قواعد اشتباك جديدة

في الوقت الذي تسعى فيه حكومة محمد شياع السوداني إلى جلب الاستثمارات الكبرى جاءت تلك الحوادث لتوصل رسائل إلى الخارج تفيد بأن الحكومة لا تستطيع حماية الاستثمارات الصغيرة فكيف ستحمي الكبيرة.
الاثنين 2024/06/03
رسائل إلى الخارج.. الحكومة لا تستطيع حماية الاستثمارات

مع كل استقرار نسبي يشهده العراق ولفترة مؤقتة بفعل ظروف محلية حاكمة لا بفضل سياقات دستورية، يأتي من يُبغض ذلك الهدوء ويسعى إلى الفوضى التي يعتقد بإثارتها ستُحل المشكلة.

في أسبوع أو أقل تم استهداف مصالح أميركية وبريطانية من خلال هجومين منفصلين استهدفا فرع شركة “كتربلر” الأميركية الخاصة بالمعدات الإنشائية، ومعهد كامبردج البريطاني التعليمي في وسط العاصمة بغداد.

جاء الهجوم بعد أقل من ثلاثة أيام من استهداف مطعمين تابعين لسلسلة مطاعم “كي إف سي” الأميركية في منطقة شارع فلسطين، وآخر في منطقة الكرادة في العاصمة بغداد، في تحول مفاجئ لاستهداف مصالح الدول التي تساند إسرائيل في حربها بغزّة من المصالح العسكرية إلى المصالح الاستثمارية والاقتصادية لتلك الدول.

◄ الاستقرار الهش الذي يعيشه العراق بين الحين والآخر ما هو إلا استراحة للبدء بجولة جديدة من الفوضى قد لا تُبشّر نتائجها بخير هذه المرة

وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة محمد شياع السوداني إلى جلب الاستثمارات الكبرى وتنويع مصادرها، جاءت تلك الحوادث لتوصل رسائل إلى الخارج تفيد بأن الحكومة لا تستطيع حماية الاستثمارات الصغيرة فكيف ستحمي الكبيرة من المشاريع الضخمة.

وأغلب الظن أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من الأحداث والمفاجآت خصوصا مع اقتراب موسم الانتخابات، والحديث عن انتخابات مبكرة قد تسعى لها بعض الأطراف لحجب الولاية الثانية عن السوداني.

زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مقر جهاز مكافحة الإرهاب بعد يوم واحد من الهجوم وحديثه عن وجود جهات تسعى للسيطرة على “القرار السياسي والأمني في العراق” ربما يفسّران الكثير مما يدور في أروقة السياسة عن وجود تحديات أمنية لا تشمل فلول داعش بل الاستعداد للتعامل مع أي محاولة عبث تحاول الإساءة للأمن والاستقرار المجتمعي، وتقطع الطريق على المتربصين بالعملية السياسية حسب تصريح السوداني، في تلميح إلى دق ناقوس الحرب التي قد تعلن في أي لحظة بين قوى الدولة واللادولة التي تختفي وراءها مصالح وتخادم فئوي وإقليمي تقف خلفه دول تعتبر العراق الرئة الاقتصادية لها.

حديث السوداني عن الاستعداد لأي طارئ رافقه انتشار أمني مُكثّف في العاصمة بغداد مع أوامر إقالة وتوقيف عدد من الآمرين والضباط المسؤولين عن الأماكن التي تتواجد فيها تلك الشركات والمطاعم لمنع تكرار حدوث الهجمات، لكن هل يكفي ذلك؟

من جانبها أدانت السفارة الأميركية في بغداد الهجمات ضد الشركات الأميركية والدولية وطالبت الحكومة العراقية بإجراء تحقيق شامل وتقديم المسؤولين عن الهجمات إلى القضاء ومنع تكرارها، في قرار مُبطّن بضرورة الحد ومنع استفحال السلاح المنفلت من التأثير على العلاقة بين أميركا والعراق الذي يحاول جلب استثمارات أميركية من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها السوداني إلى واشنطن وتوقيعه عدة اتفاقيات مع كبرى الشركات الأميركية.

التحول الخطير إلى استهداف المصالح الاستثمارية ربما يؤشّر على ضعف أمني وسياسي يُراد منه سحب البِساط من تحت أقدام كل الشركات الاستثمارية ومغادرة العراق الذي يُراد له أن يبقى رهينة بيد جماعات مازالت تعيش في القرون الوسطى أو تلك التي تريد العبث بأمن واستقرار هذا البلد.

الاستقرار الهش الذي يعيشه العراق بين الحين والآخر ما هو إلا استراحة للبدء بجولة جديدة من الفوضى قد لا تُبشّر نتائجها بخير هذه المرة.

9