تعيين رئيس شبكة الإعلام العراقي يفتح صراعا بين الحكومة والبرلمان

مجلس أمناء الشبكة يصوّت بالإجماع على اختيار ثائر الغانمي.
الثلاثاء 2024/06/25
اشتباك تخصصات

بغداد - تعهدت اللجنة القانونية النيابية في البرلمان العراقي الاثنين باتخاذ “إجراء مناسب” رداً على تصويت أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي على ثائر الغانمي المقرب من الحشد الشعبي والفصائل المسلحة رئيساً للمجلس، بدعم من الحكومة ما بدا أنه فتح صراعا بين البرلمان والحكومة بشأن اختيار رئيس الشبكة.

وقال عضو اللجنة محمد الخفاجي إن “مجلس النواب أصدر في وقت سابق قراراً نيابياً ورفع توصية إلى الحكومة بعدم مباشرة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي قبل التصويت عليهم داخل البرلمان، وإن ما حدث مخالف للقانون”.

واتهم الخفاجي، الحكومة العراقية بالعمل بـ”طريقة الصراع ومحاولة كسر الكثير من القوانين ومخالفتها”، وأشار إلى أن “قانون شبكة الإعلام العراقي لسنة 2015 كان واضحا حيث رسم آلية تعيين أعضاء مجلس الأمناء ومدير شبكة الإعلام، وأن هذه الآلية تنص على أنه بعد ترشيح أعضاء مجلس الأمناء يصوّت عليهم داخل مجلس النواب وهذا لم يحصل وفيه مخالفة واضحة للقانون”.

وأكد أن “مجلس النواب سيتخذ الإجراء المناسب في أول جلسة ستعقد في الفصل التشريعي الجديد ولا بد أن تكون مباشرة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام بعد موافقة البرلمان على ترشيحهم لعضوية المجلس”. وتابع أن “الحكومة حاولت استغلال العطلة التشريعية للبرلمان في مباشرة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي”.

وصوّت مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي الأحد، بالإجماع على اختيار ثائر الغانمي رئيسًا له بينما رفضت لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام في مجلس النواب مباشرة أعضاء مجلس الأمناء في شبكة الإعلام العراقي قبل التصويت عليهم في البرلمان.

مجلس النواب أصدر قرارا نيابيا ورفع توصية إلى الحكومة بعدم مباشرة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي قبل التصويت عليهم داخل البرلمان

وقال رئيس اللجنة والأعضاء في بيان إن “مباشرة المرشحين لشغل مواقع أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي تشكل مخالفة قانونية لعدم التصويت عليهم في البرلمان خلافا لقانون الشبكة المرقم 26 لسنة 2015 المعدل كتاب مجلس النواب المرقم 3413 في 13 مارس الماضي والذي يوصي بعدم المباشرة”.

وأشارت اللجنة الى أن الشبكة تعمل بطريقة تسيير الأعمال حاليا، وليس من حق مديرها إصدار الأوامر الفيصلية والمصيرية، منوهة إلى أنها انتهت من الصيغة النهائية للتعديل الثاني لمسودة مشروع قانون الشبكة وستنتهي من وضع اللمسات الأخيرة لرفعه إلى رئاسة المجلس للتصويت مع بدء الفصل التشريعي القادم.

وكشفت مصادر محلية في وقت سابق أن شبكة الإعلام العراقي توشك على الخضوع لتغييرات مهمة وتوزيع المناصب مناصفة بين ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق. وكان من المفترض أن تجرى هذه التغييرات قبل أشهر، لكن الإطار التنسيقي قرر تأجيلها للانشغال بتشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظين. وستحصل كتلة المالكي، “بسبب إصراره”، على منصب رئيس الشبكة، في ما سيذهب مجلس الأمناء إلى قيس الخزعلي، كما تقول المصادر.

وقالت المصادر إن عدد الموظفين المسجلين ضمن الشبكة يبلغ حوالي 3500 موظف، دون تحديد حجم التخصيصات المالية السنوية التي ترصدها الحكومة للشبكة. لكن حجم تلك المبالغ “هائل جدًا”، على حد وصف صحافيين وإعلاميين على علاقة بالشبكة.

الشبكة التي تمتلك إذاعات وقنوات فضائية وصحفا ومجلات، لا تعد مؤثرة في المشهد الإعلامي العراقي

وعلى الرغم من العدد الكبير جدًا من العاملين والتخصيصات المالية الضخمة لشبكة الإعلام، فقد فشلت في تحقيق تأثير حقيقي في الشارع العراقي، بلعب دور وطني خلال الأزمات التي واجهت البلاد من تفشي الخطاب الطائفي والحرب ضد تنظيم داعش، أو نقل الأحداث بحيادية وسرعة على أقل تقدير.

ولا تعد الشبكة، التي تمتلك إذاعات وقنوات فضائية وصحفا ومجلات، مؤثرة في المشهد الإعلامي العراقي، حيث يعتبر الصحافيون أن أداءها “مخيب جدًا خلال التحديات الكبيرة التي واجهت العراق، وفي الوقت الذي كان فيه العراقيون معتمدين على مؤسسات الشبكة من أجل الوصول إلى حقيقة ما يحصل، أو للبحث عن مصدر يستندون عليه في مواجهة الحرب الإعلامية المتطرفة سواء خلال فترات الحرب الطائفية أو خلال فترة داعش”.

وكان هناك صراع شديد بين ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق للظفر برئاسة الشبكة. وبدأت ملامح هذا الصراع باستجواب مجلس الأمناء ومحاولة الإطاحة بالرئيس السابق نبيل جاسم، وبعد ذلك تم تأجيل الأمر بسبب انشغال قوى الإطار التنسيقي بتشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظين، لكن تغيير رئيس الشبكة حسم وصوّت مجلس النواب في مارس الماضي على إعفاء نبيل جاسم من رئاستها.

وهناك اتفاق غير معلن بين ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق على أن يكون منصب رئيس شبكة الإعلام العراقي من حصة زعيم الائتلاف نوري المالكي.

هناك اتفاق غير معلن بين ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق على أن يكون منصب رئيس شبكة الإعلام العراقي من حصة زعيم الائتلاف نوري المالكي

وتمتلك شبكة الإعلام قنوات تلفزيونية مثل العراقية العامة والإخبارية والرياضية، وإذاعة جمهورية العراق، والفرقان، وراديو العراقية، فضلاً عن وكالة الأنباء العراقية وجريدة “الصباح” ومجلة “الشبكة”، بالإضافة إلى معهد التدريب الإعلامي. وسبق أن كشفت لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام البرلمانية عن عزمها تعديل قانون شبكة الإعلام العراقي، وفصل الصلاحيات بين سلطتي مجلس الأمناء وإدارة الشبكة التنفيذية.

كما دعت سروة عبدالواحد، عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، العام الماضي أعضاء المجلس كافة إلى توحيد الموقف في وجه ما سمّته “الحروب والصراعات الشخصية” الدائرة في شبكة الإعلام العراقي منذ سنوات.

وجاء تصريح عضو لجنة النزاهة النيابية بعد موقف مشابه للجنة الثقافة النيابية، التي دعت إلى التريث في إصدار القرار إلى حين تحقيق لجنة النزاهة النيابية في الملف. وأبدت استغرابها من قرار مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، الخاص بإنهاء تكليف رئيس الشبكة نبيل جاسم، معتبرة أنه قرار يخلو من الدقة والصحة فضلاً عن التهمة التي استندوا إليها.

وأضافت “بالرغم من أهمية مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي فإنه يخلو من مكوّن أساسي من مكونات المجتمع العراقي، ولا يمثل إلا توجهاً واحداً، يعكس حقيقة تكوينه في ظروف غامضة وغريبة من قبل مجلس الوزراء الأسبق، الذي لم يأخذ في الحسبان الشخصيات المهنية والكفاءة، واعتمد المجاملات السياسية في اختيار أعضاء مجلس الأمناء”.

وطالبت سروة عبدالواحد بـ”إقالة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، وإيقاف جميع القرارات المتخذة من قبلهم، وفتح تحقيق عاجل بخصوص العقود التجارية وعقود الدراما التي أبرمها هذا المجلس”. وفي وقت سابق استغرب رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام في مجلس النواب العراقي النائب فاروق حنا عتو قرار مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي إبعاد نبيل جاسم عن رئاسة الشبكة والذي وصفه بأنه “غير متوقع”.

وقال في بيان “نحن كرئيس السن وأعضاء لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام ليس لنا علم بالموضوع، وخاصة إذا كانت الأسباب تتعلق بالتلكؤ أو الفساد”، مبينا أنه “كان من الأفضل قيام المجلس بتزويدنا بما لديهم وخاصة ما يستوجب إبعاد نبيل جاسم”. وشدد عتو على ضرورة “سحب القرار والتريث إلى حين تفضل لجنة النزاهة بالتحقيق في الموضوع، بعدها يمكن حسم الموضوع”، موضحا أن لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام في مجلس النواب العراقي أصدرت بيانا في هذا الخصوص.

5