معرض جيتكس المغرب يفتح أبواب تسريع دمج حلول الابتكار في أفريقيا

تحولت الأنظار إلى مدينة مراكش المغربية التي تجمع هذه الأيام عشرات المشاركين في معرض جيتكس الدولي، والذي يفتح أبوابه في نسخة هذا العام لاستشراف السبل والفرص التي ستسهم في تسريع دمج حلول الابتكار في قارة أفريقيا.
مراكش (المغرب) - يهيمن تطوير التقنيات الرقمية في قارة أفريقيا على الحوارات والاجتماعات بين القادة والخبراء والمشاركين في النسخة الثانية لمعرض جيتكس، والذي انطلق الأربعاء في مدينة مراكش بمشاركة كبيرة من عشرات البلدان.
ويشكل هذا التجمع الضخم، الذي يعتبر واجهة عالمية للتكنولوجيا والابتكار والشبكات، مناسبة للمشاركين لتقاسم معارفهم وخبراتهم حول ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في بناء أفريقيا رقمية موحدة والترابط والمدن الرقمية.
وتسعى بلدان القارة رغم حجم التحديات الهائلة، التي تواجه بيئتها الاستثمارية أحيانا، وعقبات التمويل والتشريعات القانونية أحيانا أخرى، إلى اللحاق بركب العديد من دول العالم من خلال استثمار المزايا، التي تتمتع بها وتجعلها بيئة ملائمة للمشاريع الناشئة.
وتتعدد فوائد هذه الفئة من الاستثمارات في اقتصادات أفريقيا، حيث لا توفر التقنيات الرقمية إمكانية تسريع وتيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي وفتح مجالات جديدة للنمو الأسرع فحسب، وإنما أيضا الابتكار وتوفير فرص العمل والوصول إلى الخدمات.
ومن هذا المنطلق يراهن المغرب على أن تكون هذه النسخة تتمة للنجاح الذي شهدته النسخة الأولى في 2023، والتي صنفها متتبعون للشأن التكنولوجي كأفضل ملتقى تكنولوجي في العالم.
وينعقد المعرض في ظل مناخ عالمي يطبعه الاهتمام والشغف المتزايد باستكشاف التكنولوجيات المتقدمة، مما يساهم بشكل كبير في تعزيز المنظومة الرقمية، ويعطي دفعة قوية للتقنيات الحديثة في واحد من أكثر الأسواق إثارة وديناميكية في العالم.
وأكد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في افتتاح المعرض أن جيتكس أفريقيا 2024، يتماشى مع رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس لتقوية روابط الأخوة والصداقة وتعزيز المبادلات التجارية والاقتصادية مع القارة الأفريقية.
وشدد على أن التكنولوجيا الرقمية تشكل محركا أساسيا للاقتصاد الدولي، لاسميا أفريقيا، مستشهدا بتقرير للبنك الدولي، توقع أن يمكّن التحول الرقمي من إضافة 712 مليار دولار إلى الناتج الإجمالي للقارة بحلول عام 2050.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن أخنوش قوله إن “التحول الرقمي أصبح لا محيد عنه في القارة”، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية، التي تعاني من البنية التحتية المحدودة والبرامج المعقدة، ستستفيد بشكل كبير من الرقمنة.
وأوضح أن منصات التجارة الإلكترونية وأنظمة الدفع عبر الإنترنيت والحلول اللوجستية الذكية ستسهم في تبسيط المعاملات التجارية وتعزيز الكفاءة لأن التكنولوجيات الرقمية تساعد على التكامل الاقتصادي في جميع بلدان القارة.
واعتبر أخنوش أن الرقمنة ستتيح منصات لتطوير الأفكار والبحث عن حلول جديدة عبر مضاعفة الحاضنات التكنولوجية والشركات الناشئة، ما يشجع ريادة الأعمال وتوفير فرص العمل.
وبالنسبة إلى المغرب الذي حل في المركز السبعين عالميا والسابع عربيا خلال عام 2023 في مؤشر الابتكار الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، فإن الأعمال الريادة ليست مجرد نشاط عابر يقدمه أصحاب الأفكار التكنولوجية، بل هو محور لبناء جيل المستقبل.
ويبرز تكنوبارك مجمع الأعمال المرتبط بتقنية المعلومات والاتصال في الدار البيضاء الذي تأسس في عام 2001 كعلامة فارقة تؤكد اهتمام الرباط بقطاع التكنولوجيا منذ سنوات طويلة.
ومن المتوقع أن تشهد فعاليات المعرض الذي يشارك فيه 1400 عارض من 130 بلدا خلال أربعة أيام عقد محادثات وإبرام شراكات، في مجالات السحابة الإلكترونية وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني والصحة الرقمية والاتصالات والذكاء الاصطناعي.
ويؤكد منظمو الحدث أن تحقيق نمو سنوي مذهل بنسبة 70 في المئة، في أكبر معرض للتكنولوجيا والشركات الناشئة في أفريقيا، يدفع القارة نحو تأسيس عصر رقمي جديد.
ويرون أن الصعود السريع لأفريقيا كقوة ناشئة في مجال الانتقال الرقمي، إلى جانب الفرص العالمية الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، من شأنهما إطلاق حقبة جديدة من التعاون بين القطاعين العام والخاص في ميدان الاستثمار.
وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة كاون الدولية الجهة المنظمة للمعرض تريكسي لوه ميرماند إن “أفريقيا لديها قصة رائعة لتتقاسمها مع العالم من حيث تطور مدنها الرقمية، والتي يغذيها جيل شاب موهوب وحكومات تتطلع إلى المستقبل”.
وأشارت إلى أن الإقبال الذي لقيه المعرض في أفريقيا، فرع لجيتكس العالمي أكبر معرض للتكنولوجيا والشركات الناشئة في العالم والذي يقام في دبي، في نسخته الأولى له تأكيد قوي على ثقة العالم وتوقعاته الإيجابية بشأن نمو الاقتصاد الرقمي في أفريقيا.
ويبرز هذه السنة الذكاء الاصطناعي، بفضل قدراته الهائلة والمتنوعة على تحويل العديد من القطاعات، مما يغذي الآمال في تعزيز الازدهار بثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان.
كما يحفز تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحة الرقمية على إطلاق مبادرة “وورلد فيوتشر هيلث أفريكا”، مما أدى إلى تسريع ثورة الصحة الرقمية في القارة.
وأوضحت ميرماند أنه “يجب على أيّ شركة لديها إستراتيجية لتوسيع نشاطها على الصعيد الدولي أن تشارك في الثورة الرقمية في القارة الأكثر جلبا للأنظار عبر العالم”.
وعلى خلفية الجهود الجريئة للاتحاد الأفريقي من أجل توحيد القارة في إطار سوق رقمية موحدة آمنة بحلول عام 2030، فإن عارضي جيتكس أفريقيا متفائلون بشأن تنوع الاتجاهات الجديدة التي تشكل ملامح منظومة التكنولوجيا في القارة.
وتتمثل تلك الملامح في زيادة معدلات الربط بشبكة الإنترنت وزيادة عدد الشركات الناشئة، إضافة إلى تطور الذكاء الاصطناعي ونمو قطاع التكنولوجيا المالية.
وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق التكنولوجيا في المجال المالي بلغ لوحده حوالي 160 مليار دولار سنة 2022، ومن المتوقع أن سوق التكنولوجيا المالية سيصل إلى 450 مليار دولار بحلول سنة 2028.
وفي ما يتعلق بمجال الطاقة فتؤكد بيانات للوكالة الدولية للطاقة أن حجم استثمار تصنيع التكنولوجيا النظيفة في جميع أنحاء العالم بلغ خلال العام الماضي حوالي مئتي مليار دولار.
وأبرم المعرض في نسخة 2023 شراكة مع نورث ستار، أكبر حدث للشركات الناشئة في العالم، لاستضافة “نورث ستار أفريقيا”، الذي سيجمع أكثر من 400 شركة، ربعها من المغرب، لتعزيز أعمالها بعد رصد استثمارات بقيمة 6.5 مليار دولار في 2022.