الميليشيات تصعد ضد الحكومة العراقية بعد توقيفات لمهاجمي المطاعم

بغداد – صعدت الميلشيات العراقية ضغوطها على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهدف دفعه إلى إنهاء الوجود الأميركي في البلاد، بعد توقيف عدد كبير من عناصرها بتهمة تنفيذ عمليات اعتداء طالت مطاعم، ووكالات أجنبية، في بغداد.
ونقل موقع "شفق نيوز" الكردي العراقي عن مصدر سياسي مطلع على الأمر قوله الأربعاء إن الفصائل المسلحة منحت السوداني مهلة بأربعين يوما لحسم ملف إخراج القوات الأميركية من البلاد، وأنها توعدت باستئناف هجماتها في حال لم يتم الاستجابة لمطالبها.
وفي أوائل فبراير الماضي، توقفت هجمات الجماعات المسلحة على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، بعد أن تسبب الهجوم الكبير الذي شنته الميليشيات بمقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة البرج 22 في الأردن، ورداً على ذلك نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع بالعراق وسوريا.
وأوضح المصدر السياسي أن "عدداً من الفصائل المسلحة، منحت السوداني وحكومته مهلة لغاية منتصف شهر يوليو المقبل لحسم ملف إخراج القوات الأميركية من البلاد".
وأضاف المصدر أن "الفصائل اشترطت وضع جدول زمني معلن وملزم التنفيذ لحسم هذا الملف، وبخلافه سوف تعاود العمليات العسكرية ضد الأهداف والمصالح الأمريكية في العراق والمنطقة".
ويأتي الخطاب التصعيدي الجديد في أعقاب إعلان وزارة الداخلية العراقية الأربعاء اعتقال "مجموعة جديدة" من الأشخاص بتهمة تنفيذ عمليات اعتداء طالت مطاعم، ووكالات أجنبية، في بغداد.
وقالت وزارة الداخلية في بيان نشر على موقعها الرسمي إن أجهزتها الأمنية تمكنت من "إلقاء القبض على مجموعة جديدة من المتهمين في حوادث الاعتداءات والتخريب التي طالت عددا من مطاعم كي إف سي والوكالات الأجنبية في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد خلال الأيام القليلة الماضية".
وأضاف البيان أن الجهات المختصة في وزارة الداخلية باشرت بالإجراءات القانونية اللازمة بحق الملقى القبض عليهم لإكمال أوراقهم التحقيقية".
وتابع البيان أن "قاضي التحقيق قرر توقيف المتهمين وفق أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، مبينا أن الأجهزة الأمنية مستمرة في "ملاحقة بقية العناصر التي أقدمت على هذا العمل غير القانوني".
وكانت السلطات العراقية أعلنت، الثلاثاء، اعتقال أشخاص اعتدوا على مطاعم ومراكز تجارية في العاصمة بغداد، بينهم أشخاص "ينتمون إلى أحد الأجهزة الأمنية".
وأثار هذا الإعلان حفيظة الميليشيات الممثلة داخل الحكومة والمساهمة في تشكيل مظلّتها السياسية المتمثّلة في الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم بين قياداته زعماء فصائل مسلّحة منتمية للحشد، حيث كانت تهدف من خلال هجماتها على المطاعم إحراج السوداني الذي تصاعدت شعبيته مؤخرا بعد تحقيقه بعض النجاحات على المستوى الخدمي والسياسي.
وبدأ زعماء الفصائل يستشعرون خطر صعود شعبية السوداني، لذلك فهم يحاولون إحراجه وحكومته التي تعمل على جذب الاستثمارات وتشجع الشركات الأجنبية على فتح متاجر في البلاد.
كما تهدف تلك الفصائل من خلال الغزوات الاستعراضية على المطاعم وفروع الشركات الأجنبية (فرع شركة أميركية متخصصة في بيع المعدّات الثقيلة وفرع مؤسسة بحثية بريطانية) التعويض عن الهجمات التي كانت تنفذها ضد القوات الاميركية الموجودة على الأراضي العراقية.
لكن بانكشاف خططها وتوقيف عدد كبير من عناصرها عادت إلى مطلبها الأول الذي هو في الأساس مطلب إيراني للضغط على حكومة السوداني بحسم ملف الوجود الأميركي في البلاد.
ويعكس توعد تلك الفصائل المسلحة ومن خلفها إيران باستئناف الهجمات، أنها تدفع نحو طرد جميع القوات الأميركية من العراق وتقليص النفوذ الدبلوماسي الأميركي، وهو ما من شأنه أن يزيد الميليشيات النافذة جرأة وتحكّما بالاقتصاد العراقي والأجهزة الأمنية العراقية.
ويرى البعض أن هذه السيطرة بدأت بالفعل وهي تعرض قدرة العراق على الاستقلال عن السيطرة الإيرانية للخطر وتزيد من احتمالات وقوع الشرق الأوسط تحت هيمنة طهران و"محور المقاومة" التابع لها.
وكانت زيارة السوداني إلى واشنطن في منتصف أبريل الماضي التقى خلالها الرئيس جو بايدن وعددا من المسؤولين الأميركان، لم تسفر عن تقدّم يذكر في موضوع إخراج القوات الأميركية في العراق، لكنّها حققت تطورات مؤكّدة في مجال التعاون الاقتصادي بين بغداد وواشنطن.
وأبدى قيس الخزعلي القيادي في الإطار التنسيقي وزعيم ميليشيا عصائب أهل الحقّ عدم رضاه على النتائج التي توصل إليها السوداني في لقاءاته بالعاصمة الأميركية قائلا "نجاح زيارة السوداني إلى واشنطن يعتمد على تثبيت إخراج القوات الأميركية من العراق"، مؤكّدا أنّه "لا يمكن التهاون" في هذه القضية، ومهدّدا بـ"العودة إلى ضرب تلك القوات في حال لم يتم إخراجها بالطرق الدبلوماسية والسياسية".
وكانت كتائب حزب الله العراق، قد أعلنت، في 30 يناير 2024، إيقاف عملياتها ضد القوات الأميركية من أجل "عدم إحراج الحكومة العراقية"، موصية مقاتليها بـ"الدفاع السلبي مؤقتاً".
وشنت فصائل عراقية مسلحة، هجمات دورية على قواعد أميركية في العراق وسوريا، بدأت أواخر شهر أكتوبر 2023، على خلفية حرب غزة.