الإدمان الرقمي خطر داهم يغتال روح الطفولة في تونس

الاستخدام المفرط للشاشات يقود إلى الإدمان الرقمي الذي يزيد من الاضطرابات العصبية لتأثيره على نفسية الفرد.
الثلاثاء 2024/06/18
الأجهزة الذكية.. مرض يهدد الطفولة

تونس - في حركية نشطة لا تكاد تنقطع بقاعة الانتظار بقسم الإنعاش بالمستشفى العسكري يغدو أناس ويروحون للاطمئنان على ذويهم. تدخل أم تعلو ملامح وجهها اللهفة ويعتري جسمها الاضطراب.

كانت تمسك ابنها الصغير ذا الأربع سنوات تقريبا وتركته وحيدا على أحد المقاعد رفقة هاتف ذكي يبدو أن الطفل متعود على استخدامه ومكث طيلة الوقت يبحر في الإنترنت دون حسيب ولا رقيب. تلهى الطفل واسمه إقبال عن الحاضرين بالقاعة حتى إنه جلس على الكرسي ذاته الذي كانت فتاة لا يتجاوز عمرها 15 سنة تجلس عليه. انشغل كلاهما بالهاتف الجوال الذكي وبين الفينة والأخرى ترمقه الفتاة بنظرات غاضبة تنهره على رفع صوت مقاطع الفيديو التي يشاهدها.

فجأة تهرول الأم نحو طفلها لتفتكّ له الهاتف لتجري اتصالا هاتفيا. اتخذ الطفل مكانا له بين ساقيها يبكي ويتوسل كي تعيد له الهاتف اكتفت بنهره ولم تبال بصراخه وتوسلاته. ترى رانية وهي موظفة وأم لطفلين يبلغان من العمر 11 و8 سنوات أن استعمال الطفل هاتفا ذكيا في سن مبكرة يعد خطرا محدقا به، محذرة الأولياء من السماح لأطفالهم باستخدام الهاتف في سن مبكرة، وفق ما أوردته وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

وعلّلت ذلك بما حصل لابنها عندما كان في عمر 3 سنوات إذ صار ينخرط في نوبات بكاء عندما ترفض أحيانا إعطاءه الهاتف فقررت منذ ذلك الحين منعه عنه إلى سن 11 سنة واتخذت نفس الإجراء مع ابنتها. واتفق سليم وهو موظف وأب لطفلين يبلغان من العمر 14 عاما و7 أعوام مع الأم رانية في موقفها لكنه أقر قائلا “غير أن الواقع يفرض نفسه وهناك العديد من الفلتات رغم رفضي لها”.

وأضاف للوكالة “سمحت لأحد أولادي باستخدام الهاتف الذكي في سن 11 عاما وأحرص دائما على مراقبته رغم تعمده في الكثير من الأحيان متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والآخر اقتنيت له جهاز ألعاب فيديو في سن 4 أعوام وأنا نادم على ذلك”.

قصت هدى وهي موظفة وأم لبنتين تبلغان من العمر عامين ونصف، و9 أعوام ،على وكالة تونس أفريقيا للأنباء قصة إدمان بنتيها على الأجهزة الذكية، فالطفلة ذات العامين والنصف متأخرة في النطق وتعرضت للشاشات مؤخرا من جهاز تلفاز وهاتف محمول ذكي حتى إنها تعرف كيفية فتح مقاطع الفيديو في الهاتف وتمضي الوقت الذي تعمل فيه أمها في التعرض للشاشات. وتابعت قولها “ابنتي ذات التسعة أعوام تمضي أوقات فراغها في مشاهدة مقاطع الفيديو بجهاز الهاتف الذكي واللوحة الرقمية، فحاولت إلهاءها بتسجيلها في نادي مجوهرات بمدرستها الخاصة ولاحظت شغفها بما تصنعه في الحصة إلا أن ميلها للأجهزة الذكية ما زال على حاله”.

وترى فائقة وهي موظفة وأم لثلاثة أطفال يتراوح أعمارهم بين 7 و11 و12 عاما، أن الأجهزة الذكية غير مسموح بها للأطفال دون 11 عاما إلا أن الواقع غيّر من بعض هذه المبادئ، هي تحرص في سن التمدرس بالمرحلة الابتدائية ألا تسمح لهم باستخدامها لكن أترابهم يؤثرون عليهم.

15