الملف الأمني والعسكري أولوية ستيفاني خوري في ليبيا

طرابلس - تعد معالجة الملف الأمني والعسكري الشائك والذي فاقم الأزمة السياسية في ليبيا من أولويات ستيفاني خوري، نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في مسعى لخلق أرضية هادئة ومناخ سليم يسهل مهمة التفاوض حول المصالحة الوطنية الشاملة في البلاد.
وتجد خوري نفسها أمام ضرورة إعادة إحياء العملية السياسية في ليبيا بعد فترة قصيرة من الركود في عهد المبعوث الأممي السابق عبدالله باتيلي، كما تواجه انقسامات عميقة في المشهد السياسي الليبي، في ظل وجود حكومتين، واحدة في الغرب وهي المعترف بها دوليا وأخرى في الشرق تم تكليفها من البرلمان، مع استمرار التنافس على السلطة والنفوذ بين الفصائل المسلحة.
ويأتي اجتماع خوري المحسوبة على واشنطن مع المجموعات الأمنية والعسكرية في البلاد، في ظل حديث متزايد بشأن استعداد الولايات المتحدة لتدريب مجموعات ليبية غرب ليبيا ما يعكس احتدام التنافس بين روسيا والولايات المتحدة.
ستيفاني خوري أجرت خلال الأيام الماضية لقاءات مع مختلف الأطراف الليبية، في مستهل مهمتها لتيسير عمل البعثة
وتستعد روسيا لاستبدال عناصر مجموعة فاغنر المنتشرة في مواقع استراتيجية شرق وجنوب ليبيا بعنصر من الفيلق الأفريقي.
وبدأت الدبلوماسية الأميركية من أصول لبنانية مهامها بالعناية بالملف الأمني والعسكري، ضمن أولوية تصور جديد في سياق رؤية أميركية تركز على هذا الجانب في الملف الليبي.
كما شرعت في إجراء مشاورات مكثفة مع الأطراف اللليبية الفاعلة، وذلك للعمل على وضع الخطوط العريضة لأسباب انسداد المشهد السياسي الليبي.
وافتتحت خوري الخميس في تونس ورشة عمل، نظمتها البعثة على مدى يومين، لمناقشة مدونة سلوك مشتركة بين المؤسسات والجهات العسكرية والأمنية من جميع أنحاء ليبيا.
وقالت عبر حسابها على منصة إكس إنها “تثني على الجهود المبذولة في اتجاه صياغة وتبني مدونة سلوك كونها ستسهم في تحسين الاستقرار والأمن وتعزيز حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان في ليبيا”.
وعلى هامش ورشة العمل التقت ستيفاني خوري أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة “5+5”. وأكدت أنها “أثنت على جهود أعضاء اللجنة في تعزيز المسار الأمني ودعم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020”. كما جددت التأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم أمن واستقرار ليبيا بشكل مستمر.
والأسبوع الماضي استهلت خوري لقاءاتها الدبلوماسية مع القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا جيريمي برنت، وناقشت معه “تيسير عملية سياسية شاملة وجامعة يقودها ويملكها الليبيون”، وفق منشور على حسابها في منصة إكس.
وأكدت خوري “أهمية اتخاذ موقف دولي منسق لدعم الشعب الليبي في تحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار”.
من جهته وصف جيريمي برنت دور البعثة الأممية في ليبيا بـ”الحيوي”، مؤكداً دعم واشنطن البعثة الأممية في ليبيا لمساعدة الشعب الليبي في تحقيق الوحدة الوطنية والسلام والاستقرار الدائمين.
كما أجرت خلال الأيام الماضية سلسلة لقاءات مع مختلف الأطراف الليبية، في مستهل مهمتها لتيسير عمل البعثة في ليبيا.
وركزت خوري في لقاءاتها الأولى على القادة العسكريين، حيث التقت سابقا كلاً من قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في مقره العسكري بالرجمة، شرق بنغازي، ورئيس الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة الوطنية الفريق محمد الحداد في مقره بالعاصمة طرابلس.
ووفقا للمكتب الإعلامي لقيادة حفتر، فإن اللقاء ناقش “آخر التطورات السياسية للأزمة الليبية، وأهمية مواصلة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا جهودها الرامية إلى الدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي”، وأشار إلى أن اللقاء حضره آمر عمليات القوات البرية صدام حفتر، وآمر اللواء 166 العميد أيوب بوسيف، وآمر اللواء 165 العميد باسم البوعيشي.
كما التقت خوري رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ثم كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، ورئيس مجلس الدولة الاستشاري محمد تكالة.
وركزت خلال اجتماعها مع المسؤولين الليبيين الثلاثة على “أهمية إعادة تفعيل المسار الأمني عبر إطار لجنة ‘5+5’ العسكرية”، مؤكدةً “أهمية استكمال مشروع المصالحة الوطنية الشاملة للقبول بنتائج الانتخابات بحسب قوانين توافقية”.
خوري تفتتح في تونس ورشة عمل لمناقشة مدونة سلوك مشتركة بين المؤسسات والجهات العسكرية والأمنية من جميع أنحاء ليبيا
ولا يستبعد متابعون للشأن الليبي أن يكون الوضع الاقتصادي من أبرز الصعوبات التي ستعسر مهمة خوري، خصوصا مع تذبذب سعر صرف النقد الأجنبي وسعي بعض الأطراف للتحكم في الجانب المالي والاتهامات المتبادلة بإهدار المال العام، وهو ما سيعمق الخلافات بين الليبيين. كما تخشى الأمم المتحدة عودة العنف في ليبيا، حيث فشلت مبادرات الحل السياسي، والذي قد يؤدي إلى المزيد من الدمار والنزوح وعدم الاستقرار حسب بياناتها.
وكانت خوري قد تعهدت لليبيين بالعمل على “تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف وهدر الموارد، وذلك من خلال تيسير عملية سياسية شاملة يملكها ويقودها الليبيون أنفسهم، بمن فيهم النساء والشباب ومختلف المكونات”، وكذلك الالتزام “بالعمل على دعم إجراء انتخابات وطنية شاملة حرة ونزيهة، لإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية”.
وعيّنت الأمم المتحدة خوري نائبة لرئيس البعثة الأممية في ليبيا، قبل شهر ونصف الشهر من استقالة باتيلي، الذي ترك منصبه بعد فشله في جمع القادة الليبيين للاتفاق على خارطة طريق ورزنامة واضحة للانتخابات.
وكان باتيلي قد أعلن في 16 أبريل الماضي استقالته من مهمته التي تسلّمها في 2 سبتمبر 2022، خلفًا للأميركية ستيفاني ويليامز. وأتت استقالته في خضم تصاعد التجاذبات الإقليمية والداخلية بشأن الأزمة الليبية، وفشل المبادرات الهادفة إلى إجراء انتخابات عامة تنهي حالة الانقسام والتشظي المؤسّساتي التي تشهدها البلاد منذ عام 2014.
وتتمتع خوري بخبرة تتجاوز 30 عاما في دعم العمليات السياسية ومحادثات السلام والوساطة في حالات النزاع وما بعد النزاع، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، وفق البعثة الأممية، كما تتوفر على تجربة تفوق 15 عاما من العمل مع الأمم المتحدة في العراق ولبنان وليبيا والسودان وسوريا واليمن، حيث شغلت مؤخرا منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان.