التوترات في دول الساحل تهدد أمن شمال أفريقيا وأوروبا

جنيف – تثير موجات النزوح والهجرة المتتالية، بسبب نزاعات سياسية داخلية وتدخلات خارجية في دول الساحل، مخاوف دول شمال أفريقيا وأوروبا، بالتزامن مع نزوحات وهجرات أخرى من السودان، في ظل اشتداد الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتعاني دول شمال أفريقيا من صعوبات شديدة في استقبال آلاف اللاجئين وفي الوقت نفسه مراقبة ومنع محاولات التهريب نحو أوروبا، ما خلق وضعا إنسانيا صعبا للاجئين وللدول نفسها مثلما هو الأمر في تونس وليبيا ومصر.
ودعت الأمم المتحدة الجمعة إلى تحرّك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.
2.8
مليون شخص في بوركينا فاسو ومالي والنيجر نزحوا، فيما هرب 550 ألفا إلى الخارج
وأُجبر أكثر من 3.3 مليون شخص على الفرار من منازلهم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر على مدى السنوات الأربع الماضية جراء نزاعات زادها حدّةً تغيرُ المناخ، وفق ما أفادت به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال الناطق باسم المفوضية المعني بغرب ووسط أفريقيا ألفا سيدي با في إيجاز صحفي بجنيف إن “هذا النزوح القسري المذهل للمدنيين يوجب تحركا دوليا فوريا لمنع تزايده”.
وأضاف أن “الوضع الأمني في وسط الساحل مضطرب، ما يجبر الناس على الفرار من منازلهم بحثا عن الأمان والحماية”.
وتشهد المنطقة دوامة من العنف الجهادي منذ سنوات؛ حيث فشلت تدخلات أوروبية، وخاصة من جانب فرنسا، في مساعدة دول المنطقة على هَزْم الجهاديين لتدخل لاحقا روسيا على الخط من دون أن يكون لها تأثير واضح على نشاط الجماعات المتشددة.
ومنذ عام 2012 تنشط في مالي جماعات مختلفة مرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن القوات التي تعرّف نفسها بأنها قوات دفاع ذاتي ضد قطّاع الطرق.
وشهدت بوركينا فاسو، أحد بلدان العالم الأكثر اضطرابا وفقرا، انقلابين عسكريين عام 2022.
وقال با إن “مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ حيال العدد المتزايد من الأزمات الإنسانية في منطقة الساحل”.
وأفاد بأن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للاستغلال والاعتداء والتهريب.
في الأثناء يفاقم عدم وجود المأوى المناسب والمياه النظيفة والصرف الصحي الظروف السيئة التي يواجهها النازحون، بينما يمنع انعدام الأمن الدائم كثيرين من العودة إلى ديارهم.
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية نزح 2.8 مليون شخص من منازلهم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، في حين هرب 550 ألفا غيرهم إلى الخارج.
وقال با إن “ازدياد الحركة عبر الحدود يؤكد على تعمّق الأزمة والحاجة المتواصلة إلى الاستجابة للاحتياجات في الساحل عبر الاستثمار في الحماية والمساعدة والحلول المستدامة”.
وذكرت المفوضية أنها تحتاج إلى مبلغ قدره 443.5 مليون دولار لتغطية كلفة الاحتياجات الإنسانية العاجلة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر وموريتانيا والبلدان المطلة على خليج غينيا.
وقبل عام كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أشارت إلى توقعها حدوث زيادة كبيرة في الاحتياجات العالمية لإعادة توطين اللاجئين في العام المقبل.
ويستلزم احتداد أزمة اللاجئين وظهور أوضاع نزوحٍ جديدة اتخاذ إجراءاتٍ عاجلةً، لمواجهة التحديات المتصاعدة التي يواجهها الملايين من اللاجئين والنازحين في مختلف أنحاء العالم.
وقال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، “إننا نشهد زيادة مقلقة في أعداد اللاجئين الذين سيحتاجون في عام 2024 إلى إعادة التوطين، وهي تظل شريان حياة بالغ الأهمية للأشخاص من الفئات الأكثر عرضة للخطر ومن ذوي الاحتياجات الخاصة. وأناشد كافة الدول التي تتوفر لديها الوسائل أن تعزز وتقدم التزامات مستدامة تغطي عدة سنوات لإعادة التوطين؛ بهدف توفير السلامة والحماية للأشخاص المحتاجين إليهما، ومشاركة المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين”.