الإفراج عن مدير مستشفى "الشفاء" يثير ضجة في أروقة الحكومة الإسرائيلية

تل أبيب- دبت الفوضى في أروقة الحكومة الإسرائيلية الاثنين إثر إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بقطاع غزة الدكتور محمد أبوسلمية بعد اعتقال دام ثمانية أشهر.
وأطلقت إسرائيل صباح الاثنين سراح أبوسلمية بعد اعتقاله في الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي، وذلك ضمن 54 أسيرا أفرجت عنهم بسبب الاكتظاظ في سجونها.
وتبادل مسؤولون في الجيش والمخابرات وسلطة السجون ووزارة الأمن القومي اتهامات بشأن المسؤولية عن اتخاذ القرار، الذي تنصل منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
واعترضت المعارضة الإسرائيلية بشدة على قرار إطلاق سراح أبوسلمية، وهو طبيب أطفال، ودعت إلى إقالة المسؤول عن اتخاذه، وجددت دعوتها إلى استقالة الحكومة.
ووجهت المعارضة اتهامات بشكل مباشر إلى رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، وسط دعوات إلى إقالته من منصبه.
وأرجع “الشاباك” قرار إطلاق سراح أبوسلمية إلى حالة الاكتظاظ في السجون، محملا وزارة الأمن القومي، برئاسة إيتمار بن غفير، المسؤولية عن عدم اتخاذ خطوات لزيادة الأماكن في السجون.
وطبقا لمعطيات مصلحة السجون، فإنه يوجد 9 آلاف و623 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية.
وقال “الشاباك” في بيان “مؤخرا، صدر قرار بتغيير غرض منشأة ‘سدي تيمان’ (مركز احتجاز تابع للجيش – جنوب)، بحيث يتم احتجاز المعتقلين (من غزة) فيها لفترات قصيرة فقط”.
وأضاف “بناء على ذلك، طُلب من الشاباك والجيش، في أعقاب مناقشات قادها الجيش، العمل على إطلاق سراح عشرات المعتقلين لإخلاء أماكن الاعتقال”.
وتابع “الشباك”، “منذ نحو عام، ونحن نحذر كتابيا وشفاهيا من اكتظاظ السجون وضرورة زيادة عدد أماكن التوقيف، نظرا لضرورة اعتقال (المزيد) من الضفة الغربية وقطاع غزة”.
واستدرك “وللأسف، فإن هذه الطلبات، التي قُدمت إلى كافة الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الأمن القومي المسؤولة عن ذلك، لم تجد نفعا، ولم يزيد عدد أماكن الحبس بطريقة مناسبة”.
وأضاف “في ضوء رفض إطلاق سراح معتقلين من الضفة الغربية تقرر إطلاق سراح عدد من المعتقلين من غزة يشكلون خطرا صغيرا”.
وبخصوص أبوسلمية، قال “الشاباك”، “رغم أن مدير مستشفى الشفاء يستوفي جميع المتطلبات المتعلقة بمستوى الخطر الذي يشكله، إلا أنه سيتم التحقيق في إطلاق سراحه”.
وشدد على أنه “بدون حل فوري لنقص الأماكن في السجون، سيستمر إلغاء الاعتقالات وإطلاق سراح المعتقلين”.
إلا أن مصلحة السجون سارعت إلى نفي مسؤوليتها، ونشرت بشكل استثنائي صورة قرار إطلاق سراح أبوسلمية، وقالت إن القرار اتخذه “الشاباك” والجيش.
ونقلت إذاعة الجيش عن مصلحة السجون قولها إن “مدير الشفاء لم يُطلق سراحه بسبب اكتظاظ السجون، الجيش والشاباك هما مَن اتخذا قرار إطلاق سراحه. بسبب منشورات كاذبة، نحن مضطرون إلى الكشف عن أمر الإفراج عنه”.
وردا على ذلك، نشر مكتب وزير الدفاع غالانت توضيحا تنصل فيه من إطلاق سراح أبوسلمية.
وقال إن “إجراءات حبس الأسرى الأمنيين وإطلاق سراحهم تتم من جانب الشاباك ومصلحة السجون، ولا تخضع لمصادقة وزير الدفاع”، وفق الإذاعة.
ودعا وزير الأمن القومي بن غفير إلى إقالة رئيس جهاز “الشاباك” من منصبه. كما دعا زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس الى إقالة المسؤول عن إطلاق أبوسلمية، وجدد دعوته إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
وتنصل نتنياهو، في بيان، من أي مسؤولية عن قرار إطلاق سراح أبوسلمية، ووجّه بفتح تحقيق فوري في لأمر.
واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد، عبر منصة إكس، أن ما يجري هو تعبير عن حالة الفوضى في الحكومة.
وقال لابيد “الفوضى التي تشهدها الحكومة بشأن إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء هي استمرار مباشر لحالة الفوضى والتخبط التي تعاني منها الحكومة والتي تُضر بأمن الإسرائيليين”.
وأضاف “وزير الدفاع لم يعلم، ووزير الأمن القومي لم يتورط، وتبادل الاتهامات. تم تسريب كل شيء”.
ووفق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الاثنين، فإنه “قبل حوالي 3 أسابيع، أبلغت الدولة المحكمة العليا بأن المعتقلين الفلسطينيين في سدي تيمان إما سيتم نقلهم إلى مرافق احتجاز أخرى في إسرائيل أو إعادتهم إلى غزة”.
وجاءت هذه الخطوة على وقع تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية عن تعذيب وقتل أسرى من غزة في سجن سدي تيمان.
وقدمت منظمات حقوقية إسرائيلية التماسا إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإغلاق هذا السجن سيء السمعة.
وعقب إطلاق سراحه، قال أبوسلمية، في مؤتمر صحفي، إن “الاحتلال الإسرائيلي لم يوجه إليّ أي تهمة رغم محاكمتي ثلاث مرات”.
وتابع “تعرضنا لتعذيب شديد في السجون الإسرائيلية، والاحتلال يقتحم زنازين الأسرى ويعتدي عليهم بشكل شبه يومي”.
وأضاف “اعتدوا علينا بالكلاب البوليسية، بالهراوات، بالضرب، سحبوا منا الفراش والأغطية”.
ووفقا لأبوسلمية “لمدة شهرين لم يأكل أي من الأسرى سوى رغيف خبز واحد يوميا”.
وفي مايو الماضي، توفي الطبيب عدنان البرش في أحد السجون الإسرائيلية وقالت منظمات حقوقية فلسطينية إنه قضى تحت التعذيب.
إسرائيل أطلقت سراح مدير مستشفى الشفاء محمد أبوسلمية ضمن 54 أسيرا أفرجت عنهم بسبب الاكتظاظ في سجونها
وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، عن نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وتواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
كما تتحدى تل أبيب طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في غزة.
وقد فشلت جميع الجهود حتى الآن لوقف الحرب، وآخرها المبادرة التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن.