حماس تنتظر استئناف مفاوضات التهدئة لكن دون تنازلات

مع تقدم الوقت لا شيء يوحي بأن إسرائيل أو حماس على استعداد لتقديم تنازلات تساعد على وقف الحرب. وعلى العكس لا يكترث طرفا النزاع للمعاناة التي يعشيها سكان القطاع والتي بلغت مستوى غير مسبوق بشهادة المنظمات الأممية.
بيروت/واشنطن - لا يخفي قادة حركة حماس في تصريحاتهم الرغبة في إنجاح مفاوضات التهدئة بهدف تخفيف المعاناة عن قطاع غزة لكن الحركة لا تعرض بالتوازي مع هذه الرغبة أيّ تنازلات تسهل استئناف التفاوض، في وقت تستمر فيه إسرائيل في الخيار العسكري وتحصل على أسلحة كبيرة من الأميركيين.
وقال أسامة حمدان القيادي في حركة حماس السبت إنه لم يتم إحراز أيّ تقدم في محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل بشأن حرب غزة. وأضاف حمدان في مؤتمر صحفي في بيروت “نؤكد مجددا أننا في حركة حماس جاهزون للتعامل بإيجابية مع أيّ صيغة تضمن بشكل أساسي ومباشر وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا شاملا من قطاع غزة، وصفقة تبادل حقيقية”.
لكن لم يفصح حمدان عن الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحركة لتسهيل استئناف التفاوض. وأشار إلى أن الوضع في غزة بات مأساويًا وينذر بارتقاء آلاف الشهداء بسبب الجوع وانعدام مقومات الحياة حيث تمنع إسرائيل دخول المساعدات. وقالت وكالة الأونروا إن سكان غزة يعيشون حياة “بائسة للغاية” ويحتاجون إلى كل شيء والحل الوحيد هو تقديم المزيد من المساعدات. وحذرت من أن “مئات الآلاف من سكان قطاع غزة مازالوا محرومين من المأوى المناسب والغذاء والمياه النظيفة”.
وأكدت لويز ووتريدج من الوكالة أن “الأمر لا يطاق حقا”. وعادت ووتريدج الأربعاء إلى جنيف بعد قضائها أربعة أسابيع خارج القطاع، مشيرة إلى أن الوضع في تلك الفترة “تدهور بشكل كبير”. وأضافت “اليوم، لا بد أن من يكون الأسوأ على الإطلاق. ولا أشك في أن الغد سيكون الأسوأ على الإطلاق مرة أخرى”.
وبعد نحو تسعة أشهر من بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، وقالت ووتريدج إن قطاع غزة “دُمر”، موضحة أنها “صدمت” لدى عودتها إلى خان يونس جنوب قطاع غزة. ولفتت إلى أنه مع عدم وجود حمامات، “يقضي الناس حاجتهم في أيّ مكان يمكنهم قضاء حاجتهم فيه”.
وتحدثت ووتريدج عن صعوبة جلب الوقود إلى غزة وتوزيعه بأمان، الأمر الذي يؤثر على القدرة على إيصال المساعدات.وحذرت من أنه “دون الوقود، ستتوقف الاستجابة الإنسانية بالفعل”. وشددت على أن “السكان يعيشون وسط ذلك”، محذرة من أنه “مع ارتفاع درجات الحرارة، فإن ذلك يزيد من بؤس الظروف المعيشية".
وذكّرت ووتريدج بالوضع قبل الحرب، عندما كانت سيارات جمع النفايات تقوم بمهمتها وتنقل القمامة إلى مكب مخصص لذلك. وأشارت إلى أن المناشدات الموجهة إلى السلطات الإسرائيلية للوصول إلى مكبات النفايات تُرفض في الكثير من الأحيان. وأعلنت كتائب "القسام"، الجناح المسلح لحركة حماس، السبت، إيقاع قتلى وجرحى في صفوف قوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة بحي الشجاعية في مدينة غزة إثر قصفها بقذائف الهاون ونصب كمين بعبوة ناسفة لقوة منها.
وقالت القسام، في بيان عبر تلغرام: "في كمين أُعد مسبقًا.. فجّر مجاهدو القسام عبوة مضادة للأفراد بقوة صهيونية متوغلة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة". وأضافت أن التفجير أدى إلى "إيقاع أفراد القوة بين قتيل وجريح". وأشارت القسام، إلى رصد هبوط طيران مروحي إسرائيلي لإخلائهم.
وقبل ذلك بدقائق، أفادت القسام، في بيان آخر عبر تلغرام، بـ"قصف قوات العدو المتوغلة في حي الشجاعية بعدة رمايات من قذائف الهاون عيار 120 ملم". وقالت إن قصفها أدى إلى "إصابات مباشرة في صفوف قوات العدو". ولفتت إلى رصد هبوط طيران مروحي إسرائيلي لإخلائهم. لكن الوضع الإنساني المأساوي لا يوحي بوجود رغبة في التهدئة من جانب إسرائيل التي تحصل على المزيد من الاسلحة للاستمرار في الحرب من موقع قوة.
وقال مسؤولان أميركيان مطلعان على قائمة محدثة لشحنات الأسلحة إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أرسلت لإسرائيل أعدادا كبيرة من الذخائر، منها ما يزيد عن 10 آلاف قنبلة شديدة التدمير زنة ألفي رطل والآلاف من صواريخ “هيلفاير” منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وأضاف المسؤولان اللذان ليس من المصرح لهما التحدث علنا أنه بين بداية الحرب في أكتوبر الماضي والأيام القليلة الماضية، نقلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة (إم.كيه-84) زنة ألفي رطل و6500 قنبلة زنة 500 رطل وثلاثة آلاف صاروخ هيلفاير جو – أرض دقيق التوجيه وألف قنبلة خارقة للتحصينات و2600 قنبلة صغيرة القُطر تُسقط جوا وذخائر أخرى.
ولم يذكر المسؤولان جدولا زمنيا لشحنات الأسلحة لكن الأرقام الإجمالية تشير إلى عدم وجود انخفاض كبير في الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل على الرغم من الدعوات الدولية للحد من إمدادات الأسلحة وقرار الإدارة الأخيرة بتعليق شحنة من القنابل القوية.
وقال خبراء إن ما تحتويه الشحنات يبدو متسقا مع ما قد تحتاج إليه إسرائيل لسد النقص في الإمدادات المستخدمة في هذه الحملة العسكرية المكثفة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر في غزة، والتي شنتها بعد هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس الفلسطينية على جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
◙ حماس لا تعرض أيّ تنازلات لتسهيل استئناف التفاوض مع إسرائيل بشأن إطلاق سراح المحتجزين لتطالب بتسهيلات مقابلة
وقال توم كاراكو خبير الأسلحة في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية “بينما يمكن استنفاد هذه الأعداد (من الذخائر) على نحو سريع نسبيا في صراع كبير، فإن هذه القائمة تعكس بوضوح مستوى كبيرا من الدعم من جانب الولايات المتحدة لحلفائنا الإسرائيليين”، مضيفا أن الذخائر المدرجة من النوع الذي تحتاجه إسرائيل في حربها على حماس أو في صراع محتمل مع جماعة حزب الله اللبنانية.
وتمثل أرقام التسليم، التي لم يتم الإبلاغ عنها من قبل، أحدث وأوسع إحصاء للذخائر التي تم شحنها إلى إسرائيل منذ بدء حرب غزة. وتتبادل إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران إطلاق النار منذ بداية حرب غزة وسط مخاوف من احتمال اندلاع حرب شاملة بين الجانبين.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن الشحنات جزء من قائمة أكبر من الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل منذ بدء الصراع في غزة. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن الأربعاء للصحافيين إن واشنطن أرسلت منذ السابع من أكتوبر أسلحة بقيمة 6.5 مليار دولار إلى إسرائيل. وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع القليلة الماضية أن واشنطن تحجب الأسلحة، وهو ما نفاه المسؤولون الأميركيون مرارا وتكرارا على الرغم من اعترافهم بوجود بعض “القيود”.
وأوقفت إدارة بايدن شحنة واحدة من القنابل التي تزن ألفي رطل، استنادا إلى مخاوف بشأن التأثير الذي قد تحدثه في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، لكن المسؤوليْن الأميركييْن يؤكدان أن جميع عمليات تسليم الأسلحة الأخرى تستمر بشكل طبيعي. ويمكن لقنبلة واحدة تزن ألفي رطل أن تخترق الخرسانة السميكة والمعادن، مما يخلق دائرة انفجار واسعة.
وذكرت رويترز الخميس أن الولايات المتحدة تناقش مع إسرائيل الإفراج عن شحنة من القنابل الكبيرة التي تم تعليقها في مايو بسبب المخاوف إزاء العملية العسكرية في رفح. وتخضع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة لتدقيق دولي مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين جراء الحرب إلى أكثر من 37 ألف قتيل، وفقا لوزارة الصحة في غزة، بالإضافة إلى الخراب الذي لحق بالقطاع الساحلي. وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية لحليفتها إسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار.