المزيد من الزوار الصينيين محرك السعودية لتسريع أهدافها السياحية

الرياض بنت أرضية قوية تشمل حزمة مبادرات واتفاقيات مع بكين.
الأربعاء 2024/06/05
طلائع الزوار في أول رحلة مباشرة

الرياض - تسعى الحكومة السعودية إلى إثبات أنها قادرة على إزالة كافة العراقيل أمام تحقيق أهدافها في صناعة السياحة الناشئة من خلال توجيه أنظارها إلى الصين باعتبارها أكبر سوق في العالم وكون سكانها من أكثر الزوار إنفاقا على السفر والضيافة.

وزادت الرياض مؤخرا من طموحاتها عندما رفعت مستهدف استقطاب الصينيين سنويا إلى 5 ملايين من 3 ملايين بحلول 2030، تم تحديدها في سبتمبر الماضي، في سياق خطة أوسع لزيادة عدد الزيارات الدولية إلى البلاد.

وقالت كبيرة المستشارين في وزارة السياحة السعودية غلوريا غيفارا لوكالة شينخوا الشهر الماضي، إن “الصين بلد مهم للغاية، وسوق رئيسية بالنسبة لنا.. ولدينا إستراتيجيات متعددة نقوم بتنفيذها” تصب في خانة تحقيق هذا الهدف.

ويمثل المستهدف الجديد قفزة كبيرة في توقعات البلد، خاصة أن عدد السياح الصينيين لم يتجاوز 100 ألف العام الماضي، حسبما كشفت غيفارا في مقابلة أخرى مع وسيلة الإعلام الصينية المختصة بشؤون الأعمال كايكسن.

ولجذب هذا العدد، عملت السعودية على عدة مبادرات، من بينها إبرام اتفاقية قبل تسعة أشهر تهدف إلى جعلها “وجهة رئيسية” للزوار الصينيين. وأعلن وزير السياحة أحمد الخطيب حينها أن الاتفاقية من شأنها زيادة عددهم إلى 3 ملايين سنويا.

غلوريا غيفارا: الصين سوق رئيسية لنا ولدينا إستراتيجية تترجم ذلك
غلوريا غيفارا: الصين سوق رئيسية لنا ولدينا إستراتيجية تترجم ذلك

وكان الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة فهد حميدالدين قد زار الصين عدة مرات الفترة الماضية، كما تم وضع لافتات مكتوبة بالماندراين الصينية في مطار الرياض.

وقالت غيفارا “نقوم بتدريب المرشدين السياحيين، ونعمل مع مجموعات الفنادق مثل جينجيانغ وراديسون لتخصيص التجارب، حتى نتمكن من الحصول على العروض التي يتوقعها السائح الصيني”.

وبعدما دشنت الخطوط السعودية أولى رحلاتها المباشرة إلى بكين في أغسطس الماضي، دشنت خطوط جنوب الصين في منتصف أبريل من هذا العام مسارا مباشرا بين البلدين.

وقال الرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي ماجد خان حينها في تصريحات صحفية “إنها أول رحلة جوية لشركة طيران صينية تهبط على أرض السعودية”.

ومطلع الشهر الماضي، افتتحت شركة طيران الصين المملوكة للدولة، خط طيران مباشرا من بكين إلى الرياض، ما رفع عدد شركات الطيران الصينية التي توفر رحلات مباشرة إلى المملكة إلى ثلاثة.

ووقّعت هيئة السياحة السعودية ومنصة تريب دوت كوم في مارس الماضي، اتفاقية تهدف إلى تعزيز السفر الخارجي إلى السعودية، مع التركيز بشكل خاص على الأسواق الناشئة مثل الصين والهند، و20 دولة أوروبية.

وتتضمن جهود التعاون تطوير منتجات السفر وحلول الدفع القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتم الترحيب بهذه الشراكة باعتبارها أكبر تحالف إستراتيجي حتى الآن.

المستهدف الجديد يمثل قفزة كبيرة في توقعات البلد، خاصة أن عدد السياح الصينيين لم يتجاوز 100 ألف العام الماضي

وقال حميدالدين “نعمل معا على تسخير قوة أحدث التقنيات والابتكارات لتعزيز السياحة في جميع أنحاء المملكة وتشكيل مستقبلها”.

وتعاونت الهيئة مع آنت غروب وفليغي للسماح للسائحين الصينيين “بالسفر في جميع أنحاء السعودية بمحفظة واحدة”، من خلال عليباي+.

كما تعاونت مع خدمات هواوي المتنقلة ومنصة التسويق الذكية بيتال أديس لتعزيز تجربة السياح الصينيين في السعودية، عبر الخدمات الرقمية للسياحة.

وأدرجت السعودية الصين كإحدى الدول المؤهلة للحصول على التأشيرة الإلكترونية والتأشيرة عند الوصول، بالإضافة إلى إتاحة إصدار تأشيرة المرور التي تتيح الإقامة لمدة 96 ساعة قبل الوصول إلى الوجهة النهائية.

وفضلا عن ذلك، أضافت منصة “روح السعودية” اللغة الصينية إلى قائمتها، ووفرت حلول الدفع الرقمية التي تناسب السائح الصيني.

5

ملايين زائر صيني مستهدف السعودية سنويا من 3 ملايين في توقعات سابقة

وخلال الجولة السابعة من المشاورات القنصلية التي عُقدت في بكين في مارس الماضي، اتفق الجانبان على تعزيز تسهيل الحصول على التأشيرة.

وقالت وو يان، مؤسسة وكالة غولد بيجون للسفر والسياحة، مقرها دبي، في حديث لبلومبيرغ الشرق الثلاثاء، إن “بعد الإعلان عن رؤية 2030، زارت العديد من الشركات الصينية المملكة لإجراء أبحاث السوق وزيارات العمل”.

وأسست يان، التي بدأت حياتها المهنية كمرشدة سياحية في دبي عام 2014، شركتها الخاصة في 2020، بهدف تقديم الخدمات للسياح الصينيين الذين يزورون الشرق الأوسط والعكس.

وتحتل السعودية المرتبة الرابعة بين الوجهات الأكثر شعبية للمسافرين الصينيين في المنطقة هذا العام، بعد الإمارات وتركيا ومصر، وفقا لبيانات تريب دوت كوم غروب المتخصصة بتوفير خدمات السفر في الصين.

وتقول يان إن التدفق الحالي للزوار من الصين إلى السعودية يتكون في المقام الأول من رجال الأعمال، إضافة إلى الحجاج، منبهة إلى أن هناك “وعيا محدودا بين الجماهير الصينية بشأن مناطق الجذب في السعودية”.

الحكومة أطلقت العديد من المشاريع الكبرى الهادفة إلى جذب السياح من مختلف أنحاء العالم

ولفتت إلى أن متطلبات التأشيرة غالبا ما تلعب دورا مهما بالنسبة للمسافرين الصينيين، مشيرة إلى أن “الدخول المبسط أو الإعفاء من التأشيرة يمكن بلا شك أن يعزز جاذبية السعودية كوجهة للسياح الصينيين”.

وخيار الإعفاء من التأشيرة ليس بعيدا عن تفكير السلطات السعودية المختصة، إذ أفصحت غيفارا لوكالة كايكسن عن إمكانية تنفيذ ذلك، بأن “كل شيء تتم دراسته”.

وثمة العديد من الأمثلة بشأن تأثير خطوة كهذه على مستويات السياحة، فسنغافورة مثلا، شهدت في فبراير الماضي زيادة بنسبة 388 في المئة على أساس سنوي.

وذكرت إيكونوميست أنتليجنس يونيت في تقرير عن السياحة الخارجية في الصين أن تحقيق هذا الرقم جاء بعدما أعفت السياح الصينيين من التأشيرة خلال عطلة رأس السنة الصينية.

وتوقع تقرير صادر عن أوكسفورد إيكونوميكس أن رحلات السفر الخارجية الصينية في 2024 ستتضاعف تقريبا عما كانت عليه في 2023 بينما تظل أقل بنسبة 22 في المئة من مستوى ما قبل الوباء في عام 2019.

وفي أعقاب التضخم بعد الوباء، توسع السياح الصينيون في إنفاقهم. ويكشف تقرير ماستركارد أن متوسط ميزانية الإنفاق للسياح الصينيين زاد بنسبة 16 في المئة من 34 ألف يوان (4781 دولارا) إلى 40 ألف يوان بعد الوباء.

وخلال العام الماضي، رفعت السعودية مستهدفها السياحي إلى 150 مليون زيارة سنويا بحلول 2030، من 100 مليون كانت تستهدفها عند إطلاق الرؤية.

وأوضح الخطيب حينها أن بلاده تستهدف جذب 70 مليون زيارة من الخارج بحلول 2030، وفق المستهدف الجديد، أي ما يمثل نحو نصف إجمالي عدد الزيارات، وذلك لزيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 في المئة.

وأطلقت الحكومة العديد من المشاريع الكبرى الهادفة إلى جذب السياح من مختلف أنحاء العالم، من بينها نيوم والدرعية ومشروع البحر الأحمر والقدية، وهي تراهن عليها لإحداث نقلة نوعية بالمنتج السياحي المحلي.

وترجح أوكسفورد إيكونوميكس أن يشهد الشرق الأوسط أسرع انتعاش في عدد الوافدين من الصين، حيث ستتجاوز الزيارات الصينية إلى المنطقة هذا العام مستويات ما قبل الوباء.

11