أهلا بكبش العيد

لا حديث هذه الأيام إلا عن غلاء الأضاحي في أسواق أغلب الدول العربية، حتى قيل إنه ينحر فرحة العيد، ويدفع بالطبقة الوسطى إلى التداين لضمان شراء الخروف الذي قد يصل ثمنه إلى راتب شهر كامل وربما أكثر، وهو ما جعل الكثير من الأصوات ترتفع داعية إلى التخلي عن الأضحية إلى أن تتراجع الأسعار، لكنها لا تجد دعما ولا تفهّما من السلطات الدينية الرسمية التي لا تتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك إلا بقرار سياسي من الصعب أن يصدر خشية الجدل الذي قد يثيره في الشارع المتشنج بطبعه.
واللافت أن موضوع الأضاحي كثيرا ما تم التطرق إليه من زوايا الاجتهاد، فالمعروف مثلا عن الإمام ابن حزم أنه أجاز التضحية بالبط والإوز وحتى العصافير، انطلاقا من أن "الأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه".
ونقلت كتب التراث عن الصحابي بلال بن رباح أنه ضحّى بديك، وقال ابن المنذر "روينا عن بلال أنه قال: ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ولأن أضعه في يتيم أحب إليّ من أن أضحي به"، ومما ورد على لسان ابن عباس أنه "يكفي في الأضحية إراقة الدم ولو من دجاجة وإوزّة"، وكان يعطي غلامه درهمين ويكلفه بأن يشتري بهما لحما يرسله إلى الفقراء، ثم يقول "هذه أضحية ابن عباس، أي هذا ما كان في وسعه، فهي أضحية مجازا".
وقبل 23 عاما، أفتى عميد كلية الفقه في جامعة مرمرة في إسطنبول زكريا بياز بجواز التضحية بالدجاج يوم الأضحى بدل بهيمة الأنعام، لكن وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة ذهب إلى ما سبقه إليه الشيخ يوسف القرضاوي من أن على الميسورين أن يضحوا بالأنعام وعلى الفقراء أن ينتظروا نصيبهم من الصدقات، أما تعميم التضحية بالطيور فقد يضرب الشعيرة في مقتل بأن يصبح الذبح العظيم مجرد ديك أو دجاجة أو بطة أو إوزة.
كما اعتبر المفتي شوقي علام أنه "لا يجوز في الأضحية إلا أن تكون من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم"، منطلقا من أن الرأي القائل بجواز التضحية بكل حيوان يؤكل لحمه رأي ضعيف وغير معتبر في الإفتاء ومخالف لعمل الأمة المستقر.
والعام الماضي، أكد الدكتور سعدالدين الهلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن الأضحية لا تقتصر على الأنعام بل يستطيع المسلم أن يضحي بكل ما هو مذبوح، حسب المذهب الظاهري.
وأكد أن المسلم يستطيع أن يجعل الأضحية بفرخة أو ديك أو أيّ طير، أو كل ما يذبح ويؤكل، مستشهدا بقوله تعالى "وفديناه بذبح عظيم"، وتابع قائلا "إن دار الإفتاء استندت في فتواها التي تشدد على أن تكون الأضحية من الأنعام لرأي العلماء الأربعة أبوحنيفة ومالك والشافعي وبن حنبل، وتجاهلت رأي المذهب الظاهري".
وفي ظل جدل الفقهاء، يبقى على متوسطي وعديمي الدخل البحث عن حل مناسب لاستقبال عيد الأضحى باعتباره مناسبة سنوية للاحتفال بكبش العيد، وبالشيّ والقديد وأكلة الثريد.