الاحتيال بالذكاء الاصطناعي التوليدي يهدد قطاع الضيافة

يخيم القلق على أصحاب منصات الحجوزات المرتبطة بصناعة الضيافة بسبب المخاطر التي قد تخلفها تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي باتت تتوسع بشكل واضح في الكثير من الأعمال والأنشطة والقطاعات الحيوية.
تورونتو (كندا) - تستعد صناعة الضيافة لمواكبة موجة جديدة من الابتكارات التكنولوجية، والتي تتوافق مع تحقيق الاستدامة والنمو، مما سيسهم في تحسين تجربة الضيوف والمسافرين، لكنها قد تهدد نموها مع بروز وافد جديد اسمه الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقطاع الضيافة الذي يضم فئة واسعة من المجالات داخل صناعة الخدمات التي تشمل السكن، وخدمة الطعام والمشروبات، وتنظيم الفعاليات، والمنتزهات الترفيهية، والسفر، والفنادق ووكالات السياحة والمطاعم والحانات، مهم لنمو قطاع السياحة عموما.
ويقول الخبراء إن هذه الصناعة استطاعت اجتياز مجموعة كبيرة من التغيرات بشكل سلس، كما نجحت على مدار سنوات وخاصة خلال الأزمة الصحية، في استيعاب المشهد المتطور من خلال مواكبة الابتكارات وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
ومع ذلك، نبّهت مارني ويلكينغ المسؤولة عن الأمن الإلكتروني في منصة حجوزات السفر الهولندية بوكينغ والعالم على مشارف موسم العطلة الصيفية، إلى ضرورة توخّي الحذر من عمليات الاحتيال التي تُنفّذ بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي القوية.
ورأت ويلكينغ أثناء مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أدى إلى زيادة كبيرة في عمليات التصيد الاحتيالي، وأن قطاع الفنادق والمطاعم، الذي بقي طويلاً في منأى عن هذه العمليات، أصبح هو الآخر هدفاً لها.
وقالت على هامش مؤتمر كوليجن للتكنولوجيا في مدينة تورونتو الكندية إلى أن “الهجمات، وخاصة هجمات التصيد الاحتيالي، زادت بنسبة تتراوح بين 500 و900 في المئة في العام ونصف العام الأخيرين، في كل القطاعات مجتمعة، في كل أنحاء العالم”.
ويقوم التصيد الاحتيالي على سرقة هوية المستخدِم أو معلوماته السرية مثل رموز الوصول والتفاصيل المصرفية وما إلى ذلك بواسطة الحيلة، عبر رابط موجود في رسالة إلكترونية يتلقاها.
وينتحل المحتالون صفة هيئات رسمية، كالبنوك أو منصات التوصيل أو السلطات الجمركية، ويحاكون نظام مصادقة. ويتمثل هدفهم في إقناع الضحية بزيارة الموقع الاحتيالي الذي يشبه الموقع الأصلي فيقع في الشرك ويُدخِل معلوماته السرية.
ويمكن أن تكون مواقع السفر بمثابة منجم ذهب للمحتالين، إذ غالباً ما ينبغي على طالبي حجز تذاكر الرحلات أو الإقامات الفندقية تقديم تفاصيل بطاقاتهم الائتمانية أو تحميل نسخة عن وثيقة ثبوتية.
ومع أن التصيد الاحتيالي كان موجوداً أصلاً عبر البريد الإلكتروني، لاحظت ويلكينغ أن “الزيادة بدأت تُسجّل بعد وقت قصير من إطلاق تشات جي.بي.تي” في نهاية عام 2022، وهو البرنامج الذي ينشئ محتوى بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية.
وتعتقد المسؤولة في بوكينغ أن المتسللين “يستخدمون بلا شك الذكاء الاصطناعي لشنّ هجمات تحاكي رسائل البريد الإلكتروني بشكل أفضل بكثير من كل ما فعلوه من قبل”.
وشرحت أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي باتت تتيح للمحتالين استخدام لغات متعددة، وفي كل لغة يتم تحسين أسلوب النصوص وتطبيق القواعد النحوية على نحو أفضل من ذي قبل.
4.99
تريليون دولار حجم سوق الضيافة في 2024 ارتفاعا من 4.67 تريليون في 2023
وأوضحت أن الموظف الفندقي، توخياً لخدمة النزيل المزعوم الذي أرسل له رسالة إلكترونية، “سيفتح على الأرجح الملف المرفق”، وهو في الواقع برنامج ضار يستغل طبيعة هذا القطاع القائم على الخدمة.
وما على المستخدمين، سواء أكانوا طالبي حجز أم مؤسسات مختصة بالسفر والضيافة، إلاّ أن يشتركوا في نظام المصادقة الثنائية عند تصفحهم الإنترنت.
وفي المصادقة الثنائية، لا يكفي إدخال اسم المستخدم وكلمة المرور، بل يُطلب من المستخدمين تأكيد هوياتهم من خلال عامل إضافي، قد يكون رمزاً لمرة واحدة يتم إرساله إلى أجهزتهم المحمولة أو إنشاؤه بواسطة تطبيق مصادقة.
وشددت الخبيرة على أن هذه الخطوة الإضافية، رغم ما تتطلبه من جهد إضافي، تبقى “إلى حد بعيد أفضل طريقة لمحاربة التصيد الاحتيالي وسرقة بيانات التعريف”.
ونصحت المستخدمين بـ”عدم النقر على أي شيء يبدو مريباً”، ودَعَتهم إلى “الاتصال بالجهة المالكة والمضيفين وخدمة الزبائن”.
وإلى جانب منصة بوكينغ، ثمة العشرات من مواقع الحجز الفندقي الشهيرة في العالم، مثل كلاودبيدز وبروفيترووم وسيت ميندر وأس.أتش.آر غروب ويانوليجا ونيت أفينيتي وغيرها.
وأفادت ويلكينغ بأن ثمة تعاوناً وثيقاً قائماً بين موقع بوكينغ وغيره من الجهات البارزة في هذا القطاع. وأضافت “لقد أنشأنا نماذج ذكاء اصطناعي للكشف عن عمليات الاحتيال هذه أو منع حصولها من البداية ثم حذفها قبل أيّ حجز.
من المتوقع أن يسافر 4.7 مليار شخص في عام 2024، وهو رقم قياسي يتجاوز مستوى ما قبل الوباء البالغ 4.5 مليار شخص المسجل في 2019
ولاحظت مواقع حجوزات السفر زيادة في الجهات الحكومية يُعتقد أنها روسيا والصين المتهمة بتنفيذ أعمال ضارة عبر الإنترنت أو التجسس على الزبائن.
وتساءلت ويلكينغ “لماذا تلاحق دولة ما سلسلة فنادق؟”. وأضافت “إذا كانوا يعرفون أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يرتاد سلسلة فنادق معينة، فلماذا لا يلاحقونها هي؟”.
ونما حجم سوق الضيافة بقوة في السنوات الأخيرة. وقد بلغ بنهاية العام الماضي نحو 4.67 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يصل بنهاية هذا العام إلى 4.99 تريليون دولار.
وترجح منظمة السياحة العالمية أن تتعافى السياحة العالمية في 2024 بالكامل من تداعيات الجائحة، وتوقعت أن يزيد عدد السياح الدوليين باثنين في المئة مقارنة بعام 2019.
وسيؤدي إطلاق العنان للطلب المكبوت وزيادة النقل الجوي والانتعاش الأقوى للأسواق الآسيوية إلى تعزيز تعافي القطاع مما يعطي المزيد من التفاؤل لشركة الطيران حتى تعزز أعمالها وتساعد الحكومات على جني المزيد من الإيرادات.
لكن في ظل زيادة التكاليف وعدم اليقين الاقتصادي العالمي، فإن عودة المسافرين إلى المطارات لا تعني بالضرورة أن القطاع خرج من مرحلة الخطر.
وذكر اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) في تقرير مطلع هذا العام، أن الشركات متفائلة بأن يتجاوز عدد المسافرين هذا العام المستويات التي تم تسجيلها قبل الوباء مع تجاوز القطاع لتبعات الأزمة الصحية.
وقال في مراجعته التقليدية لاتجاهات القطاع إنه “من المتوقع أن يسافر 4.7 مليار شخص في عام 2024، وهو رقم قياسي يتجاوز مستوى ما قبل الوباء البالغ 4.5 مليار شخص المسجل في 2019”.