رهان مصري كبير على نتائج مؤتمر الاستثمار الأوروبي

تمويلات غربية ميسرة لا تشترط إجراءات قاسية مثل صندوق النقد الدولي.
الاثنين 2024/07/01
كل يدافع عن مصالحه

ترجمت مصر جهودها نحو إيجاد حلول مستمرة لتدفق العملات الأجنبية بعقد مؤتمر الاستثمار المشترك مع أوروبا، لتلقي تمويلات ميسّرة وسريعة وغير مشروطة كنظيرتها من صندوق النقد الدولي، والتوسع في مشاريع تجد قبولا مشتركا من الجانبين.

القاهرة - سعت مصر لجذب تمويلات كبيرة كأحد ثمار انعقاد مؤتمر الاستثمار المصري – الأوروبي على أرضها كي تساعدها على تلبية احتياجاتها المستمرة من العملات الصعبة، حيث حقق نتائج اقتصادية وسياسية جيدة لها كشريك محوري للتكتل في المنطقة.

وتراهن القاهرة على أن يكون المؤتمر نافذة لتدفق العملات الأجنبية من اتجاهين، الأول تمويلات للحكومة لمشاريع الطاقة النظيفة بالشراكة مع أوروبا، إلى جانب التمويلات التنموية، والثاني تمويلات لدعم القطاع الخاص وتمكينه باللعب على ورقة الاقتصاد الأخضر.

وقال مجلس الوزراء المصري الأحد إن “صندوق مصر السيادي وقّع أربع اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء مع عدد من المطورين الأوروبيين بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 33 مليار دولار”.

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي في افتتاح المؤتمر السبت الماضي أن العلاقات بين الطرفين تشهد تطورا إيجابيا بشتى مجالات التعاون، وأن المؤتمر رسالة ثقة ودعم من الاتحاد الأوروبي لاقتصاد البلاد.

وبعثت كلمات السيسي برسالة طمأنة لبروكسل وجهات التمويل المختلفة، كي توفر التمويلات للقطاع الخاص الذي يعمل دون مزاحمة من الحكومة، وأن التكتل الشريك الأقرب إلى مصر لأن قروضه ميسرة بشكل كبير، وهي تتبنى إجراءات أكثر مرونة من صندوق النقد الدولي.

ولا يشترط الاتحاد قرارات قاسية تنهك الطبقات الفقيرة أو إجراء مراجعات لبرامج الإصلاح الاقتصادي مثل الصندوق، ولكنها شراكات ومتابعة للمشاريع عمليًا.

أيمن رضا: المؤتمر شكل فرصة لزيادة التمويلات للقطاع الخاص
أيمن رضا: المؤتمر شكل فرصة لزيادة التمويلات للقطاع الخاص

ويرى خبراء أن نتائج المؤتمر تعزز تمويل القطاع الخاص المصري، وليس الحكومة فقط، وتم طرح أدوات تمويل متنوعة عبر مؤسسات تمويل أوروبية متباينة.

وكشفت مصادر حكومية لـ”العرب” أنه يتم التفاوض مع البنك الأوروبي على تقديم برامج تمويل تشجع استثمارات الشركات الخاصة في مصر، بخلاف ضمانات استثمار يوفرها التكتل للقطاع الخاص والمقدرة بنحو 1.8 مليار يورو.

ويركز الاتحاد الأوروبي على ضرورة تمكين القطاع الخاص المصري، ولذا بذلت الحكومة جهودا خلال الفترة الماضية لمساعدته وتفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة وهو ما كان له أثر في تسريع خطوات برنامج الإصلاح التي ترتبت عليها تمويلات من جهات تمويل مختلفة.

واستعدت القاهرة جيدا للمؤتمر لتخرج منه بأكبر مكاسب، فدعّمت القطاع الخاص بمنصة حافز للدعم المالي والفني، وسد الفجوة المعلوماتية للشركات.

كما استهدفت تعزيز الاستفادة من الآليات والأدوات التمويلية التي يتيحها شركاء التنمية الأوروبيون للقطاع الخاص المصري بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي.

وأكد أيمن رضا الأمين العام لجمعية مستثمري العاشر من رمضان أن المؤتمر جاء كجزء من الشراكة الشاملة بين الجانبين وباعتبار مصر أهم شريك تجاري لها، حيث يستحوذ الاتحاد الأوروبي على 25 في المئة من حجم التبادل التجاري مع الخارج.

وبلغت قيمة التبادل التجاري نحو 31.2 مليار دولار العام الماضي، وتعد مصر ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد في المنطقة العربية، برصيد استثمار متراكم قدره 38.8 مليار يورو، تمثل 39 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.

وقال رضا لـ”العرب” إن “المؤتمر يعزز من تمويل القطاع الخاص عبر توطيد العلاقات مع الاتحاد ومؤسساته لتوجيه منح وقروض ميسّرة للمناطق الصناعية في مصر تحت بند تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تتم عبر تفعيل الاقتصاد الأخضر”.

وبلغت قيمة استثمارات دول الاتحاد الأوروبي بمصر في العام المالي قبل الماضي، فقط نحو 8.2 مليار دولار مقابل 3.2 مليار دولار في العام المالي السابق له بنسبة ارتفاع قدرها 156.3 في المئة.

كما بلغت قيمة استثمارات البنك الأوروبي الذي يهتم بتمويل العديد من مشاريع القطاع الخاص خلال 2023 نحو 1.3 مليار يورو في 178 مشروعا، وتوجه منها نحو 96 في المئة منها للقطاع الخاص.

وأشار رضا إلى أن أيّ تمويلات أجنبية تدخل خزينة الدولة تعزز العملة الأجنبية، كما أن المؤتمر رسّخ التعاون الاقتصادي مع التكتل، بما في ذلك مجالات التجارة والاستثمار وتطوير البنية التحتية في مشاريع النقل والطاقة والتكنولوجيا.

فؤاد ثابت: الاتحاد الأوروبي يتعامل مع مصر بمرونة وسخاء
فؤاد ثابت: الاتحاد الأوروبي يتعامل مع مصر بمرونة وسخاء

ورغم توقيع اتفاقيات باستثمارات كبرى في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بلغت نحو 43 مليار دولار، لكن تلك المشاريع وتمويلاتها تأتي خلال الأجل الطويل.

وتهدف القاهرة إلى الحصول على تمويلات عاجلة وميسّرة، مثل الاتفاق الذي تم توقيعه بقيمة مليار يورو مع الاتحاد الأوروبي لمساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة، والتسهيلات التي يحصل عليها القطاع الخاص.

وأكد فؤاد ثابت رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية السابق بالقاهرة أن انعقاد المؤتمر كان نافذة مهمة لاستمرار تدفق العملات الصعبة لمصر، والهدف منه جذب تمويلات عاجلة لتعزيز رصيد العملات الأجنبية في مصر.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنه هدف كذلك إلى زيادة الابتكار والريادة الاقتصادية وخلق فرص عمل، وهو هدف يسعى الممولون الأوروبيون لتحقيقه وتلبية متطلباتهم الأساسية بالحد من الهجرة إلى أوروبا.

وعوّلت الحكومة المصرية على المؤتمر كثيرا لإطلاع كبار صانعي السياسات وقادة الأعمال المؤثرين على الفرص الاستثمارية الواعدة من خلال برنامج الطروحات الحكومية التي تنوي تفعيلها الفترة المقبلة.

ولفت ثابت إلى أن الاتحاد يتعامل مع مصر بمرونة وسخاء، حتى لا تتكرر تجربة العقد الماضي بتدفق المهاجرين نحو أوروبا، ويدعم القاهرة لاحتوائهم.

وخلف التعاون بين الطرفين تاريخ طويل من العلاقات المميزة، تمت صياغة أُطرها من خلال توقيع عديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، ومن بينها اتفاقية الشراكة الأوروبية التي تم توقيعها عام 2001 ودخلت حيز التنفيذ عام 2004، وتم بموجبها إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوروبي.

وشهدت العلاقات زخما متراكما مدفوعا بجهود القاهرة، حيث تم توقيع وثيقة أولويات الشراكة 2022 – 2027 وتعتبر إطارا للتعاون بين الجانبين للمساهمة في حل النزاعات وبناء السلام وتعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي.

وعلاوة على ذلك، مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية في البحر المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، من خلال التركيز على مجالات واعدة منها التنقل الذكي والتنقل الآلي والإلكتروني، والرقمنة والاقتصاد الأخضر.

كما تضمنت الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي بمقتضاها وقع الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي سلسلة اتفاقيات مع مصر، وبحزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو على مدى أربعة أعوام، تشمل قروضا واستثمارات والتعاون في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.

11