واشنطن تحذر من استخدام ليبيا كقاعدة روسية لزعزعة استقرار المنطقة

واشنطن - أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من التقارير الأخيرة التي تفيد بتفريغ السفن البحرية التابعة للاتحاد الروسي معدات عسكرية في ليبيا، محذرة من مساعي موسكو لاستخدام ليبيا قاعدة لزعزعة استقرار منطقة الساحل،
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في تصريحات إعلامية مساء الجمعة، إن التحرك الروسي "يأتي بعد خمس سنوات على نشر المرتزقة الروس الذين زعزعوا استقرار ليبيا والمنطقة".
وكان وصول قطعتين حربيتين روسيتين "في زيارة عمل" إلى قاعدة طبرق البحرية شرق البلاد وفق ما أعلنت رئاسة أركان القوات البحرية التابعة لـ"القيادة العامة" الاثنين الماضي، أحدث إشارة على حجم التقارب اللافت بين موسكو والسلطة في شرق ليبيا في ظل مساع روسيا لتعزيز وجودها في أفريقيا والتمدد انطلاقا من البوابة الليبية، لكن تحركها يثير قلقا غربيا.
واعتبر ميلر أن موسكو "لم تخف طموحها بشأن تعميق موطئ قدمها في ليبيا، واستخدامها كقاعدة لمزيد من زعزعة استقرار منطقة الساحل"، مشيرا إلى "وجود ما يقرب من 1800 فرد بقوة مدعومة من الكرملين موجودة حاليا في ليبيا".
وشدد على أن بلاده "ستواصل احترام السيادة الليبية، والحوار الذي تيسره الأمم المتحدة بهدف توحيد البلاد من خلال الوسائل السياسية فقط".
وتأتي زيارة القطعتين البحريتين بعد أسبوعين من زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى بنغازي برفقة وفد حكومي رفيع وهي الخامسة منذ شهر أغسطس الماضي، وسط حديث عن رغبة موسكو في إعادة هيكلة وجودها العسكري في ليبيا ضمن مشروع عسكري باسم الفيلق الأفريقي الذي يضم ليبيا إلى جانب عدة دول أفريقية يوجد فيها مقاتلو فاغنر.
كما تأتي ضمن ترتيبات مسبقة بين يفكيروف وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لمناقشة اتفاق مشترك بين الجانبين وإمكانية أن يتضمن توقيع مذكّرة تفاهم في مجال الدفاع وتحديدا تقديم تدريبات روسية عسكرية لنخبة من قوات حفتر على أسلحة روسية متطورة.
وعلى الرغم من إعادة افتتاح سفارتها في طرابلس تميل موسكو في سياساتها مع ليبيا إلى التحالف مع المشير حفتر الذي تربطها معه علاقات وطيدة، حيث قدمت موسكو الدعم العسكري للجيش الليبي من خلال مجموعة فاغنر خلال هجومه على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020، وكذلك تمركزت دفعات من عناصر فاغنر في مواقع عسكرية خاضعة لسيطرته، كقاعدة الجفرة، وسط جنوب البلاد، وقاعدة الخروبة، شرقيّ البلاد.
ويثير هذا التقارب مخاوف غربية متزايدة، بعدما انحسر النفوذ الفرنسي في القارة الافريقية واستغلت روسيا ذلك حيث عملت على استمالة المجالس العسكرية التي قادت انقلابات في بلدان مثل النيجر ومالي ونشرت ستة آلاف من المرتزقة في دول افريقية، فيما يسعى الفيلق إلى زيادة العدد في أفريقيا مستقبلا ليصل إلى 40 ألف متعاقد.
وكانت جريدة دايلي إكسبرس البريطانية قد حذرت من التعاون المستمر بين الطرفين، معتبرة أن حفتر بات يعتمد بشكل كبير على قوة الجيش الروسي للحفاظ على سلطته.
وتتواصل التحذيرات على أكثر من جهة اذ سبق أن نبهت وكالة الحدود الأوروبية 'فرونتكس' من أن توجه بوتين لنقل المهاجرين إلى عتبة أوروبا، سواء على طول الحدود الشرقية لروسيا أو من خلال وكلاء في أفريقيا، يشكل تهديدا كبيرا للأمن في العام 2024.
ويشير تقرير "ديلي إكسبرس" إلى أن الدبلوماسيين الغربيين يحاولون مغازلة المشير حفتر من خلال تقديم التنازلات والعقود الاقتصادية مقابل تعهده بكبح تدفق المهاجرين غير النظاميين.
وأمام تنامي النفوذ الروسي، حاولت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العامين الماضيين استمالة المشيرة حفتر. وتتالت الزيارات لمسؤولين أوروبيين إلى بنغازي. وحملت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني في مناسبتين في الآونة الأخيرة، عقود وصفقات اقتصادية وأمنية مقابل تعهد حفتر بالتعاون في وقف تدفق المهاجرين صوب أوروبا.
كما التقى مارتن أندرو السفير البريطاني لدى ليبيا الأسبوع الماضي مع قائد الجيش الليبي في بنغازي لنقل وجهة النظر القائلة بأنه يجب على جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية للأمم المتحدة.
ويتصدر الحديث عن النفوذ الروسي في ليبيا وعن رغبة موسكو في التوسع في افريقيا عموما أحاديث المراقبين والمحللين خاصة مع تواتر المخاوف الأوروبية وتأثيره على مصالحهم، فيما حذر آخرون من خطورة الوضع.
وبحسب تقرير 'ديلي اكسبريس'، فإن الوجود الروسي في ليبيا مكنها من جني خمسة مليارات يورو، إضافة الى أكثرمن 2.5 مليار يورو من الذهب المهرب كما فرضت سيطرتها على منجم ألماس بقيمة مليار يورو في جمهورية افريقيا الوسطى بصافي عائدات 300 مليون يورو سنويا.
وتتنامى المخاوف من التمدد الروسي في ليبيا في غرب البلاد. وقد سبق لدار الإفتاء أن ذكرت أنها تتابع وصول قوات وأسلحة روسية، تمهيدا لدخول "فيلق افريقيا" إلى ليبيا ودول أخرى مجاورة، معتبرة أن ما سمته بـ"الجهاد" ضد هذه القوات "واجب شرعا على أهل ليبيا"، مضيفة في بيان لها، ان الوجود الروسي المسلح على الأراضي الليبية يعد احتلالا وغزوا للبلاد.
ونشرت وسائل إعلام ليبية محلية الشهر الماضي، لقطات تشير الى وصول دفعة خامسة إلى ميناء الحريقة في مدينة طبرق أقصى شرق ليبيا خلال 45 يوما من التجهيزات العسكرية تضم أسلحة وذخائر ومعدات وشاحنات عسكرية لإنشاء الفيلق الروسي الافريقي.