إسرائيل لا تمانع في مفاوضات لا تربك هجومها على رفح

القاهرة - أعلن مسؤول إسرائيلي السبت أن لدى الحكومة "نية" لاستئناف المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن في غزة في الأيام المقبلة، لكن من دون أن يكون لهذه المفاوضات أيّ تأثير على الهجوم الواسع الذي تشنه على رفح في تحد لقرار المحكمة الدولية.
وقال المسؤول "هناك نية لاستئناف المحادثات هذا الأسبوع وهناك اتفاق". ولم يدل المسؤول الإسرائيلي بالمزيد من التفاصيل حول الاتفاق، لكن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن رئيس الموساد ديفيد برنيع وافق على إطار جديد للمفاوضات المتوقفة خلال اجتماعات في باريس مع الوسيطين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
وأعلنت واشنطن أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى محادثات مع الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس حول الجهود الجديدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإعادة فتح معبر رفح “في أقرب وقت”، بحسب واشنطن.
وأفادت قناة “القاهرة الإخبارية” المقرّبة من الاستخبارات المصرية بأن “مصر تواصل جهودها لإعادة تنشيط مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين”.
وأشارت إلى أن القاهرة تمارس “كافة أنواع الضغوط على إسرائيل لإدخال مواد الإغاثة والوقود بصورة عاجلة”، وتحذّر من “كارثة إنسانية في ظل استمرار استهداف المنظومة الصحية والمستشفيات والمخابز ومخازن المساعدات والمناطق الآمنة بالقطاع”. وتوقفت المحادثات الرامية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وهدنة في قطاع غزة هذا الشهر بعدما بدأت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح.
وقال مسعفون فلسطينيون السبت إن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 30 شخصا في هجمات جديدة على قطاع غزة، وذلك بعد يوم من إصدار قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة أمرا لإسرائيل بوقف هجومها على مدينة رفح بجنوب القطاع.
وقال مصدر مطلع إنه على الرغم من مواصلة إسرائيل عملياتها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، فإن من المقرر استئناف مفاوضات الوساطة بين الجانبين هذا الأسبوع.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أو جنسيته نظرا إلى حساسية الأمر، أن قرار استئناف المحادثات جاء بعد اجتماع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ورئيس وزراء قطر التي تشارك في الوساطة. وتابع المصدر “في نهاية الاجتماع، تقرر أن تبدأ المفاوضات هذا الأسبوع بناء على مقترحات جديدة بقيادة الوسيطين مصر وقطر وبمشاركة أميركية نشطة”.
وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على اندلاع الحرب في غزة، يبذل الوسطاء جهودا حثيثة من أجل تحقيق انفراجة. وتسعى إسرائيل إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في حين تسعى الحركة إلى إطلاق سراح سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل وإنهاء الحرب.
ويتواصل القتال في غزة رغم الوساطة والأمر الذي أصدره قضاة محكمة العدل الدولية لإسرائيل الجمعة بالوقف الفوري لهجومها العسكري على رفح حيث تقول إنها تحاول القضاء على مقاتلي حماس.
ولا توجد لدى محكمة العدل الدولية أيّ وسيلة لفرض قرارها الذي أصدرته في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية. لكن هذه القضية مثلت دلالة قوية على عزلة إسرائيل عالميا بسبب حملتها على غزة، وعلى نحو خاص منذ أن بدأت هجومها على رفح هذا الشهر رغم المناشدات بعدم الإقدام على ذلك من أقرب حلفائها، الولايات المتحدة.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم الإسرائيلي على القطاع أدّى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني. وبدأت إسرائيل حملتها العسكرية بعد أن هاجم مسلحون بقيادة حماس بلدات بجنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أدى وفقا للإحصائيات الإسرائيلية إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ “عمليات في مناطق محددة في رفح” الجمعة، تضمنت قتل مسلحين وتفكيك جزء من شبكة الأنفاق التابعة لحماس والعثور على مخابئ أسلحة.
◙ الحكومة الإسرائيلية لديها "نية" لاستئناف المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن في غزة لكن من دون أن يكون لهذه المفاوضات أي تأثير على هجوم رفح
وإلى الشمال، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إنه يحاول منع حماس من بسط سيطرتها مجددا، قال مسعفون فلسطينيون إن إسرائيل شنت غارات جوية أودت بحياة 17 على الأقل.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن 31 فلسطينيا قتلوا في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ولا تفرّق إحصاءات وزارة الصحة في القطاع بين القتلى من المدنيين والمسلحين.
وقالت حركتا حماس والجهاد الإسلامي إن مقاتليهما أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات وقذائف المورتر على قوات إسرائيلية في الشمال. وقال سكّان والدفاع المدني الفلسطيني إن الدبابات الإسرائيلية توغلت في عمق منطقة جباليا حيث دمرت عشرات المنازل والمتاجر والطرق.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته في جباليا “قضت على عشرات الإرهابيين في معارك من مسافات قريبة وضربات جوية". ولم تتمكن الطواقم الطبية الفلسطينية من الوصول إلى هذه المنطقة التي تعتقد بسقوط المزيد من القتلى فيها.
وتقول إسرائيل إنها تنفّذ عمليات في رفح، على الرغم من المعارضة الدولية المتزايدة، للقضاء على كتائب حماس المتحصنة هناك. وتقول إن بعض الرهائن محتجزون هناك أيضا.
وكانت رفح ملاذا لسكان غزة الفارين من القتال في أماكن أخرى من القطاع، ولكن بعد أن أصبحت هدفا للعمليات الإسرائيلية فر منها مئات الألوف من النازحين الفلسطينيين.
وقال أحد سكان رفح، طالبا عدم نشر اسمه، “قوات الاحتلال طول الوقت بتقصف في مدينة رفح كلها مش بس في الأماكن الشرقية اللي اجتاحتها بس برضه كمان في الوسط والغرب، بيهدفوا يخوفوا الناس ويخليهم يتركوا المدينة".
ويدور القتال حتى الآن في الطرف الجنوبي لرفح وفي مناطقها الشرقية، بعيدا عن المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان. ودعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى عدم دخول المزيد من الأحياء في وسط المدينة، قائلة إن إسرائيل لم تكشف بعد عن خطة يعتد بها بشأن كيفية القيام بذلك دون التسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين.