إيران وحزب الله يتركان حماس تواجه مصيرها

بيروت – دعمت تصريحات واضحة لنائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم عن عدم الرغبة في توسيع رقعة الحرب، إلى جانب مجموعة تصريحات تبريرية قالها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن أسباب اندلاع الأزمة دون الإشارة إلى أي رغبة في المشاركة فيها، حسا مشتركا لدى مختلف الأطراف في المنطقة يفيد بأن اثنين من أهم اللاعبين الإقليميين قررا ترك حركة حماس لتواجه مصيرها أمام حملة عسكرية إسرائيلية غير مسبوقة.
وقال قاسم إن حزب الله لا يسعى لتوسيع دائرة الصراع مع إسرائيل لكنه مستعد لخوض أي حرب تُفرض عليه، وذلك في وقت تتزايد فيه الأعمال القتالية عبر الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
ويُفهم من كلام نائب الأمين العام أن حزب الله ليست لديه نية ولا استعداد لخوض حرب يمكن أن تفضي إلى دمار شامل كالذي يحصل حاليا في غزة، وهو ما يعني أن وضع الحزب لا يسمح بذلك خاصة بعد مغامرة الحرب في سوريا.
حس مشترك في المنطقة يفيد بأن إيران وحزب الله قررا ترك حماس لتواجه مصيرها أمام حملة إسرائيلية غير مسبوقة
ويوجه قاسم إلى حماس رسالة مبطنة يفيد مضمونها بأن حزب الله لا يقدر على أكثر من قواعد الاشتباك الراهنة بهدف إلهاء إسرائيل، وفق ما تطلب إيران، وأن على الحركة أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في حرب غير متكافئة تنتهي إلى تفكيكها أم ستقبل بتهدئة دون مكاسب سياسية وقد تفضي إلى إخراجها من حكم القطاع.
وسعى قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، خلال الزيارة التي قام بها إلى بيروت في فبراير الماضي ولقائه أمين عام حزب الله حسن نصرالله، للتأكيد على أن إيران ليست مستعدة للمشاركة في الحرب بأي شكل من الأشكال.
وتأكد هذا الخيار بشكل جلي في حديث المرشد الأعلى الاثنين حين أطلق تصريحات فضفاضة عن استهداف إسرائيل والدعم الأميركي دون الإشارة، تصريحا أو تلميحا، إلى دور إيران في نجدة حماس.
وأعلن خامنئي أنّ إسرائيل “على مسار الزوال”، فيما هنّأ حركة حماس على تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر، معتبرا أنّه “جاء في الوقت المناسب”، وأنه “وجّه ضربة قاصمة للكيان الصهيوني… ووضعه على طريق سينتهي بزواله”. وأضاف “بالطبع، لا أستطيع القول إنّ المخطّطين له كانوا يعرفون العمل المتقن الذي كانوا يقومون به. لكن الحقيقة هي أنّ هذا ما قاموا به”.
وسبق أن أعلن مسؤولون إيرانيون عن إشادتهم بالهجوم، نافين أي صلة لهم به ولا حتى معرفة موعد تنفيذه. وتقدّم إيران، التي لا تعترف بإسرائيل، نفسها كأحد الداعمين الرئيسيين لحركة حماس التي تعدّ إحدى مجموعات “محور المقاومة”.
وتبادل حزب الله إطلاق النار مع إسرائيل على طول الشريط الحدودي خلال الأشهر الثمانية الماضية بالتزامن مع حرب غزة، ما أثار مخاوف من احتمال اندلاع صراع أوسع بين الخصمين.
وتصاعدت أعمال العنف في الأيام الماضية بعد أن بدأت قبل أشهر. وأعلن حزب الله الثلاثاء إطلاق سرب من المسيرات الهجومية على ثكنة عسكرية إسرائيلية لليوم الثاني على التوالي، واصفا ذلك بأنه رد على هجوم دام شنته إسرائيل على لبنان.
وتزايدت الأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله منذ أن خاضا حربا في 2006، ما دفع عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود إلى الفرار من منازلهم. وقال قاسم “قرارنا ألا نوسع الحرب لكننا سنخوضها إذا فرضت علينا”.
وفي المقابل قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر إن القتال في الشمال “ليس واقعا مستداما”. وأضاف أن إسرائيل ملتزمة بأمن عشرات الآلاف من مواطنيها الذين تم إجلاؤهم من المنطقة وضمان عودتهم إلى ديارهم.
300
عضو في حزب الله ونحو 80 مدنيا قتلوا منذ السابع من أكتوبر الماضي
وقال “الأمر (الآن) في يد حزب الله ليقرر ما إذا كان يمكن تحقيق ذلك بالوسائل الدبلوماسية أم بالقوة”، مضيفا “نحن ندافع عن هذا البلد ولا ينبغي لأحد أن يتفاجأ بردنا”.
وقال آموس هوكستين، وهو مستشار كبير للرئيس الأميركي جو بايدن ومنخرط في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف التصعيد، الأسبوع الماضي إن اتفاقا للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان يتم تنفيذه على مراحل قد يخفف الصراع المحتدم والدامي بين البلدين.
وطالب الوزيران الإسرائيليان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالمزيد من العمل العسكري ضد حزب الله.
وقال بن غفير في مقطع فيديو نشر على موقع إكس بعد جولة في مدينة كريات شمونة الشمالية “لا يمكن أن يكون هناك سلام في لبنان بينما تتعرض أرضنا للقصف ويتم إجلاء شعبنا… إنهم يشعلون الحرائق هنا، وعلينا أن نحرق كل معاقل حزب الله، أن ندمرهم. حرب!”.
وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل نحو 300 عضو في حزب الله ونحو 80 مدنيا منذ السابع من أكتوبر الماضي. ويقول الجيش الإسرائيلي إن الهجمات من لبنان على إسرائيل أسفرت عن مقتل 18 جنديا إسرائيليا وعشرة مدنيين.