تونس تسعى إلى اللحاق بنجاحات تقنية 5 جي للاتصالات

تقدمت تونس خطوة أخرى في مجال البنية التحتية للاتصالات عبر فتح مزاد تطوير شبكة 5 جي والذي يشكل أحد أهم المبادرات التي طال انتظارها ضمن برنامج رقمنة الاقتصاد ودعم التنمية باعتماد أحدث التقنيات المتقدمة التي تعد بتحول جذري للبلد مستقبلا.
تونس- يركز صناع القرار الاقتصادي في تونس على ملاحقة محفزات زيادة المحتوى المحلي من خلال الاستفادة من نجاحات ثورة الجيل الخامس للاتصالات (5 جي) والتي باتت أمرا ضروريا رغم البطء في اعتمادها قياسا بدول كثيرة في المنطقة العربية.
ولتسريع خطوات دمج هذه التقنية المتقدمة، أعطت وزارة تكنولوجيات الاتصال قبل أيام الضوء الأخضر للمتنافسين لبناء الشبكة عبر فتح الباب أمام عطاءات الشركات العالمية.
وتأتي الخطوة في إطار إستراتيجية الدولة المتعلقة بتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعميم التغطية عالية التدفق على كامل أنحاء البلاد.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن الفائز في هذا المزاد خلال سبتمبر المقبل، وفق بيان أصدرته وزارة تكنولوجيات الاتصال الأحد الماضي.
ولإنجاح المسار أنشأت الحكومة لجنة خاصة، مكلفة بإعداد المراحل التحضيرية لتوفير خدمات اتصالات الجيل الخامس على أن تقوم باختيار الشركة التي ستتولى تطوير البنية التحتية قبل أن ترى النور فعليا مع مطلع عام 2025.
وسيكون الإطلاق الرسمي لتقنية الجيل الخامس في يناير المقبل، بمثابة مرحلة مهمة لقطاع الاتصالات بالبلاد. وتتضمن الاستعدادات أيضًا اختبارات ودراسات لضمان استجابة الشبكة لملاحظات المستخدمين من حيث الأداء والاعتمادية.
ورغم المطالبات خلال السنوات الماضية بتسريع تطوير تقنية الاتصالات، إلا أن الكثير من المتابعين يؤكدون أن هذه المبادرة تؤكد التزام تونس بالتواجد على قمة التكنولوجيا وتقديم أفضل الأدوات للمستخدمين في سوقها من أجل مستقبل متصل.
وكان وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي قد أعلن في مارس الماضي عن إطلاق خارطة طريق بشأن البنية التحتية لهذه التكنولوجيا ومراحل إسناد التراخيص وتسويق الخدمة.
وأكد خلال ورشة عمل أقيمت بالعاصمة تونس للكشف عن تفاصيل هذه الخطوة أن العمل على الإعداد التقني للانتقال من خدمة الجيل الرابع للاتصالات إلى الجيل الخامس تم “بطريقة دقيقة ومدروسة”.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن بن ناجي قوله حينها إنه “مع نهاية العام 2024 سيحصل التونسيون على خدمات الجيل الخامس للإنترنت”.
وتقنية 5 جي أكبر بوابات التحول التكنولوجي في الفترة المقبلة لأنها ستضاعف سرعة نقل البيانات عشرات المرات من خلال سرعات اتصال فائقة ووقت استجابة أقل وهي أمور ضرورية تفتح معها الأبواب لعهد الثورة الصناعية الرابعة وتطوير قطاع الابتكار.
وبالإضافة إلى ذلك، ستدعم التقنية تطبيقات إنترنت الأشياء (أي.أو.تي) وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والتي تعد إضافة قيمة إلى القطاعات الصناعية والتجارية والمالية بالإضافة إلى الأفراد.
وتبدو تونس متأخرة في دمج هذه التقنية قياسا بالعديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة بلدان الخليج العربي، التي عملت شركاتها التي تعمل في قطاع الاتصالات على تعزيز الشبكة بما يرقى بتطلعات التحول الرقمي.
والكويت من أوائل الدول بالمنطقة العربية التي أطلقت هذه التقنية الحديثة للاتصالات في يونيو 2019 بالتعاون مع هواوي إلى جانب البحرين والإمارات والسعودية وقطر، التي تعاونت أيضا مع الشركة الصينية، ثم سلطنة عمان وبعد ذلك مصر والأردن.
32
مليون دولار الكلفة التقديرية لمشروع بناء الشبكة، وفق منصة أفريقيا تيليكوم ريفيو
ويشكل قرار منح ترخيص 5 جي بأسعار معقولة تقدما إستراتيجيا بالنسبة إلى تونس، كما أنها تفتح الطريق نحو الاستثمارات المتراكمة في البنية التحتية للاتصالات والابتكارات التكنولوجية التي تحفز الاقتصاد بشكل عام وتحسّن نوعية حياة التونسيين.
وعلى عكس ترخيص الجيل الرابع في العام 2016، والذي تكلف 155 مليون دينار (49.56 مليون دولار)، فإن ترخيص الجيل الخامس الجديد سيكون متاحا بأقل من 100 مليون دينار (32 مليون دولار) على الأرجح، وفق منصة أفريقيا تيليكوم ريفيو.
ويهدف هذا التخفيض في التكاليف إلى تسهيل اعتماد هذه التقنية في تونس، فضلا عن تمكين المشغلين من تقسيم الدفع على شريحتين، في عامي 2025 و2026، مع التخلي عن التزام البلدان بالترويج للابتكار وجعل التقنيات المتقدمة أكثر سهولة في الوصول إليها.
ويقول خبراء إن قرار خفض التكاليف إستراتيجي، وبالتالي يمكنه تشجيع المشغلين على الاستثمار في هذه التكنولوجيا الجديدة، وتسريع نشرها واعتمادها من قبل المستخدمين.
وأكدوا أن هذه التكنولوجيا المتقدمة تشكل أهمية بالغة للاقتصاد الرقمي في تونس، الذي يسعى إلى تعزيز قدرته التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.
وعلاوة على ذلك، فإن زرع تقنية الجيل الخامس في مناحي الحياة في البلاد يمكن أن تكون له آثار إيجابية على قطاعات اقتصادية مختلفة، مثل الصحة والتعليم والصناعة.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتطور الطب عن بعد بفضل الاتصالات الأكثر استقرارا وسرعة، في حين يتعين على المؤسسات التعليمية الاستفادة من أدوات تربوية جديدة تستند إلى الواقع الافتراضي والمعزز.
90.8
في المئة من التونسيين يستعملون الهواتف الجوالة و65 في المئة يمتلكون هواتف ذكية، و72 في المئة يستعملون الإنترنت السلكي
كما أن الصناعة، وقطاع الأعمال عموما، ستكون أكثر استجابة للتطور الحاصل في عمليات الإنتاج والمدفوعات وتطوير أساليب العمل على نحو يرتقي والتطور التكنولوجي عالي المستوى.
ويعمل في السوق المحلية حاليا ثلاثة مشغلين لشبكات الاتصالات العامة للهاتف المحمول من الأجيال الثاني والثالث والرابع، وهم اتصالات تونس، التي تملك الدولة 65 في المئة من أسهمها.
أما المشغل الثاني فهي شركة أورانج الفرنسية، التي بدأت العمل بالبلاد خلال أكتوبر 2009 إثر تحالف مع الشركة الأم وشركة تابعة لمجموعة المبروك.
وتتمثل الشركة الثالثة في أوريدو القطرية، التي دخلت السوق في 2013 بعد استحواذها على شركة تونيزيانا المحلية التي تأسست في 2002 باستثمارات خاصة.
بالإضافة إلى هؤلاء، ثمة العديد من مقدمي خدمات الإنترنت مثل أورانج تونس إنترنت وغلوبال نت وهيكسابايت وبي ونتي ونكست ستيب وتوب نت والوكالة التونسية للإنترنت (أي.تي.آي).
ووفقا لوزارة الاتصالات بلغ إجمالي عدد الاشتراكات في الهاتف المحمول بنهاية فبراير الماضي، أكثر من 16.25 مليون مع أكثر من 11.5 مليون مستخدم للإنترنت في البلاد أي ما يعادل 97 في المئة من سكان البلاد.
وتظهر بيانات الهيئة الوطنية للاتصالات أن 90.8 في المئة من التونسيين يستعملون الهواتف الجوالة و65 في المئة يمتلكون هواتف ذكية، و72 في المئة يستعملون الإنترنت السلكي (الهاتف المنزلي) و88 في المئة ينشطون على الشبكات الاجتماعية.