مقتل قائد من الدعم السريع لا يؤثر على إدارة المعارك في الفاشر

المعارك المستمرة منذ أكثر من عام تسببت في مصرع قادة كثيرين من الجيش والدعم السريع، ومع ذلك لا تزال تحافظ على زخمها.
السبت 2024/06/15
احتدام المواجهات

الخرطوم – يشير تعامل الجيش السوداني مع مصرع علي يعقوب جبريل، القائد الميداني الكبير في قوات الدعم السريع، إلى أن الجيش وحلفاءه في بعض الحركات المسلحة يبحثون عن نصر معنوي يخففون به من وطأة الخسائر المتفرقة في إقليم دارفور، ويوحون بأن قوات الدعم السريع على وشك أن تفقد السيطرة على كوادرها.

وزف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي خبر مقتل جبريل في الفاشر على حسابه في منصة إكس، كأنه يبحث عما يدعم به عناصره في حركة تحرير السودان التي تخوض بجانب الجيش معركة تمثل خسارتها نهاية عسكرية معنوية له ولرفاقه.

وكشفت مصادر سودانية لـ”العرب” أن النظام الهرمي الذي تدار من خلاله قوات الدعم السريع يحول دون حدوث خلل عقب اختفاء قائد ميداني كبير أو صغير، لوجود نواب يتولون الأمر مباشرة، وربما يكون هؤلاء أكثر قوة من سابقيهم.

النظام الهرمي الذي تدار من خلاله قوات الدعم السريع يحول دون حدوث خلل عقب اختفاء قائد ميداني كبير أو صغير، لوجود نواب يتولون الأمر مباشرة

وأضافت المصادر أن المعارك المستمرة منذ أكثر من عام تسببت في مصرع قادة كثيرين من الجيش والدعم السريع، ومع ذلك لا تزال تحافظ على زخمها، وإذا كانت هناك أضرار ملموسة فستكون في هياكل الجيش الذي لحقت به هزائم عديدة في الفترة الماضية نتيجة انشقاقات، وقفز من قبل قيادات إسلامية وشعبية على العمل العسكري.

وشددت المصادر على أن قوات الدعم السريع تقاتل بشراسة على عدة جبهات، ولم يظهر على جسمها العسكري خلل يوحي بأنها فقدت أو يمكن أن تفقد السيطرة على وحداتها، بل بالعكس يعزز قتالها في دارفور والخرطوم والجزيرة وشمال كردفان وغيرها من المناطق تفوقها، وأوشكت على طرد قوات الجيش من إقليم دارفور تماما بعد سيطرتها على أربع ولايات فيه، واقتربت من إحكام قبضتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي الولاية الخامسة التي يمكن أن تسقط في أي لحظة.

واحتدمت المعارك بين قوات الدعم السريع والجيش حول مدينة الفاشر منذ مايو الماضي، ويتعامل معها كل طرف على أساس أنها مصيرية عسكريا، فهي تؤكد تفوق الدعم السريع أو تعيد إلى الجيش الاعتبار الرمزي، وقد تلعب دورا سياسيا في محادثات جدة المجمدة، والتي طالبت قوى إقليمية ودولية بالعودة إليها، وتحدد الموقع التفاوضي لكل طرف.

ولئن مثّل مصرع علي يعقوب خسارة ميدانية فادحة فإن العناصر التي كان يقودها وكسب بها جولات متعددة قادرة على مواصلة القتال، ولا تثنيها عن ذلك محاولات التشفي من الرجل، وربما تقوي عزيمتها وتزيدها شراسة، انتقاما له.

وأعلن الجيش السوداني في بيان له أن عناصر الدعم السريع شنت صباح الجمعة هجوما على الفاشر، وأن القوات أحبطت “الهجوم وكبدتهم (مقاتلي الدعم السريع) خسائر كبيرة، من ضمنهم قائدهم علي يعقوب الذي لقي مصرعه في محاولة الهجوم”.

وذكرت منصات قريبة من قوات الدعم السريع أنها كبدت الحركات المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والآليات الحربية، وقتلت أكثر من 500 عنصر، من بينهم قادة، بعد معركة ضارية في منطقة وادي أمبار. وقالت تقارير سودانية إن القيادي الكبير في الدعم السريع علي يعقوب جبريل قتل في حي السلام بعد أن حاولت قواته اختراق دفاعات القوة المشتركة في جنوب الفاشر.

وعلي يعقوب هو زعيم قبلي سابق في ولاية وسط دارفور التحق بالدعم السريع وتولى قطاع وسط دارفور، ولعب دورًا حاسمًا في عمليات عدة جرت في دارفور، وتمكنت قواته من السيطرة على ولاية الوسط وإبعاد الجيش عن قيادة الفرقة 21 مشاة.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في 15 مايو الماضي عقوبات على يعقوب على خلفية هجمات عسكرية تقوم بها قوات الدعم السريع في شمال دارفور، وأسندت إلى يعقوب مهمة قيادة عملية السيطرة على الفاشر منذ أبريل الماضي.

وتضغط أطراف دولية لوقف المواجهات العسكرية في مدينة الفاشر التي تؤوي نحو 800 ألف نازح قدموا من ولايات دارفور الأخرى الخاضعة لسيطرة الدعم السريع. واعتمد مجلس الأمن الخميس قرارًا يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها للفاشر، ووقْف القتال فورًا وخفْض التصعيد في المدينة ومحيطها، وسحْب جميع المقاتلين من الفاشر، وضمان حماية المدنيين. وحظي القرار بتأييد 14 دولة، وامتنعت روسيا عن التصويت الذي رأت أنه يمثل رد فعل مبالغا فيه على الوضع في الفاشر والسودان بشكل عام، واقترحت إصدار بيان صحفي بدلاً من ذلك.

وطالبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، مجلس الأمن ببذل كل ما في وسعه لإنهاء القتال في السودان وتسهيل زيادة فورية وواسعة النطاق في المساعدات الإنسانية المقدمة إلى المحتاجين. ويدور قتال عنيف منذ أكثر من أسبوع بين عناصر تابعة لحركتيْ تحرير السودان وتجمع قوى تحرير السودان من جهة وقوات الدعم السريع بالقرب من بلدة الزرق على الحدود بين السودان وليبيا وتشاد، من جهة أخرى.

1