اجراءات مغربية استباقية استعدادا لمواجهة حرائق الغابات

الرباط – كثّفت السلطات المغربية ،مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد خلال الأسابيع الأخيرة، استعداداتها لمواجهة موسم حرائق الغابات وعملها لتجنّب تكرار خسائر عام 2022، حين اجتاحت الحرائق خمسة أقاليم شمالي البلاد والتهمت آلاف الهكتارات وسبّبت خسائر كبيرة في الأرواح، في ظل استمرار ظاهرة الجفاف التي تضرب البلاد للعام السادس على التوالي.
وتشير التوقعات إلى أن هذه الظروف المناخية، إلى جانب كثافة الغطاء النباتي في بعض المناطق، تُنذر بموسم حرائق غابات صعب على المملكة، حيث حذّرت الوكالة المغربية للمياه والغابات الشهر الماضي، من تزايد خطر نشوب الحرائق هذا الصيف.
وتعد الغابات في المغرب فضاء طبيعيا مفتوحا يتعرض لضغوط كثيرة تؤثر سلبا على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ تزيد هذه الضغوط مخاطر اندلاع الحرائق، بسبب قابلية الغابات المرتفعة للاشتعال في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدة الرياح الجافة والساخنة. وهو ما حذر منه باحثون مغاربة في علوم البيئة.
وأوضح شكيل عالم الأستاذ بكلية العلوم التابعة لجامعة مولاي إسماعيل بمدينة الراشيدية أن "الجفاف وقلة التساقطات المطرية يُعتبران من أبرز أسباب اندلاع الحرائق، وهي أسباب طبيعية تضاف إلى أخرى بشرية، سواء متعمدة أم لا".
وأشار عالم إلى أن الواحات في المغرب بدأت تشهد حرائق مؤخرا بسبب تداعيات الجفاف، وهي ظاهرة جديدة في البلاد، مقارنة مع السنوات الـ5 الماضية، حيث لم تكن هذه الواحات تعرف حرائق، منبها من الرياح القوية التي تُصعب من عمليات الإخماد.
واستعدت الحكومة المغربية لمواجهة الحرائق المحتملة باتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية والتقنية التي تهدف إلى التخفيف من حدّة الخطر وتقليل الأضرار المحتملة واتخذت كافة التدابير الاستباقية للوقاية من اشتعال النيران ومكافحتها، حيث خصصت ميزانية تبلغ 153 مليون درهم (15.3 مليون دولار) لشراء سيارات إطفاء جديدة وتكثيف دوريات المراقبة الأرضية والجوية للرصد المُبكر لأي بوادر حريق وصيانة أبراج المراقبة الموجودة في الغابات لضمان مراقبة فعالة للمنطقة.
وسيخصص جزء من الميزانية أيضا لتجهيز نقاط الحصول على المياه اللازمة لعمليات الإطفاء وفتح وصيانة الطرق داخل الغابات لتسهيل وصول فرق الإطفاء إلى مواقع الحرائق وصيانة مصدات النار بالغابات، وهي عبارة عن مناطق تم إزالة المواد القابلة للاشتعال منها لمنع انتشار النيران.
كما أجرت السلطات المغربية تدريبات لفرق الإطفاء لتعزيز قدراتها على مواجهة حرائق الغابات ونفذت في شهر مايو الماضي محاكاة لعملية تدخل لإخماد حريق في غابات مدينة القنيطرة شمال غرب بهدف تعزيز استعداد السلطات لمكافحة الحرائق.
وواصل المغرب خلال الأشهر الأخيرة تعزيز أسطوله من طائرات كاندير المتخصصة في إطفاء الحرائق ليرتفع إلى 8 طائرات.
و تربط المغرب اتفاقيات مع دول أخرى مثل البرتغال وإسبانيا، للتعاون في إخماد الحرائق في مجال مكافحة الحرائق.
و لم تتوقف الجهود المغربية والاستعدادات لمواجهة الحرائق عند هذا المستوى، إذ تنفذ الوكالة المغربية للمياه والغابات حملات توعوية سواء ميدانية أو عبر الإعلام الحكومي لرفع مستوى وعي المواطنين بكيفية التصرف عند اندلاع حرائق الغابات أو سبل الحد من اندلاعها حيث أنها قد تقع أحيانا جراء أخطاء بشرية.
وتصدر الوكالة بشكل دوري خرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق المعرضة بشكل أكبر لخطر اندلاع حرائق الغابات بناءً على معطيات علمية متعلقة خصوصا بنوعية الغطاء الغابي وقابليته للاشتعال والتوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية.
ووفق أحدث خريطة من هذا النوع، صدرت الشهر الماضي، تم تحديد الأقاليم في المغرب حسب درجة خطورة تعرضها لحرائق الغابات، ضمت أقاليم المستوى الأحمر الذي تواجه خطورة قصوى من الحرائق كل من طنجة وأصيلا وفحص أنجرة والحسيمة والناضور وخنيفرة وبني ملال شمال وجدة أنكاد وتاوريرت وتازة.
وضمت أقاليم المستوى البرتقالي التي تواجه خطورة مرتفعة، كل من العرائش وشفشاون ووزان وصفرو شمال وتارودانت والدريوش والرباط والصخيرات تمارة وسلا والقنيطرة. أما أقاليم "المستوى الأصفر" التي تواجه "خطورة متوسطة" فتشمل كل من تطوان ومضيق فنيدق وأكادير إداوتنان.
و تعمل الوكالة المغربية على تنسيق العمل مع وزارة النقل والمكتب الوطني للسكك الحديديّة والمكتب الوطني للكهرباء من أجل ترميم واقتلاع الأشجار المحاذية للطرق والسكك الحديدية وخطوط التيارات الكهربائية العالية التوتر التي تمر وسط الغابات.
ويعمل المغرب على تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بما في ذلك الحكومة والجيش وأجهزة الدفاع المدني، حيث قامت المملكة بوضع خطط مشتركة بين كل الأطراف لمواجهة أي حريق قد يندلع وتم إجراء تدريبات مشتركة لرفع قدرات فرق الإطفاء.
وانخفضت حرائق الغابات بالمملكة بنسبة 70 بالمئة عام 2023 مقارنة بعام 2022 والتي قدرت بـ22800 هكتار رغم تسجيل نفس الظروف المناخية الصعبة، حيث اندلعت 466 حريقا في الغابات التي تغطي نحو 12 بالمئة من مساحة البلاد، وأتت على 6 آلاف و426 هكتارا من مساحة تلك الغابات.
وفي عام 2022، سجل المغرب نحو 500 حريق اجتاحت أزيد من 22 ألف هكتار من غاباته وكانت جهة الشمال في مقدمة المناطق المتضررة من تلك الحرائق بعدد 182 حريقًا، أتت على 1620 هكتارا، وفق الوكالة.