برلمانيون بريطانيون يطالبون حكومتهم بالاعتراف بمغربية الصحراء

ثلاثون برلمانيا من الحزبين يدعون ديفيد كاميرون إلى الإسراع بدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي رسميا ودون تأخير لكونه الحل الواقعي الوحيد.
السبت 2024/05/25
كاميرون قد ينسج على منوال بقية الحلفاء الأوروبيين

 لندن – يُظهر تصاعد الأصوات المؤيدة من داخل المملكة المتحدة لخيار النسج على منوال أبرز البلدان الأوروبية التي دعمت مبادرة الحكم الذاتي، أن بريطانيا تتجه خلال الفترة المقبلة إلى الخروج من المنطقة الرمادية وإعلان دعم المغرب في سيادته على صحرائه.

ودعا حوالي ثلاثين من البرلمانيين واللوردات البريطانيين، الجمعة، في رسالة وجهوها إلى وزير الشؤون الخارجية ديفيد كاميرون، في مبادرة ثنائية حزبية، الحكومة البريطانية إلى دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي "رسميا ودون تأخير" باعتباره "الحل الوحيد" للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وشدد النواب وأعضاء مجلس اللوردات، على أن مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب للصحراء، بالإضافة إلى كونها المسار "الأكثر براغماتية"، فإنها "تحترم التقاليد المحلية والتطلعات الديمقراطية، وتوفر حلا قابلا للتطبيق لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين".

وذكر الموقعون بأن المبادرة "تحظى بتأييد واسع" من حلفاء لندن وأكثر من 80 دولة حول العالم، موضحين أن الالتفاف حول هذا المخطط، الذي يشكل "الحل الواقعي الوحيد"، يعكس رغبة الشركاء الدوليين في تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليميين، "مما يعزز الدور المركزي لمبادرة الحكم الذاتي في الدفع بجهود السلام".

ونبهوا إلى أنه "يجب ألا يكون هناك مجال لمزيد من الانفصالية أو الانقسام"، بل يتعين، على العكس من ذلك، "تعزيز الالتزام الاستباقي للمغرب في توطيد الأمن والاستقرار الإقليمي".

وقال البرلمانيون إن "البقاء على الحياد أو محاولة تصور حلول بديلة لا يمكن إلا أن يؤدي إلى إدامة الوضع الراهن السلبي الذي يعرض أمن المنطقة للخطر".

 وكان العديد منهم قد زار المغرب وأقاليمه الجنوبية، حيث أتيحت لهم الفرصة للقاء القادة المحليين وممثلي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، وقد سجل الموقعون أن ملاحظاتهم، إلى جانب ملاحظات أكاديميين مرموقين مثل البروفيسور مارك ويلر، رئيس كرسي القانون الدولي والدراسات الدستورية الدولية بجامعة كامبريدج تكرس "اقتناعهم بأن المملكة المتحدة يجب أن تقدم دعما استباقيا لمخطط الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب".

ولاحظ الموقعون أن منطقة الصحراء تزخر بإمكانيات كفيلة بتحسين الفرص الطاقية بشكل كبير وتأمين سلاسل التوريد وتمكين الوصول إلى أسواق جديدة، مشيرين إلى البنية التحتية الاستراتيجية، على غرار ميناء الداخلة "الضخم"، كدليل على التقدم المستدام، الذي يتيح للمنطقة التموقع كقطب للابتكار والتعاون الدولي.

وشدد البرلمانيون على أنه لتحقيق هذه الإمكانية بشكل كامل، يجب على لندن تقديم الدعم من مؤسساتها المالية، مثل تمويل الصادرات البريطانية (UKEF)  والاستثمار الدولي البريطاني (BII)، مؤكدين أن هذا النهج، الذي تبنته الولايات المتحدة وفرنسا بشكل خاص، ينسجم مع اتفاقية الشراكة المبرمة بين البلدين، والتي تشمل منطقة الصحراء المغربية، والتي اعتبرتها المحكمة العليا بلندن قانونية.

وأضاف الموقعون أنه يتعين على المملكة المتحدة تعزيز تحالفاتها مع الدول المستقرة ذات التفكير المماثل "من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي"، معتبرين أن المغرب "يحتل مكانا متميزا" بين هذه الدول الشريكة. وتابعوا أن "الأمر يتعلق بحليف استراتيجي رائد في شمال إفريقيا، ويتقاسم القيم والآفاق الحيوية لبلدينا".

وخلص الموقعون إلى أن الحوار الاستراتيجي القادم بين المملكة المتحدة والمغرب يشكل فرصة فريدة للمملكة المتحدة لإعادة تحديد دورها وتأثيرها في المنطقة، مؤكدين أن "المغرب يستحق دعمنا الكامل والقاطع".

وهذه الدعوة ليست الأولى لإنهاء التردد البريطاني، فقد سبق أن أكد نواب بريطانيون، خلال نقاش بمجلس العموم، في 11 مايو الحالي أن مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء هو "الخيار الأفضل" لمستقبل المنطقة.

وفي الثامن من يناير الماضي، بعث النائب ليام فوكس، رسالة إلى ديفيد كاميرون، دعا فيها المملكة المتحدة إلى تقديم دعمها الكامل للمغرب وأن تعترف بسيادته على الصحراء.

وأكد النائب البريطاني في رسالته إلى وزير أكد فيها على ضرورة اتخاذ "موقف أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة" بشأن قضية الصحراء المغربية.

وقال النائب المحافظ في هذه الرسالة إن موقفا أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة تجاه المبادرة المغربية للحكم الذاتي أساسي ليس للعلاقات الدبلوماسية فحسب، بل أيضا من أجل السلام والتعاون الدولي.

ودعم مبادرة الحكم الذاتي توجه يعززه عضو مجلس اللوردات البريطاني ستيوارت بولاك، بقوله "إن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه هو الموقف الصائب الذي يجب اتخاذه وسنشجع الحكومة البريطانية على اتباع نفس المسار".

ويوجد تقارب بين البلدين، خصوصا بعد توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تعول بريطانيا على المغرب في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها.

وأبدت بريطانيا رغبتها في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وكان آخرها إعلان شركة "أوبلين" البريطانية عزمها على الاستثمار في مشروع لإنتاج الهيدروجين بمدينة الداخلة، الحاضرة الجنوبية لأقاليم الصحراء المغربية.

وسبق أن اتخذت بريطانيا موقفا إيجابيا تجاه قضية الصحراء المغربية، بإصدار محكمة الاستئناف بلندن قرارا في مايو 2022 يقضي برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة لبوليساريو من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ الثلاثين من ديسمبر من عام 2020.

ويرى مراقبون أن قرار المحكمة البريطانية يحظى بأهمية قصوى، قضائية وسياسية إذ يعدم أي مزاعم لبوليساريو بالتمثيلية والصفة والمصلحة، ويمتد أثر تنفيذ الحكم والقرار الصادر عن محكمة بريطانيا إلى السياسة الخارجية لبريطانيا، لأنه أصبح عنوانا للحقيقة.