الدراما التاريخية السورية تعلن عودتها بإنتاج ضخم

سامر سالم أحمد

يبدو أن النجاح الذي حققه المسلسل المصري التاريخي “الحشاشين” الذي عرض خلال موسم رمضان الماضي، قد فتح شهية الدراما السورية لمعاودة إنتاج أعمال تاريخية ابتعدت عنها خلال السنوات الماضية، لتراجع الإنتاج وضعف الاقتصاد والظروف الأمنية. الدراما التاريخية كانت في السابق قد أخذت حيزا كبيرا ضمن أجندة الدراما السورية سواء أكانت دراما تعيد تمثيل أحداث تاريخية حقيقية أو ما يعُرف بالفانتازيا التاريخية (قصص خيالية غير واقعية).

ولطالما أمتعتنا الدراما السورية بمسلسلاتها التاريخية التي شكلت علامة فارقة في الفن وغدت أعمالا خالدة مشهورة بتوقيع سوري والشاهد الحاضر دوما هو الجمهور العربي، فكيف لنا أن ننسى “ثلاثية الأندلس”  و”صقر قريش” و”ربيع قرطبة” و”ملوك الطوائف” ومسلسل “صلاح الدين الأيوبي” و”الزير سالم” والقائمة تطول.

مسلسل “المماليك” كان قد أعلنه موقع “بوسطة” الفني الذي أكّد قرب بدء تصويره، وفق ما نقله عن مصادر خاصة. وقد بدأت فعلا شركة “إيبلا” للإنتاج الفني الاستعداد لتصوير مسلسل المماليك لموسم رمضان المقبل. ولم يتم بعد الكشف عن أي تفاصيل أخرى تتعلق باسم أبطال المسلسل وبقية نجومه، وسط تكهنات كبيرة حول اسم النجمة المرشحة لدور البطولة.

كما تم التأكيد على أن العمل سيجمع بين ممثلين سوريين ومصريين باعتبار أن المماليك قد حكموا في سوريا ومصر. بالإضافة إلى قيام فريق عمل المسلسل التاريخي “المماليك” بعمليات استطلاع لأماكن التصوير في مختلف المناطق ضمن سوريا تمهيدا لتصوير المسلسل، ومن الأماكن التي تم الاستطلاع فيها حماة والساحل السوري، والعاصمة دمشق ومحيطها، كما سيتم التصوير في مصر.

ستدور أحداث هذا العمل حول قصة شجرة الدر وهي من الشخصيات التاريخية التي كان لها حضور لافت في عهد المماليك، فتلك السيدة نسجت حولها الحكايات وتعددت الروايات، فمن ذهب إلى أن أصلها شركسي وهناك من قال إنها رومانية الأصل ولكن الإجماع الحاصل في مختلف الروايات أنها غاية في الجمال والروعة فائقة الذكاء عذبة اللسان.

وشجرة الدرّ الملقبة بعصمة الدين أم خليل، كانت جارية اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها وأنجبت منه ابنها خليل الذي توفي في 2 من صفر 648 هـ (مايو 1250م). وتولت عرش مصر لمدة ثمانين يوما بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني سنة 648 هـ (1250م).

لعبت دورا تاريخيا هاما أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر وخلال معركة المنصورة. والحملة الصليبية السابعة وقعت عام 1250 في مدينة “فارسكور” (إحدى مدن محافظة دمياط) المصرية، بقيادة الملك الفرنسي لويس التاسع والسلطان الأيوبي توران شاه، وكان الهدف من الحملة الاستيلاء على مصر لتكون بوابة الصليبيين لاحتلال بيت المقدس.

ومن المقرر أن يتولى زمام مسلسل “المماليك” المخرج سيف الدين سبيعي المعروف بإخراجه لمجموعة من الأعمال  الدرامية التي لاقت نجاحا كبيرا على مستوى العالم العربي. سبيعي هو ابن الممثل الراحل رفيق سبيعي، يملك في رصيده 35 عملا فنيا، كان آخرها مسلسل “مال القبان” و”العربجي” بجزئه الثاني.

وقد قام بكتابة النص الكاتب السوري محمد اليساري، الذي سبق له أن قدّم أعمالا تاريخية طويلة كمسلسل "عنترة" و"الحسن والحسين" ومسلسل "الإمام" وأيضا "فتح الأندلس". كما يعالج العمل حقبة تاريخية شهدت نهاية “الدولة الأيوبية” وصعود “المماليك” والحملات الصليبية، ومن المقرر أن يعرض مبدئيا في الموسم الرمضاني المقبل في 2025.

ولم تكن المرة الأولى التي تتطرق فيها الدراما السورية إلى معالجة الحقبة الأيوبية، فليس يغيب عن ذهن المشاهد العربي مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” إخراج الراحل الكبير حاتم علي وبطولة جمال سليمان والذي شكل انعطافة كبيرة في مسار الدراما التاريخية السورية نحو الأمام.

المسلسل مكون من ثلاثين حلقة يبدأ من ولادة البطل ويستمر في عرض الأحداث في تتابع زمني مع التعرض للخيوط الأخرى المكملة للقصة والمرتبطة بالفترة التاريخية. "المماليك" عمل ضخم ينتظره الجمهور مع أمل كبير في أن يكون على مستوى التوقعات وينال جماهيرية كبيرة بعد غياب الأعمال التاريخية عن الشاشة منذ سنوات طويلة، وافتقاد الجمهور لها بسبب الأزمة السورية.