معركة تركية مع التضخم رغم هدوئه المفاجئ

أنقرة - تنتظر السلطات التركية معركة مفتوحة وطويلة للسيطرة على التضخم الجامح رغم أن معدله عاود الهبوط بعد سلسلة طويلة من الارتفاع على مدار أشهر.
وتراجع مؤشر أسعار الاستهلاك الشهر الماضي للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر إلى 71.6 في المئة بفضل هدوء الطلب المحلي، وهو تباطؤ أسرع من المتوقع.
ويأتي تسجيل هذا الرقم بعد الذروة التي بلغها التضخم في مايو عند 75.5 في المئة، فيما بلغ نمو أسعار المستهلكين الشهري وهو مؤشر التضخم المفضل لدى البنك المركزي 1.6 في المئة، حسب البيانات الرسمية التي نشرت الأربعاء.
وكان المحللون قد توقعوا تراجع التضخم السنوي إلى 72.6 في المئة في يونيو، وفقا لمتوسط تقديرات مسح أجرته وكالة بلومبيرغ مع ارتفاع مؤشر نمو أسعار المستهلكين الشهري 2.2 في المئة.
وتشير الإحصائيات إلى أن أسعار المستهلكين ستتخذ مسار التباطؤ الحاد على الأرجح خلال أشهر الصيف المقبلة.
ويشعر المسؤولون بالتفاؤل بأن هذا التباطؤ سيمثل بداية تراجع سريع للتضخم في أعقاب دورة تشديد نقدي قوية شهدت رفع سعر الفائدة الرئيسي بما يزيد على 40 نقطة مئوية إلى 50 في المئة خلال أقل من عام.
ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن التضخم قد يُنهي العام عند مستوى أعلى من توقعات المركزي البالغة 38 في المئة، مع تقديرات بتحقيق تباطؤ حاد في التضخم خلال يوليو وأغسطس مدفوعاً إلى حد كبير بارتفاع قاعدة المقارنة مقارنة بمستواه في 2023.
وقال محللو دويتشه بنك، بمن فيهم كريستيان فيتوسكا، في تقرير “وصل التضخم في تركيا إلى ذروته، ونتوقع تراجعا قويا للتضخم خلال الأشهر المقبلة بفضل تباطؤ الطلب المحلي”.
وأضافوا أن مؤشر التضخم الرئيسي “قد يقترب من 50 في المئة” بحلول نهاية أغسطس المقبل.
ويراقب المستثمرون عن كثب وتيرة تباطؤ التضخم بينما يقبلون على شراء الأصول المحلية. وسيحدد مسار التضخم كذلك موعد عودة البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة.
وقدم صناع السياسات النقدية في البنك لهجة متشددة حتى الآن من خلال التحذير من أن نهجهم سيظل متشدداً “إلى حين حدوث انخفاض كبير ومستدام في الاتجاه الأساسي” للتضخم الشهري.
وقال وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، الاثنين الماضي إنه “من المهم” أن يتباطأ التضخم إلى أقل من 42 في المئة، وهو النطاق الأعلى لتوقعات المركزي لنهاية العام، ولكنه مايزال أعلى بحوالي ثمانية أضعاف من المعدل المستهدف الرسمي البالغ 5 في المئة.
ويتوقع خبراء بلومبيرغ إيكونوميكس تلعب التأثيرات الأساسية المواتية دورا كبيرا في تحركات التضخم على المدى القصير، خاصة في شهري يوليو وأغسطس، عندما يتراجع معدل التضخم بنحو 10 نقاط مئوية على أساس سنوي في كل شهر.
العديد من المحللين يؤكدون أن التضخم قد يُنهي العام عند مستوى أعلى من توقعات المركزي البالغة 38 في المئة
لكن الخبيرة الاقتصادية سيلفا بحر بازيكي تقول إنه فبينما ستنحسر أزمة التضخم في تركيا، فمن المرجح أن تظل مكاسب الأسعار المرتفعة كعقبة أساسية على المدى المتوسط.
وقالت “نعتقد بوصول معدل التضخم في نهاية العام إلى 43 في المئة، وهو أعلى بكثير من توقعات البنك المركزي البالغة 38 في المئة، ويفوق نطاق توقعاته التي تتراوح بين 32 و42 في المئة”.
أما محمد مرجان، كبير الاقتصاديين في بنك آي.أن.جيفي تركيا فيرى أن “التدهور في سلوك التسعير وثبوت تضخم الخدمات سيمثلان تحديين رئيسيين خلال الفترة المقبلة”، وتوقع ” إبقاء البنك المركزي على سياسته النقدية المتشددة”.
لكن ورغم انخفاض تقديرات التضخم في الأسواق، إلا أن توقعات الأسر لاتزال مرتفعة، حيث ترى أن التضخم سيصل إلى 71.5 في المئة بعد عام من الآن.
ومن الممكن أن يؤدي تغير التوقعات إلى زيادة الإنفاق إذا اعتقد المستهلكون أن التضخم سيتسارع بشكل أكبر في المستقبل. وقال البنك المركزي إن الطلب المحلي لايزال عند “مستويات تضخمية”.
وينعكس تأثير السياسات النقدية الأكثر تشددا على الاقتصاد، حيث انخفض مقياس نشاط التصنيع الصادر عن غرفة صناعة إسطنبول وأس آند بي غلوبال إلى أقل من علامة 50 نقطة على مدار ثلاثة أشهر، في ظل رفع الشركات لأسعار البيع في يونيو بأقل حد في أربع سنوات ونصف.
وسيكون التركيز أكثر على الجهود المالية المبذولة لاستكمال نهج المركزي. وقال إركان إرغوزيل المحلل في بنك باركليز، إن الإجراءات التوسعية، مثل خطة التقاعد المبكر والنمو القوي للأجور في بداية 2024، “خففت من تأثير تشديد السياسات النقدية”.