الشركات الناشئة في أفريقيا تتطلع لتحفيز قدراتها الاستثمارية

تجارب واعدة في التكنولوجيا الصحية والغذائية والمالية رغم الصعوبات.
السبت 2024/06/01
عالم من المتعة

يسلط قطاع الشركات الناشئة، التي تُعالج الاحتياجات المهملة في العديد من دول أفريقيا، الضوء على المشهد التكنولوجي المزدهر، بينما يتطلع رواد الأعمال لتحفيز قدراتهم الاستثمارية رغم العوائق مثل عدم المساواة والتحول الرقمي المحدود وأيضا الوصول إلى التمويلات.

مراكش (المغرب) - تستكشف الشركات الأفريقية الناشئة مجالات التكنولوجيا الصحية والغذائية والمالية لتلبية احتياجات محلية تعتقد أنها لا تؤخَذ في الاعتبار إلا من عدد محدود جدا من الشركات الأجنبية في القارة.

وفي معرض جيتكس أفريقيا، الذي يقام في مدينة مراكش المغربية هذا الأسبوع، وتختتم فعالياته السبت، سلطت الابتكارات في مجال التحويلات والرعاية الصحية، التي تلبي احتياجات القارة الضوء على هذا القطاع الذي بات يحظى باهتمام كبير.

وأطلق أحد المشاركين في المعرض، وهو جان تشارلز ميندي، تطبيقا مع شريكه التجاري قبل ثلاث سنوات، وهو ما يمنح الأشخاص الذين يعملون في الخارج سيطرة أفضل على الأموال التي يرسلونها إلى عائلاتهم في بلدانهم.

جان تشارلز ميندي: كافة الحلول التي وضعت في التطبيق بفضل التكنولوجيا
جان تشارلز ميندي: كافة الحلول التي وضعت في التطبيق بفضل التكنولوجيا

وقال رجل الأعمال السنغالي، البالغ من العمر 40 عاما لوكالة فرانس برس على هامش المؤتمر، الذي شاركت فيه نحو 1500 شركة ناشئة وشركة وبنك، إن “سوق إرسال الأموال من قبل الأفارقة في الشتات ضخم”.

ويتيح التطبيق، المتاح فقط للجاليات السنغالية حول العالم في الوقت الحالي، الدفع المباشر للفواتير، بما في ذلك نفقات الكهرباء أو الهاتف، أو تحويلها إلى قسائم لمشتريات السوبر ماركت.

وبلغت التحويلات المالية إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي، وفقا للبنك الدولي.

وقال ميندي إن المغتربين “يجدون أنهم يضحون بالكثير من أجل إساءة استخدام أموالهم.. إذا لم تكن سنغاليا، فلن تتخيل أن هذه مشكلة يواجهها الناس”.

وأضاف “جميع الحلول التي وضعناها هي مزيج من الحلول الأوروبية المستخدمة لتلبية الاحتياجات الأفريقية، وذلك بفضل التكنولوجيا”.

وتقول مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي للقطاع الخاص، إن النظام البيئي للشركات الناشئة في أفريقيا، وخاصة في مجال الدفع عبر الهاتف المحمول، هو الأسرع نموا في العالم.

ولكن القارة تعاني من تفاوت كبير، حيث تتسم بافتقار واسع النطاق إلى التحول الرقمي وبيئة مالية مليئة بالتحديات.

ويقول صندوق بارتك أفريكا للأسهم الخاصة إن النظام البيئي التكنولوجي في القارة بلغت قيمته 3.5 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 46 في المئة عن عام 2022، مع خسارة نصف المستثمرين النشطين.

وقال بيني ممباغا، رئيس الاستثمارات في شركة ماوا مازوري، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية تهدف إلى تعزيز غلة الموز، إنه عندما تأسست في عام 2020، “فشل المستثمرون الأجانب في فهم الحاجة” إلى نهجها المبتكر.

3.5

مليار دولار حجم السوق في 2023 بتراجع 46 في المئة عن 2022 وفق صندوق بارتك أفريكا

وأضاف “في شرق أفريقيا، يستخدم الموز في كل شيء”، وعلى الرغم من أن تنزانيا لديها بعض أكبر مزارع الموز في العالم، إلا أن غلاتها تتخلف كثيرًا عن الدول الأخرى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الفايروس المتفشي بشكل خاص منذ عام 2020.

واليوم، تساعد شركته الناشئة ألف مزارع في الحصول على بذور مقاومة وتحقق إيرادات تصل إلى 655 ألف دولار سنويًا. وأكد ممباغا بالقول “يدرك المستثمرون الآن أن هناك حاجة”.

وتعد تكنولوجيا الرعاية الصحية قطاعًا متناميًا آخر في أفريقيا، حيث يعيش أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة حاليًا في فقر ويفتقرون إلى التغطية الطبية، وفقًا للجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأفريقيا.

وقال ماكتار سيك رئيس قسم الابتكار والتكنولوجيا في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة “تنفق الحكومات 6 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية”. وأضاف “علينا أن نفعل شيئاً. فنصف سكان أفريقيا لا يتمتعون بالتغطية”.

وشاركت رينيه نجاماو في تأسيس تشيك آبس، وهي شركة تقدم خدمات الأدوية والتوصيل “المدعمة بالتكنولوجيا” في المناطق النائية في كينيا وجنوب السودان.

ومن خلال تطبيق الهاتف المحمول الخاص بها، يجد المرضى إمكانية الوصول إلى تغطية طبية ميسورة التكلفة دون معايير العمر أو السجل الطبي، أو الحصول على قروض صغيرة من أحد البنوك الشريكة، أو الاتصال بأقرب ممرضة على الفور.

كما تقدم الشركة خدماتها لأقارب المستفيدين الرئيسيين. وقال نجاماو البالغ من العمر 53 عاما “نفهم النظام البيئي الذي نعيش فيه، فالعائلة الأفريقية منظمة بشكل مختلف، لذلك نسمح للمستفيدين بمشاركة فوائدهم مع آبائهم وجيرانهم وأيّ شخص مهم بالنسبة إليهم”.

وفي كينشاسا، أطلق الطبيب ورجل الأعمال أولريش كويسو تطبيق لوكا فارما، وهو يحتوي على خارطة للصيدليات القريبة حيث يتوفر الدواء في عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية.

بيني ممباغا: المستثمرون الأجانب لم يفهموا الحاجة إلى نهجنا المبتكر
بيني ممباغا: المستثمرون الأجانب لم يفهموا الحاجة إلى نهجنا المبتكر

وقال كويسو إن “التطبيق يحل ثلاث مشاكل: إضاعة الوقت في البحث عن الصيدليات في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، وظاهرة الصيدليات المزيفة التي تعمل دون ترخيص، والعثور على الأدوية المرغوبة، وخاصة الأدوية المضادة للسرطان”.

وأضاف أن “الناس لا يدركون الإمكانات التي يمكن أن توفرها التكنولوجيا لحل مشاكلهم مع العلم أن عدد سكان الكونغو يبلغ حوالي 100 مليون نسمة، تخيلوا الأرواح المحتملة التي يمكن إنقاذها بمثل هذا التطبيق، وأيضا القدرة على ممارسة الأعمال التجارية”.

والخميس الماضي، وقعت زيندي، الشبكة الأفريقية الرائدة في الذكاء الاصطناعي، ومايكروسوفت، خلال فعاليات جيتكس 2024 اتفاقية شراكة بهدف تعزيز المهارات الأفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

وذكرت زيندي في بيان أن الشراكة، “تسعى إلى مواكبة وتوجيه جيل جديد من الشباب الأفارقة المهتمين بالتكنولوجيا نحو المهارات اللازمة مستقبلا في سوق العمل”.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى المديرة العامة ومؤسِسة زيندي، سيلينا لي، عقب التوقيع قولها إن “هذه الشراكة ستمكننا من تعزيز مهارات 10 آلاف شاب عبر القارة”.

وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات قادران على تحفيز النمو الاقتصادي وتوفير الفرص “لجميع الأفارقة”، ومن خلال هذه الاتفاقية “يمكننا مساعدة هؤلاء الشباب على تكثيف جهودهم لدمقرطة الوصول إلى المهارات الرقمية”.

11