رحيل دونالد ساذرلاند أحد رموز السينما الهوليوودية

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - ودّعت الساحة السينمائية العالمية دونالد ساذرلاند، الممثل الكندي الذي وهب نحو ستين عاما من عمره للفن السابع ويصنف واحدا من أهم رموز وأساطير السينما الهوليوودية، ومن أفضل الممثلين الذين لم يتم ترشحيهم لجوائز الأوسكار لكن نال أوسكار فخرية عن مجمل مسيرته.
الممثل الراحل توفي عن 88 عاما، على ما أعلن الخميس ابنه، واشتهر في الفيلم الكلاسيكي “ذي ديرتي دازن” وعرفته الأجيال الشابة في دور الدكتاتور في سلسلة “ذي هانغر غيمز”.
وكتب ابنه كيفر ساذرلاند عبر منصة إكس “أعلن بقلب مثقل وفاة والدي”، واصفا إياه بأنه “أحد أهم الممثلين في تاريخ السينما”.
وأوضح عدد من وسائل الإعلام الأميركية أن دونالد ساذرلاند فارق الحياة بعد صراع طويل مع المرض.
وأدى هذا الممثل الكندي خلال مسيرته التي استمرت أكثر من 60 عاما أدوارا متنوعة في نحو 200 فيلم، فكان يجسّد الشرير تارة، والبطل طورا، وشخصيات رومانسية في أحيان أخرى، حتى عرف بتلونه وعدم رهبته من التجديد.
وحصل ساذرلاند على جائزتي “غولدن غلوب” و”إيمي” عن أدوار تلفزيونية، ومُنِح عام 2017 جائزة أوسكار فخرية.
ولاحظ ابنه أنه “لم يخش يوما دورا، سواء أكان جيدا أو سيئا أو قبيحا”. وأضاف “لقد كان يحب ما كان يفعله ويفعل ما كان يحبه، ولا يمكن المرء أن يطلب أفضل من ذلك. لقد عاش حياة جيدة”.
وتصفه الممثلة هيلين ميرين بأنه “أحد أذكى الممثلين الذين عملت معهم على الإطلاق. كان يتمتع بعقل استقصائي رائع، ومعرفة كبيرة بمجموعة واسعة من الموضوعات. لقد جمع بين هذا الذكاء العظيم والحساسية العميقة والجدية في مهنته كممثل”.
وبعد مشاركته في مسلسلات بريطانية شهيرة على غرار “ذي أفنجرز”، حصل دونالد ساذرلاند على أول دور كبير له عام 1967 في “ذي ديرتي دازن” مع تشارلز برونسون.
ومن أبرز الأعمال الأخرى التي شارك فيها فيلم “ماش” الساخر المناهض للعسكرة عام 1970 وفيلم التشويق “كلوت” عام 1971 حيث يؤدي دور تحرٍّ خاص يبحث عن قاتل منحرف يهدد بائعة هوى تجسد دورها النجمة جين فوندا.
وكانت فوندا شريكة حياته في مرحلة معينة، وكانت له معها تحركات مناهضة لحرب فيتنام.
الممثلة التي عملت معه في فيلم “كلوت” عام 1971 تصفه بأنه “كان ممثلا لامعا ورجلا معقدا شاركني في العديد من المغامرات، مثل عرض ‘أف.تي.أي’، وهي جولة مناهضة لحرب فيتنام تم أداؤها أمام 60 ألف جندي وبحارة ومشاة البحرية في هاواي وأوكيناوا والفلبين واليابان في عام 1971”.
وأصبح بذلك رمزا للثقافة المضادة، مما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف.بي.آي” إلى مراقبته.
وأثبت الممثل غزير الإنتاجية قدرته على تولّي أدوار مختلفة، من شخصية المتوحش الفاشي في فيلم “1900” لبرناردو برتولوتشي، إلى دور الجذاب الشهواني في “كازانوفا” لفيديريكو فيليني، مرورا بدور مسؤول غامض في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في “جاي أف كاي” لأوليفر ستون.
وفي تعليق عبر منصة إكس، اعتبر المخرج رون هوارد الذي أداره في فيلم “باك درافت” أنه كان “أحد أذكى الممثلين وأكثرهم إثارة للاهتمام وجاذبية على الإطلاق”.

وامتدح المخرج “شجاعته الإبداعية ورغبته في وضع نفسه في خدمة السيناريو والجمهور بامتياز فائق”.
ورأى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن الراحل “كان رجلا يتمتع بحضور قوي، ولامعا في مهنته (…) وفنانا كنديا كبيرا”. وأضاف “سنفتقده كثيرا”.
ويعرف الجمهور ساذرلاند أيضا من خلال التعليق الصوتي والسرد حيث كان صوته حاضرا في مقدمة نصف النهائي الأول لمسابقة الأغنية الأوروبية 2009، وحفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2010 في فانكوفر، وكان أيضا أحد حاملي العلم الأولمبي. كما كان راويا لإعلانات “أنا أصدق” التلفزيونية لقناة “سي.تي.في” في الفترة التي سبقت الألعاب.
ورغم تقدمه في السن، تولى أدوارا جديدة من بينها الأرستقراطي الإنجليزي في “برايد أند بريجوديس” 2005 المقتبس من رواية جين أوستن، ورائد الفضاء المسن المدمن على المغازلة في “سبايس كاوبويز” لكلينت إيستوود.
في عام 2010، قام ببطولة إلى جانب طاقم من الممثلين في نسخة تلفزيونية مقتبسة من رواية كين فوليت “أعمدة الأرض”. ومنذ عام 2012، عرفته الأجيال الشابة في دور الرئيس كوريولانوس سنو، الدكتاتور القاسي ومعذب جينيفر لورانس في سلسلة “هانغز غيمز”.
وفي عام 2015 تم تكريمه بنجمة باسمه على رصيف “هوليوود بوليفارد” الشهير.
ولدونالد ساذرلاند خمسة أبناء، بينهم ثلاثة من الممثلة فرانسين راسيت من مقاطعة كيبيك، وهي زوجته الثالثة منذ عام 1972.
في عام 2023، صرح ساذرلاند لوكالة الصحافة الكندية بأنه لم يقض الكثير من الوقت في التفكير في إرث حياته المهنية، قائلا “كما تعلمون، لقد انتهى الأمر أو كاد ينتهي، لذا أعتقد أنني يجب أن أفكر فيه حقا”.