انتشار السيارات الكهربائية في السعودية يصطدم بندرة محطات الشحن

محطات الشحن تحتاج إلى بنية تحتية كبيرة لبناء شبكة تمتد على أنحاء البلاد.
الثلاثاء 2024/07/02
قلة محطات الشحن تمثل عائقا أمام إقبال المستهلكين

الرياض - يصطدم طموح السعودية بنشر أسطول من المركبات الكهربائية في طريق مسح بصمتها الكربونية بتحد أساسي يتعلق بندرة محطات الشحن، والتي تحتاج إلى بنية تحتية كبيرة لبناء شبكة تمتد على أنحاء البلاد.

وعند معاينة ذلك في شوارع العاصمة الرياض يبدو لهذا الأمر انعكاس على مستويين، الأول يتعلق بالسيارات، إذ تشير الإحصائيات إلى أن البلد لم يستورد سوى 779 مركبة كهربائية.

وبالنسبة إلى العامل الثاني فيتعلق بمحطات الشحن والتي لا يتجاوز عددها العشرون، منها ثماني محطات في مدينة الرياض.

وتمثل قلة محطات الشحن عائقا أمام إقبال المستهلكين على شراء طراز يعمل بالبطارية الكهربائية، لكن الجهات المعنية تتطلع لتحويل هذا التحدي إلى فرصة استثمارية للشركات.

واستنادا إلى تقرير نشرته شركة ماركيتس آند ماركيتس لأبحاث السوق مؤخرا، فإن هذا القطاعٍ الواعد البالغ حجمه عالميا 7.3 مليار دولار، يُتوقع أن يرتفع إلى 12.1 مليار دولار بنهاية هذا العقد.

ويعتبر الرئيس التنفيذي لشركة إيفيك محمد القزاز علاقة السيارات الكهربائية ومحطات الشحن أن هذه المعضلة شبيهة بمسألة من جاء أولا البيضة أم الدجاجة.

هايكو سيتز: تطوير البنية التحتية للشحن فرصة استثمارية هائلة
هايكو سيتز: تطوير البنية التحتية للشحن فرصة استثمارية هائلة

وقال خلال مقابلة مع بلومبيرغ الشرق “عندما بدأت الحكومة وضع الخطط المتعلقة بقطاع المركبات الكهربائية، وجدت أن مستويات تشييد البنى التحتية الملائمة عالميا، غالبا ما تكون متأخرة عن مستويات تبني السيارات الكهربائية، نظرا لارتفاع كلفتها الرأسمالية”.

وأوضح أن هذا يتجلى بأن عدد المحطات المتوفرة للمستخدمين على نطاق واسع، وخاصة محطات الشحن السريع، تقل بكثير عن تلبية احتياجات المركبات الكهربائية التي تسير على الطرق في معظم البلدان.

وفي محاولة لمواجهة هذه المشكلة، أطلقت السعودية في نوفمبر الماضي مشروع إيفيك المشترك بين صندوق الثروة وشركة الكهرباء الحكومية.

وتهدف الشركة إلى دعم التحول نحو السيارات الكهربائية في البلاد عبر توفير بنية تحتية، وإنشاء شبكة من نقاط الشحن السريع مع الوصول إلى 5 آلاف شاحن للسيارات الكهربائية بحلول 2030، موزعة على أكثر من ألف محطة، بحسب القزاز.

لكن هذا الرقم يقل بكثير عن عدد نقاط الشحن المطلوبة بحلول نهاية العقد الحالي، وفقا لمدير التنقل الكهربائي في شركة بي.دبليو.سي الشرق الأوسط هايكو سيتز.

واعتبر أن توفر محطات الشحن يُعد من أبرز التحديات التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية في السعودية.

وكشف خلال حديثه مع بلومبيرغ الشرق عن دراسة أجرتها شركته مؤخرا حول قطاع السيارات الكهربائية في السعودية والإمارات، بيّنت أن أكبر اقتصاد عربي سيحتاج لما لا يقل عن 60 ألف نقطة شحن بحلول 2030.

وقال سيتز إن هذه الحاجة للآلاف من محطات الشحن، وضرورة الإسراع في تطويرها، ستشكل “فرصة استثمارية” للشركات في سوق ضخمة كالسعودية “وهو ما بدأنا نشهد بوادره عبر لاعبين كبار على غرار شركتي إيفيك وإلكترومين”.

60

ألف محطة شحن تحتاجها البلاد بحلول عام 2030، بحسب تقديرات شركة بي.دبليو.سي

في أكتوبر 2021، أعلنت السعودية أن 30 في المئة على الأقل من المركبات في العاصمة ستكون كهربائية بحلول 2030، وبالتوازي مع ذلك ستنتج نصف مليون سيارة من خلال مصانع لوسيد وسير التي أُطلقت في نوفمبر 2022.

ولتحفيز زيادة نقاط شحن، يتوقع سيتز أن تلجأ السلطات إلى “فرض إدخال البنية التحتية الخاصة بهذه النقاط على المشاريع العقارية الجديدة قيد التنفيذ أو المخطط لها”.

أما قزاز، فلم يتحدث عن مسألة الإلزامية، لكنه لفت إلى هذا الجانب بكونه أحد أبرز النقاط الجاري مناقشتها.

وأشار إلى أن إيفيك تعمل على عقد شراكات مع المطورين العقاريين والهيئات الحكومية والبلديات، إضافة إلى لوسيد وسير، من دون أن يحدد طبيعة هذه الشراكات.

وسبق أن نقلت صحيفة “الاقتصادية” السعودية عن مصادر مطلعة، لم تسمّها، قولها إن “ثمة توجها لإلزام محطات الوقود، خاصة التي تقع على الطرق السريعة، بتأمين مرافق وأجهزة لشحن السيارات الكهربائية”.

وعلاوة على نقاط الشحن، فإن انتشار هذا الصنف من المركبات يخضع لعاملين آخرين مهمين، وفق سيتز، الأول يتمثل بكلفة امتلاكها مقارنة بسيارات البنزين والديزل. ويحتسب هذا المؤشر ضمنا كلفة السيارة فضلا عن سعر الطاقة، والتأمين، والحصول على تمويل.

رغم انخفاض أسعار الطاقة، إلا أن أسعار السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط لا تزال "مضخمة بشكل مصطنع"

ويشير سيتز إلى أن هذه الكلفة في أوروبا مثلا تميل لصالح السيارات الكهربائية بنسبة 15 في المئة، دون احتساب وسائل الدعم التي تقدمها الحكومات بمختلف سلاسل إمداد واستخدام المركبات الكهربائية.

ورغم انخفاض أسعار الطاقة، إلا أن أسعار السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط لا تزال “مضخمة بشكل مصطنع”، بحسب سيتز.

ويظهر اختلاف السعر من خلال المنصة الإلكترونية لشركة تسلا، فطراز موديل 3 المزودة بنظام الدفع رباعي، وبمدى 528 كيلومترا يبلغ 59.9 ألف دولار في الإمارات. أما في الولايات المتحدة، فيبلغ سعر السيارة نفسها 42.5 ألف دولار.

أما العامل الثاني، فمحدودية الخيارات، إذ يوضح سيتز أن 15 في المئة من طرازات السيارات الموجودة في أوروبا كهربائية، في حين أن النسبة بالشرق الأوسط تصل إلى 5 في المئة، ما يعني وجود خيارات ومنافسة أقل في أسواق المنطقة.

ورغم التحديات، فإن مشهد السيارات الكهربائية في السعودية يبدو واعدا، فقد أشارت دراسة بي.دبليو.سي إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية حاليا لا تتعدى 1.5 في المئة من إجمالي السوق، لكنها قد تنمو إلى 65 في المئة بحلول 2035.

وثمة عامل خارجي يلعب دورا في تسريع انتشار السيارات الكهربائية في السعودية يتمثل بالطرز الصينية، حيث تبحث الشركات عن أسواق لتعزيز مبيعاتها خاصةً بالشرق الأوسط، وسط الحرب التجارية الدائرة بهذا القطاع بين بكين والغرب.

ويرجح سيتز أن تكون هناك زيادة في توافر نماذج السيارات الكهربائية الأرخص ثمنا بأسواق المنطقة، ومن ضمنها السعودية، خلال الأشهر المقبلة، لاسيما المركبات القادمة من الصين التي تمتاز بتنوع طرازاتها وتنافسية أسعارها.

10