مكاسب متفاوتة لسلسلة إنتاج الكاكاو جراء قفزة الأسعار

المنتجون أقل المستفيدين بينما يحقق أصحاب مصانع الشوكولاتة أرباحا أكبر مع انتعاش سوق المضاربة.
الاثنين 2024/06/24
الحصاد قليل والربح كثير

يراقب المحللون والتجار المكاسب المحتملة التي يمكن أن يخلفها ارتفاع أسعار الكاكاو في الأسواق العالمية جراء انعكاسات تقلبات المناخ على سلسلة الإنتاج بدءا من مرحلة حصاد المحصول وانتهاء بوصول الشوكولاتة إلى أرفف متاجر التجزئة.

باريس - تسجّل أسعار الكاكاو قفزات في الأسواق العالمية خلال الآونة الأخيرة، لكن هذا الارتفاع يفيد مزارعي هذه الحبوب ومصنّعي مشتقاتها، وكذلك المضاربين وصانعي الشوكولاتة على نحو متفاوت.

ففي مارس الماضي، ارتفعت الأسعار إلى أكثر من 10 آلاف دولار للطن في بورصة نيويورك من جراء تراجع المحاصيل في غرب أفريقيا بسبب سوء الأحوال الجوية والأمراض التي تقضي على المزارع القديمة. ولكن الأسعار تراجعت مذّاك الحين عن ذروتها، إلا أنها لا تزال أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بما تم تسجيله خلال العام الماضي.

وفي ساحل العاج وغانا، أكبر منتجي الكاكاو في العالم، تحدّد السلطات الأسعار في أكتوبر المقبل على أساس الأشهر السابقة. ولكن بحلول الفترة المشار إليها تكون المحاصيل “بغالبيتها قد بيعت مسبقا”، بحسب تانكريد فواتورييه من منظمة البحث والتعاون الزراعي الفرنسية (سيراد).

وهذا الأمر يحدّ من تأثير تقلبات أسعار الكاكاو، سواء صعودا أو هبوطا، لكن هذه الطفرة لا تفيد على نحو مباشر صغار المنتجين الذين تقتصر مكاسبهم عادة على ما بالكاد يكفيهم. ورفعت السلطات سعر المحاصيل المتوسطة في أبريل الماضي بنسبة 50 في المئة إلى ما بين 2300 و2500 دولار للطن، وهي زيادة متواضعة مقارنة بما يمكن أن يتقاضاه المزارعون في البورصات العالمية.

ستيف ووتريدج: المهربون يمكن أن يستفيدوا بشكل كبير من الأسعار
ستيف ووتريدج: المهربون يمكن أن يستفيدوا بشكل كبير من الأسعار

وفي البلدان ذات القواعد الأقل تنظيما، على غرار الكاميرون ونيجيريا والإكوادور والبرازيل استفاد المزارعون من هذا المنحى بشكل أكبر. وتشير توقعات المنظمة الدولية للكاكاو إلى انخفاض إنتاج نيجيريا بنسبة 4 في المئة في الفترة بين 2023 و2024، إلى 270 ألف طن، وزيادة محصول الكاميرون بنسبة 3 في المئة إلى 300 ألف طن.

وقد سُمح لهؤلاء المزارعين ببيع حبوبهم لجهات مستعدة للشراء بأسعار تقارب تلك التي تُدفع في الأسواق المالية، لكن هذا النهج غير المنظّم يأتي مصحوبا بمخاطر. وبحلول نهاية العقد الحالي، تهدف الكاميرون إلى رفع الإنتاج إلى 600 ألف طن، في حين تتوقع نيجيريا أن يصل إجمالي الإنتاج إلى 714 ألف طن بحلول عام 2030.

وبينما تستهدف الإكوادور، ثالث أكبر منتج في العالم، إنتاج 800 ألف طن بحلول عام 2030، من نحو 454 ألف طن في عام 2023، تخطط البرازيل، سادس منتجي العالم لمضاعفة حجمها بحلول نهاية العقد من 220 ألف طن.

وقال منسق غرفة البن والكاكاو في البيرو ديفيد غونزاليس في تصريح لوكالة فرانس برس إن "ارتفاع الأسعار جعل الإنتاج أكثر جاذبية". لكن تبقى الخشية من أن إنتاج الكاكاو سيشهد فائضا في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، وهو الوقت الذي يحتاج إليه المزارعون الذين يأملون في الاستفادة من زراعة أشجار جديدة، ما سيخفّض الأسعار مجددا.

وعموما، يتفاوض المصنّعون الرئيسيون لمشتقات الكاكاو ممن يطحنون الحبوب لتحويلها إلى زبدة أو مشروبات كحولية أو مسحوق، ولاسيما باري كاليبوت السويسرية وكارغيل الأميركية وأولام السنغافورية، سنويا على قسم كبير من إمداداتهم مقدما.

◙ 10 آلاف دولار سعر الطن في بورصة نيويورك من جراء تراجع المحاصيل في غرب أفريقيا

لكن بعض العقود لم يتم الوفاء بها، مما أجبرهم على البحث عن الكاكاو الذي تشتد الحاجة إليه بتكلفة عالية، وفي بعض الحالات إلى خفض الإنتاج. وأعلنت باري كاليبوت في أوائل شهر أبريل أنها سحبت أكثر من المعتاد من احتياطياتها النقدية لتمويل مشتريات الحبوب، لكن لديها ما يكفي من الكاكاو لتلبية الطلب.

وقد يجد وسطاء أصغر حجما صعوبة في توفير الأموال اللازمة للتكيف مع الأسعار المرتفعة. ومع ذلك، هناك مجموعة من الوسطاء من يسعدهم ارتفاع الأسعار. وقال ستيف ووتريدج من مركز تروبيكال ريسرش سيرفيسز لتحليل بيانات السلع الاستوائية في تصريح لفرانس برس إن “المهربين يمكن أن يستفيدوا بشكل كبير".

وأشار إلى احتمال استفادة تجار السوق السوداء من الأنظمة في ساحل العاج وغانا عبر شراء الكاكاو بسعر أعلى قليلا من الأسعار المحددة وبيع الحبوب في الأسواق المفتوحة في توغو أو غينيا أو ليبيريا أو سيراليون. وتسجل أسعار الكاكاو ارتفاعا لأن العرض أقل من الطلب للعام الثالث على التوالي، وفقا للمنظمة الدولية للكاكاو.

وتعوّل صناديق الاستثمار التي استشعرت تبدّل الظروف على ارتفاع الأسعار، وتحقق أرباحا في هذه العملية. ولكن اعتبارا من يناير الماضي أصبحت الأسعار شديدة التقلّب على نحو لا يروق حتى لصناديق المضاربة الأكثر شهية للربحية.

وانسحب مستثمرون كثر من السوق بالكامل فتراجع حجم العقود المتداولة من نحو 334 ألفا في منتصف شهر يناير إلى 146 ألفا في أبريل، وفق أولي هانسن من ساكسو بنك. وفق ووتريدج " لا يمكن تحميل المضاربين مسؤولية تضخيم الأسعار بشكل مصطنع".

بيع إنتاج ساحل العاج وغانا قبل أكتوبر المقبل يحد من تأثير تقلب الأسعار
◙ بيع إنتاج ساحل العاج وغانا قبل أكتوبر المقبل يحد من تأثير تقلب الأسعار

ومن ناحية أخرى، تميل شركات الوساطة التجارية بين الدول وأيضا صانعو الشوكولاتة إلى التحوّط من انعكاسات الأسعار، لكن بعدما ارتفعت الأسعار اضطر كثر من هؤلاء لرصد مزيد من الأموال لتغطية خسائرهم المحتملة.

ونظرا إلى الفارق الزمني بين حصاد الكاكاو والمنتج النهائي، لا ينبغي نظريا أن ترتفع تكلفة الشوكولاتة على رفوف المتاجر بالنسبة لعمالقة القطاع على غرار مارس وموندليز ونستله وهيرشي وفيريرو.

وأكد الرئيس التنفيذي لنستله أولف شنايدر في أبريل أن شركته “مغطاة إلى حد كبير” بفضل العقود الآجلة لما تبقى من العام، لكن مع مرور الوقت، فإن ارتفاع أسعار الكاكاو الخام سيكون له تأثير في نهاية المطاف.

وتجنّبا لتحميل الكلفة على مستهلكين متضررين بالفعل من ارتفاع التضخم، يمكن للمصنعين تغيير وصفاتهم، على غرار زيادة نسبة البندق في نوتيلا على سبيل المثال، أو تقليل حجم الحصة. وحتى بالنسبة لصانعي الشوكولاتة الحرفيين، فإن تكلفة الكاكاو الخام لا تشكّل سوى جزء صغير من المنتج النهائي.

وقال سيباستيان لانغلوا أحد مؤسسي شركة الكاكاو الفرنسية لوكالة فرانس برس “هناك هامش كبير” بالنسبة لألواح الشوكولاتة، مما خفف من تأثير ارتفاع تكاليف الحبوب. وأضاف إن شركته، التي تبيع المنتجات العضوية ومنتجات التجارة العادلة، “لم ترفع أسعارها بعد”.

10