تشتت برامج التدريب للشركاء الدوليين يعيق بناء جيش صومالي موحد وقوي

رئيس الوزراء الصومالي يشدد على أهمية توحيد برامج التدريب لبناء قوة عسكرية قوية.
الخميس 2024/06/13
قوات أوروبية تشرف على تدريب وحدات عسكرية صومالية

مقديشو - يمثل تشتت برامج التدريب التي يتولاها عدد من الشركاء الدوليين أحد أبرز نقاط الضعف في بناء جيش صومالي مهني وموحد، قادر على مواجهة التحديات الماثلة وفي مقدمتها التهديدات الإرهابية الممثلة في حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، والنشاط المتزايد لبعض خلايا تنظيم الدولة الإسلامية.

ويرى متابعون أن الحكومة الاتحادية تعي المعضلة، وقد بدأت بالبحث عن حلول لها، لاسيما وأن الجيش الاتحادي الصومالي ستكون عليه أعباء كبيرة مع إتمام عملية انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال “أتميس” والمفترض أن تنجز بحلول العام 2025.

وأعلن رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري عن خطط لتوحيد جميع برامج التدريب التي يقدمها مختلف الشركاء الأمنيين الدوليين.

حمزة عبدي بري: مع توحيد برامج التدريب لبناء قوة عسكرية قوية ومهنية
حمزة عبدي بري: مع توحيد برامج التدريب لبناء قوة عسكرية قوية ومهنية

جاء الإعلان خلال زيارة بري إلى أكاديمية تركسوم العسكرية التي تم افتتاحها عام 2017 في منطقة الجزيرة جنوبي العاصمة مقديشو.

وشدد رئيس الوزراء الصومالي على أهمية توحيد برامج التدريب لبناء قوة عسكرية قوية ومهنية قادرة على الدفاع عن سيادة البلاد وحماية المواطنين، حاثا القوات المسلحة الصومالية على مضاعفة الجهود للقضاء على حركة الشباب.

ولم يوضح بري تفاصيل خطة توحيد برامج التدريب، وعما إذا كانت هناك نقاشات حول المسألة مع الشركاء الأمنيين، مع أن البعض منهم قد لا يتحمس للفكرة، ذلك أن وجوده العسكري في الصومال يتجاوز أبعاد تدريب الجيش الاتحادي وتحويله إلى قوة قادرة حقيقة على مسك الأمن في البلاد.

وتشن الحكومة الاتحادية منذ أغسطس 2022 حملة عسكرية واسع النطاق ضد حركة الشباب التي تسيطر على مساحات واسعة من جنوب الصومال ووسطه، بالرهان على قوات عسكرية دربتها قوى دولية مثل القوات الخاصة المعروفة بـ”دنب” والتي تخضع لتدريبات أميركية، وكتيبة “النسور” التي تدربها قوات تركية.

كما تلعب قوات مسلحة في الجيش الصومالي دربتها الإمارات العربية المتحدة وأخرى دربها الاتحاد الأوروبي دورا نشطا في المواجهة ضد حركة الشباب، لكن المعضلة التي واجهت الجيش الصومالي في الأشهر الأخيرة هي الحفاظ على المكاسب التي تحققت على الأرض، ونشر قوات كافية، في غياب العقيدة القومية لدى جزء كبير من القوات الصومالية.

وتحدث تقرير لمعهد “واشنطن” صدر في مارس الماضي عن فشل جهود التدريب التي بذلتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا لأن معظم ألوية الجيش الوطني الصومالي هي في واقع الأمر ميليشيات عشائرية ملتزمة بمصالح زعمائها. وبالنتيجة، سعت وحدات الجيش الصومالي في الغالب، بصرف النظر عن جودة التدريب الذي تلقته، إلى تحقيق مصالح العشائر وتبين أنها غير فعالة في محاربة حركة الشباب، لاسيما خارج أراضيها.

وإلى جانب لواء “دنب”، تملك قوات “غورغور” الخاصة المدربة على يد الأتراك القدرة حقًا على تنفيذ عمليات هجومية، إلا أن تركيا لم تتخذ خطوات كافية لحمايتها من سوء الاستخدام السياسي.

ويوضح التقرير أن القوات الصومالية التي دربتها الإمارات وحدها حتى الآن التي كانت أكثر مهنية وجدية في الحرب ضد حركة الشباب، ذلك أن الدولة الخليجية حرصت على الابتعاد عن السياسة الانتقائية، عبر تمثيل العشائر المتعددة في صفوف المتدربين. كما أنها تحرص على تعيين قدامى المحاربين لقيادة الوحدات ومراقبة الوحدات الجديدة من خلال برنامج إعادة تدريب مستمر في معسكر “غوردون”.

الحكومة الاتحادية تشن منذ أغسطس 2022 حملة عسكرية واسع النطاق ضد حركة الشباب التي تسيطر على مساحات واسعة من جنوب الصومال ووسطه

وفي أبريل الماضي، انفجرت فضيحة في صفوف القوات الخاصة “دنب” على خلفية سرقة حصص مساعدات كانت تبرعت بها الولايات المتحدة.

وأعلنت الحكومة الصومالية عن اعتقال عدد من أعضاء وحدة القوات الخاصة، وأنها أبلغت الشركاء الدوليين بواقعة السرقة وستعلن النتائج التي توصلت إليها في تحقيقاتها.

وقال مسؤول أميركي في بيان وصل وكالة رويترز، حينها إن واشنطن تأخذ كل اتهامات الفساد على محمل الجد. وتأتي الفضيحة بعد أسابيع قليلة من موافقة الولايات المتحدة على تخصيص أكثر من مئة مليون دولار لبناء ما يصل إلى خمس قواعد عسكرية تابعة لوحدة دنب.

ويرى خبراء عسكريون أن غياب عقيدة قومية، وهيمنة النزعة العشائرية، وتفشي الفساد يجعل من الصعب بمكان الحديث عن جيش صومالي قوي وموحد ومهني، وما يضاعف المشكلة أكثر هو تشتت برامج التدريب التي تتولاها قوى دولية، والتي يبدو أن ضررها أكثر من فاعليتها.

ويلفت الخبراء إلى أن هناك حاجة لتوحيد برامج التدريب ضمن قيادة مشتركة، خاصة وأن الجيش الصومالي سيكون أمام تحد كبير لاسيما في مواجهة حركة الشباب، مع سحب قوات “بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال” التي يضم عديدها 15 ألف جندي حيث من المقرر أن يغادروا بالكامل بحلول نهاية العام 2024.

ومنذ العام 2007، لعبت بعثة “أتميس” وقبلها “بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال” المعروفة باسم “أميصوم”، دورا حيويا في استعادة مقديشو وكيسمايو وغيرهما من المراكز السكانية الرئيسية من حركة الشباب والاحتفاظ بها.

2