الدعم السريع تضيق الخناق على البرهان بعد السيطرة على عاصمة سنار

الخرطوم – حققت قوات الدعم السريع انتصارا جديدا من خلال بسط سيطرتها التامة مساء السبت على عاصمة ولاية رئيسية في جنوب شرق السودان، بعد اشتباكات مع الجيش ما دفع بالآلاف إلى الفرار بحسب ما أفاد شهود.
وأعلنت قوات الدعم السريع على منصة إكس أن قواتها سيطرت على الفرقة 17 مشاة التابعة للجيش في مدينة سنجة بولاية سنار التي تعتبر مركزا اقتصاديا مهما بالبلاد وتحيط بها العديد من المشاريع الزراعية الرئيسية.
وتزامن توغل الدعم السريع في مدينة سنجة مع زيارة تفقد قام بها رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى مواقع الجيش الدفاعية في مدينة سنار في مسعى لتهدئة مخاوف أنصاره، بعد الحديث عن تقدم قوات الدعم السريع في منطقة إستراتيجية نحو الشرق.
وأظهرت مقاطع مصورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي دخول قائد قوات الدعم السريع بالمنطقة عبدالرحمن البيشي، وقائد ولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل، إلى داخل الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة، وأكدا السيطرة على المدينة بشكل كامل.
وكانت اشتباكات عنيفة قد اندلعت، السبت، بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة سنجة الاستراتيجية، الرابطة بين ولايتي سنار والنيل الأزرق الحدودية، في خضم الحرب التي يشهدها السودان منذ منتصف أبريل 2023.
وأكد سكان لوكالة الصحافة الفرنسية أن "قوات الدعم السريع انتشرت في شوارع سنجة"، فيما أفاد شهود عيان بأن طائرات تابعة للجيش تحلق في سماء المدينة إضافة إلى سماع إطلاق نيران مضادات أرضية.
وفي وقت سابق السبت، تحدث شهود آخرون عن اشتباكات تدور في الشوارع و"حالة من الهلع بين المواطنين الذين يحاولون الفرار".
وتقع مدينة سنجة في ولاية سنار بالسودان في الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق على ارتفاع 439 مترا فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 360 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سنار حوالي 60 كيلومترا.
وسنجة هي عاصمة ولاية سنار وتتميز بتنوع بيئتها الطبيعية والسكانية وثروتها الحيوانية ومواردها المائية، وبها محطة أبحاث بيطرية كبيرة وسوقا كبيرة للمحاصيل أهمها محصول الصمغ العربي، وهي من المدن التاريخية وموطن أقدم كشف أثري أحفوري للإنسان في السودان.
وكانت سنجة جزء من مملكة "الفونج" الواقعة على تخومها الشرقية وكانت معبرا للتجارة مع ممالك الحبشة برا عن طريق القوافل بواسطة المراكب عبر النيل، فضلا عن أنها كانت مركزا تجاريا مهما للمملكة.
ومنذ أكثر من 5 أيام تشهد المنطقة توترا كبيرا، تفاقم بعد سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة جبل موية في جنوب شرق البلاد، الواقع على الطريق الحيوي بين ولايتي سنار والنيل الأزرق، ودارت معارك عنيفة مع قوات الجيش على أبواب مدينة سنار، تركزت عند منطقة "كبري العرب" على بعد كيلومترات قليلة من المدخل الرئيسي للمدينة.
ومنذ أكثر من 4 أشهر، سعى الطرفان إلى تحقيق نصر في المنطقة الحيوية التي تضم مشاريع زراعية وإنتاجية شاسعة المساحة، ويقول مراقبون إن السيطرة عليها تضيق الخناق على عدد من المدن والفرق العسكرية الرئيسية في سنار وولاية النيل الأزرق المتاخمة، كما تعني التحكم في المثلث الذي يضم مدن الدويم وكوستي والمناقل.
وهذا الاختراق الأخير لقوات الدعم السريع يعني أنها ستشدد الخناق على بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر، حيث يتمركز الآن الجيش والمؤسسات الحكومية ووكالات الأمم المتحدة.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب. وتؤوي ولاية سنار أكثر من مليون نازح سوداني، وهي تربط وسط السودان بجنوب شرقه الذي يسيطر عليه الجيش.
وأظهرت منشورات على وسائل التواصل آلاف الأشخاص وهم يفرون بالسيارات وسيرا على الأقدام، بينما قال شهود لوكالة الصحافة الفرنسية إن "آلاف الأشخاص لجأوا إلى الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق" شرق سنجة.
وتحاصر قوات الدعم السريع أيضا مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ويشهد السودان منذ 15 ابريل العام الماضي حربا دامية بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
ونقلت الأمم المتحدة عن تقرير الخميس أن قرابة 26 مليون شخص في السودان يواجهون مستويات عالية من "انعدام الأمن الغذائي الحاد".