك لم تحصل أي أحداث في الجنوب
وقال زعيم القوات “لقاء بكركي بروتوكولي، وقد أرسلتُ ممثلا هو النائب بيار بوعاصي، لأنني اتخذ الكثير من الإجراءات الأمنية لاسيما في هذه المرحلة، خصوصا في مناسبات معروفة مسبقا إلى هذا الحد”.
ولفت إلى أن “لكل شخصية من القيادات المسيحية سياسته وممارساته ونظرته، المتقاربون متقاربون ومتفاهمون، والمتباعدون متباعدون، وإذا حضرنا اللقاء لساعة أو ساعتين وبعدها رحل بارولين إلى الفاتيكان، فهل سيصبح جبران باسيل ملاكاً أم سأصبح أنا شيطاناً؟”.
واعتبر جعجع أن “التيار الوطني الحر من مصائب لبنان الثلاث وأدعوه إلى إعادة قراءة كل ما حدث معه، وبالتالي معيب ما يقولون ويفعلون”.
أما عن اتهام القوات بأنها ترفض الحوار لحل الخلافات العالقة لاسيما في علاقة بانتخاب رئيس للجمهورية فأكد جعجع “نحن لم نرفض الحوار يوماً، نحن نتحاور يومياً مع الجميع، من الاعتدال الوطني والحزب التقدمي الاشتراكي إلى كتلة التنمية والتحرير، وحدِّث ولا حرج عن نواب المعارضة، نحن أول الناس مع الحوار، لكننا نرفض مصادرة رئاسة مجلس النواب لرئاسة الجمهورية”.
ويعاني لبنان منذ نحو ثلاث سنوات من فراغ في سدة الرئاسة نتيجة انقسام البيت المسيحي. وهو ما استغله الثنائي الشيعي، المتمثل في حزب الله وحركة أمل، لتكريس الفراغ عله يظفر بلحظة تمكنه من فرض من يريد.
وقال جعجع “قبل 7 أكتوبر الماضي عطلوا الانتخابات الرئاسية لأنهم لم يتمكنوا من جمع العدد الكافي لإيصال الرئيس الذي يريدون، وبعد 7 أكتوبر استمروا في هذه الخطوة لأنهم يريدون انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة. نحن جاهزون اليوم قبل الغد وليتفضل الرئيس نبيه بري ويدعو إلى جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية”.