القاهرة عالقة في ملف الصناديق السيادية بلا جدوى

الحكومة تستعين بهذه الأدوات الاستثمارية الخاصة من أجل تسريع برنامج الإصلاح الاقتصادي.
الاثنين 2024/06/10
عملية المراقبة على مدار الساعة

تواجه الحكومة المصرية تحديات كبيرة لإقناع المستثمرين بجدوى تأسيس الصناديق السيادية، التي تقوم بالإعلان عنها من وقت لآخر، وتعتزم قريبا تدشين كيان في قطاع الاتصالات، وباتت في المراحل النهائية لإطلاق صندوق آخر يتخصص في مجال الصناعة.

القاهرة- أكد مستثمرون أن الصناديق السيادية التي تقوم القاهرة بتدشينها لن تُجدي في تخلص الصناعة من العراقيل التي تعترض طريقها ما لم تدعمها الحكومة بصورة حقيقية وتترك الإدارة كاملة للقطاع الخاص.

وفضلا عن ذلك، يرى هؤلاء أن أهداف الصناديق لا تتحقق إلا بتغيير الهدف من الاستثمار والتحول إلى شريك ومروج لتلك المجالات لأجل تعزيز استثماراتها.

ويعتزم صندوق مصر السيادي تأسيس صندوق استثمار خاص بقطاع الاتصالات، ومن المتوقع إطلاقه خلال الأسابيع المقبلة ليكون بمثابة ذراع فرعية.

ويستهدف صندوق الاتصالات ضخ استثمارات في كل المجالات المرتبطة به، من أبراج وبنية تحتية وغيرهما، عبر شراكات مع الكيانات الخاصة أو الاستثمار فيها.

مجدالدين المنزلاوي: هذه الصناديق ليست أداة للنهوض بالصناعة أو غيرها
مجدالدين المنزلاوي: هذه الصناديق ليست أداة للنهوض بالصناعة أو غيرها

وانتهت البلاد من تأسيس صندوق سيادي للصناعة برأسمال 250 مليون دولار قابل للزيادة، وبصدد إتمام الإجراءات اللازمة لإطلاق كيان آخر متخصص في الزراعة للتوسع في القطاعات الحيوية ذات الفرص الاستثمارية الواعدة.

ومن خلال هذه الخطوات يرتفع عدد الصناديق الفرعية المنبثقة من صندوق الثروة إلى ثمانية، وهي متعددة القطاعات، حيث تتبعه حاليا 5 صناديق فرعية في الخدمات المالية والتحول الرقمي، وصندوق للمرافق والبنية الأساسية.

وإلى جانب ذلك، ثمة صندوق للخدمات الصحية والصناعات الدوائية، وصندوق السياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار، وصندوق لإدارة وإعادة هيكلة الأصول، ما قبل الطروحات.

وتؤكد مساعي الدولة نحو تأسيس تلك الكيانات السيادية ارتفاع مستوى الحرص على دعم القطاعات المستهدفة والنهوض بها وتعزيز فرص الاستثمار الحقيقية، لاسيما في القطاعين الصناعي والزراعي.

وتركز القاهرة على هذه القطاعات، لتعزيز القدرة على الوفاء بمستهدفاتها عبر برنامج الإصلاح الهيكلي الذي يرمي إلى زيادة أوزانها في الاقتصاد إلى الثلث، بما يصل إلى 35 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، نظرا لقدرتها على الإنتاجية وتوليد واستدامة فرص العمل بها.

ومن المهم توافر مجموعة من الشروط اللازمة لنجاح الصناديق، منها أن يكون غرض تأسيسها ومشاركتها مع الكيانات الخاصة تعميق الصناعة وتوطينها، وألا يكون الهدف استثماريا فقط أو ضخ السيولة بلا نظرة لتطويرها، فضلا عن تعزيز الاستثمارات الأجنبية.

والصندوق السيادي هو الذراع الاستثمارية للدولة، وإحدى الآليات لتعزيز الشراكة وجذب القطاع الخاص المحلي والأجنبي لزيادة الاستثمار وتنويع مصادر تمويل أهداف التنمية المستدامة، والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة.

ومن الضروري أن تقدم تلك الصناديق الاستشارات للشركات في البداية مع مدها بالخبرات اللازمة، ودعم نسبة المكون المحلي، لأن تأثير تلك القطاعات على الاقتصاد لن يتأتى إلا عبر زيادة الخامات المحلية وخفض الاستيراد بأكبر معدل ممكن.

خطط لإطلاق صندوق استثماري في الاتصالات بعد تأسيس كيان للصناعة وقرب إتمام الإجراءات لصندوق زراعي

ويمكن الرهان على نجاح الصناديق الجديدة، لأن الصندوق السيادي يركز على الاستثمار الخاص، وأُسس بغرض عقد شراكات مع المستثمرين من القطاع الخاص عبر تصميم منتجات استثمارية فريدة من نوعها عن طريق الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة.

وقال الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين مجدالدين المنزلاوي إن “النهوض بتلك المجالات المهمة لن يتحقق عبر وجود صندوق سيادي فقط، بل يجب إعداد خريطة استثمارية لهم قابلة للتطبيق مع تحديثها بشكل دائم”. وأضاف لـ”العرب”، “ينبغي أن تضم تلك الخارطة مجالات الاستثمار المتنوعة وفقا لأولوية تحتاجها الأسواق والبلاد”.

وضرب المنزلاوي أمثلة كالاعتماد على المنتج المحلي بالصناعة والتركيز على المحاصيل الاستراتيجية والتصديرية وتوطين التكنولوجيا وإزالة العراقيل أمام الشركات العاملة، علاوة على ربطها بالاتفاقيات التجارية لمصر مع مختلف البلدان كي يمكن أن تنتشر خارجيا.

ويصعب تجاهل أهمية أن تركز الصناديق السيادية المزمع تأسيسها على إزالة كافة العقبات التي تعاني منها الشركات، والبحث عن فرص استثمارية جديدة، وينصب عملها على التصدير وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية لتصبح نافذة لجذب العملات الأجنبية للبلاد.

ومشاركة الحكومة في الصناديق خطوة من شأنها تعزيز نجاحها في النهوض بالقطاعات المختلفة، لأنه يعزز التغلب على مواجهة العراقيل التي تواجهها خلال مرحلة التشغيل، وضرورة إسناد الإدارة إلى خبراء من القطاع الخاص، كون ذلك إفساحا أكبر لحركتها في مصر.

سعيد يونس: من الضروري تغيير سياسات الاستثمار وجذب الأجانب
سعيد يونس: من الضروري تغيير سياسات الاستثمار وجذب الأجانب

وحذر نائب رئيس غرفة الملاحة بالغرفة التجارية بالسويس سعيد يونس من أن تكون تلك الصناديق لا تُحدث أثرًا ملحوظًا على القطاعات المتخصصة فيها.

ودلل على ذلك بالصندوق المتخصص في القطاع الدوائي، والذي لم يسهم في حل أزمة نقص الأدوية التي تعاني منها البلاد ودفعت أسعار الدواء إلى ارتفاعات جديدة لتمثل ضغطًا أكبر على المواطنين.

ويهدف الصندوق السيادي الفرعي المتخصص في الصناعات الدوائية إلى المضي قدما في عمليات استحواذ تجارية، منها شراؤه العام الماضي نحو 49 في المئة بالشراكة مع الصندوق على صيدليات العزبي، كما يخطط حاليا للاستحواذ على صيدليات مصر.

ولا تمثل تلك الاستحواذات إضافات حقيقية لصناعة الدواء المحلية، لأن المستفيد منها ملاك الصيدليات، فضلا عن الأرباح لاحقا، التي يجنيها الصندوق من تجارة الدواء.

وأشار يونس لـ”العرب” إلى أنه بجانب مساعي الصندوق نحو تصدير المنتجات المصرية، كشرط مهم لظهور أثره على تلك القطاعات، يجب أن يسعى كذلك لجذب المستثمرين الأجانب والاستفادة من خبراتهم ودعم أكبر للمصانع المتعثرة التي لم تحل مشاكلها منذ سنوات.

وطمأن الصندوق السيادي مجتمع الأعمال في بيان سابق بقوله إن مصر دولة غنية بالأصول المستغلة وغير المستغلة، ولذلك تؤكد إدارته أن آلية عمله تقوم على دراسة الفرص المختلفة عبر الأصول في البلاد، أو فرص الاستثمار المباشر، بما يتوافق مع رؤية مصر 2030.

كما أن الهدف من وراء استثمارات الصندوق هو خلق قيمة مضافة وزيادة حجم الأصول التي يعمل عليها الصندوق.

واستثمر الصندوق السيادي أكثر من 5 مليارات دولار منذ تأسيسه في العام 2018 في الأصول الحكومية، واستثمر أيضا حوالي 5.6 مليار دولار في قطاعات البتروكيماويات والسياحة والتكنولوجيا المالية والطاقة.

11