تضارب التقييمات حول سرعة التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة

التحول العالمي إلى مصادر الطاقة المتجددة في القطاعات الرئيسية المستهلكة للطاقة تباطأ في عام 2023 بسبب فجوات تنظيمية وضغوط سياسية.
الجمعة 2024/05/31
المسار طويل أكثر مما تتخيلون

باريس - لاحظ المحللون تضاربا في التقييمات بين المنظمات ووكالة الطاقة الدولية حول سرعة التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة في ظل استمرار المخاوف من أن الحكومات والشركات لا تقوم بما يكفي لمكافحة التغيرات المناخية.

وتبدو الدول أمام حتمية بذل المزيد من الجهود على كافة المستويات لزيادة إيقاع استثماراتها في التكنولوجيا وتحفيز نمو اقتصاداتها عبر تطوير قطاع الأعمال والخدمات المالية ومواجهة معضلة البطالة وجعل الناس أكثر اقتناعا بجدوى استخدامها.

وبينما التقنيات الخضراء المستخدمة لإنتاج سلع وخدمات ذات آثار كربونية أصغر تنمو وتوفر فرصا اقتصادية متزايدة، لكن العديد من البلدان النامية قد يفوتها الركب ما لم تتخذ الحكومات والمجتمع الدولي إجراءات حاسمة لتقوية الاستثمارات.

وتقول شبكة سياسات الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين (رين 21) إن التحول العالمي إلى مصادر الطاقة المتجددة في القطاعات الرئيسية المستهلكة للطاقة تباطأ في عام 2023 بسبب فجوات تنظيمية وضغوط سياسية والفشل في تحديد أهداف واضحة.

رنا أديب: الحكومات تراجعت عن طموحاتها ولا توجد محفزات
رنا أديب: الحكومات تراجعت عن طموحاتها ولا توجد محفزات

وذكر تقييم سنوي أجرته الشبكة، التي تتخذ من باريس مقرا، وكشفت عنه الأربعاء الماضي، أن الجائحة والحرب في أوكرانيا حفزتا طموحات للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وسط مخاوف متزايدة بشأن أمن الطاقة، لكن الحكومات فشلت في استغلال هذا الزخم.

وأوضحت رين 21 في “تقرير الحالة العالمية لعام 2024” أن بحلول نهاية العام الماضي، كانت 13 دولة فقط، منها الولايات المتحدة والهند والصين، قد نفذت سياسات بشأن مصادر الطاقة البديلة تشمل المباني والصناعة والنقل والزراعة.

وبحسب ما أشار تقرير الشبكة، الذي نشرته على منصتها الإلكترونية، يأتي 12.7 في المئة فقط من الطاقة التي تستهلكها القطاعات من مصادر نظيفة.

وكشف تقييم الشبكة، التي تجمع بين الحكومات والمؤسسات البحثية والمنظمات غير الحكومية بهدف تعزيز التحول إلى الطاقة النظيفة، أن عددا من البلدان تراجعت عن طموحاتها.

ومددت 17 دولة فقط أهداف التحول إلى الطاقة المتجددة إلى ما بعد عام 2024، من بين 69 دولة لديها هذه الأهداف.

وقالت رنا أديب المديرة التنفيذية للشبكة “تراجعت الحكومات بشكل أساسي عن طموحاتها، ولم تعد هناك حوافز اقتصادية لدى القطاعات المستهلكة للطاقة”.

وحذر التقرير من أن الدول كانت بطيئة في الإصلاحات وأن تريليونات الدولارات من الدعم الممنوح للوقود الأحفوري، وخاصة في قطاعي الصناعة والزراعة، لا تزال تعيق تحول الطاقة.

ولم تشر الشبكة إلى أرقام تفصيلية تدعم تقييمها، ولكن وكالة الطاقة الدولية أشارت في تقييم نشرته في ديسمبر الماضي، إلى أن الطاقة المتجددة في العالم بأسرع معدل لها خلال الـ25 عاما الماضية في عام 2023.

أسعار مكونات الطاقة الشمسية في 2023 انخفضت إلى النصف تقريبا على أساس سنوي

وقالت الوكالة حينها إن النمو السريع للطاقة الشمسية في الصين كان المحرك الرئيسي حيث أضاف العالم ما يقرب من 510 غيغاواط، وهو ما يكفي لتزويد 51 مليون منزل بالطاقة لمدة عام، كما تشهد أوروبا والولايات المتحدة والبرازيل أيضا نموا قياسيا.

وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة، إن الطاقة المتجددة في طريقها للزيادة بمقدار مرتين ونصف بحلول عام 2030. وهذا لن يصل إلى ثلاثة أضعاف ما اتفقت عليه الدول في محادثات المناخ السنوية التي عقدتها الأمم المتحدة في دبي العام الماضي.

لكن بيرول يرى أن الهدف يمكن الوصول إليه. وقال إن “زيادة الأموال المخصصة للطاقة النظيفة في البلدان النامية يمثل التحدي الأكبر للوصول إلى 11 ألف غيغاواط من حوالي 3400 غيغاواط في عام 2022.

وحددت البلدان هدفا يتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية في محادثات المناخ في باريس عام 2015 لتجنب أسوأ عواقب تغير المناخ.

والأرض أقل بقليل من هذا الحد، حيث يفيد العلماء بأن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، إلى درجة أن هذا العام سيتجاوز عتبة 1.5 درجة لأول مرة.

وقال شون راي روش، مستشار السياسات في مركز أبحاث المناخ إي 3 جي، الذي يتتبع منذ فترة طويلة التطورات في مجال الطاقة النظيفة، إن “مضاعفة الطاقة ثلاث مرات بحلول 2030 ستعتمد على تسريع إصدار التصاريح وبناء البنية التحتية للنقل والتخزين”.

خبراء وكالة الطاقة الدولية يرجحون إضافة 3700 غيغاواط من قدرات الطاقة النظيفة خلال السنوات الأربع المقبلة في 130 دولة

وأضاف “على الحكومات والشركات أن تتحرك الآن لحماية الكوكب من أجل الأجيال القادمة”. وتابع “لا يمكننا أن ننتظر، فالتحرك في وقت لاحق يعد متأخرا”.

وللمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثة عقود من هذه المحادثات، ذكر الاتفاق النهائي في دبي الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) كسبب لتغير المناخ، وقال إن العالم بحاجة إلى “الانتقال بعيدا” عنه، لكنه لم يضع أي متطلبات محددة للقيام بذلك.

ومن المتوقع أن يتضاعف نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية حتى عام 2028 في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.

ويرجح خبراء وكالة الطاقة الدولية إضافة 3700 غيغاواط من قدرات الطاقة النظيفة خلال السنوات الأربع المقبلة في 130 دولة، حيث تمثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معظمها تقريبا.

وستمثل الصين، الرائدة عالميا في مجال الطاقة المتجددة، 60 في المئة من قدرة الطاقة النظيفة الجديدة التي ستصبح جاهزة للعمل بحلول عام 2028.

وخلص باحثون إلى أن أسعار مكونات الطاقة الشمسية في 2023 انخفضت إلى النصف تقريبا على أساس سنوي. ويتوقعون أن يستمر تخفيض التكاليف والنشر السريع في عام 2024 مع تجاوز التصنيع للطلب.

لكن وكالة الطاقة وجدت أن طاقة الرياح تواجه المزيد من التحديات، خاصة خارج الصين، التي تمتلك أكبر قدرة على طاقة الرياح في العالم. وأشارت الوكالة إلى مشكلات تشمل تعطل سلسلة التوريد وارتفاع التكاليف والروتين الذي يمنع عمليات التثبيت الأسرع.

10