إصرار أردني على التربية الإعلامية من منطلق الانحياز للرواية الرسمية

منتدى الأردن للإعلام والاتصال ينحو بالتربية الإعلامية باتجاه تعزيز المهارات الرقمية والتقنية.
السبت 2024/05/25
ضبط وتنظيم

اتخذ منتدى الإعلام الأردني منهجا مغايرا للجهات الرسمية في مسألة التربية الإعلامية التي تريدها موائمة لتوجهاتها بمحاربة الأخبار الكاذبة، إذ وجه المشاركون بالمنتدى بضرورة مراجعة الخطط الدراسية في كليات الإعلام، والانتباه لانحياز منصات ومواقع إلكترونية ضد الحقوق الإنسانية.

عمّان - ركز منتدى الأردن للإعلام والاتصال الرقمي على قضية التربية الإعلامية التي توليها المملكة اهتماما متزايدا بهدف تحسين قدرة المجتمع على التعامل مع مصادر المعلومات والأخبار وأدوات التكنولوجيا الرقمية، في ظل الشكوى المستمرة من سيل الأخبار الكاذبة والتضليل التي تستهدف البلاد.

وفي حين واجهت السلطات الأردنية انتقادات بشأن أهدافها للتربية الإعلامية التي قالت إنها للتمييز بين الأخبار والشائعات التي من الممكن أن تؤثر في النسيج المجتمعي، وتضرّ في بعض الأحيان بسمعة الدولة، إلا أن البعض في قطاع الإعلام شككوا في هذه الأسباب قائلين إنها مقدمة للتضيق على الحريات وضبط نشاط الأردنيين الكثيف على مواقع التواصل الاجتماعي.

في المقابل اتخذ منتدى الإعلام الأردني الذي استمر يومين بمشاركة أكثر من 35 متحدثاً محلياً وعربياً وعالمياً، وحضور قيادات إعلامية من دول أجنبية وعربية ومحلية، منهجا آخر بهذا الموضوع إذ وجّه بضرورة مراجعة الخطط الدراسية في كليات الإعلام، بما يعزز المهارات الرقمية والتقنية لدى الدارسين فيها، ودعم تفعيل برامج واضحة نحو التربية والدراية الإعلامية في الدول العربية.

كما دعا المشاركون فيه إلى تكريس البنية الرقمية واستخدام الرقمنة المتخصصة والمتطورة في جميع وسائل الإعلام، والحفاظ على أهمية اللغة العربية في ظل انتشار العامية بمنصات التواصل الاجتماعي. ونبّهوا إلى ضرورة الانتباه للقفزات الهائلة في مجال الذكاء الاصطناعي والتعاطي مع آلياته على المستوى العربي.

وأوصوا في ختام المنتدى الذي استمرّ على مدى يومين، بالحفاظ على اللغة العربية في ظل انتشار اللهجات العامية في منصات التواصل الاجتماعي. وأكدوا أهمية تكريس البنية الرقمية واستخدام الرقمنة المتخصصة والمتطورة في جميع وسائل الإعلام وضرورة مراجعة الخطط الدراسية في كليات الإعلام بما يعزز المهارات الرقمية والتقنية للدارسين.

سعد حتر: المصارحة أهم سلاح لمواجهة خطاب الكراهية
سعد حتر: المصارحة أهم سلاح لمواجهة خطاب الكراهية

ودعوا خلال المنتدى الذي نظمته وزارة الاتصال الحكومي الأردنية إلى دعم تفعيل برامج واضحة للتربية والدراسة الإعلامية في الدول العربية والانتباه لانحياز منصات ومواقع إلكترونية ضد الحقوق الإنسانية.

وفي جلسة بعنوان “التربية الإعلامية والمعلوماتية في الفضاء الرقمي.. تجارب وممارسات”، قال مدير الأخبار في قناة “رؤيا” الفضائية سعد حتر، إن المصارحة أهم سلاح لمواجهة خطاب الكراهية، ومحاولات التشويه، و”الفبركة” التي لها أهداف غير نبيلة، مشيرا إلى أن أحد أهداف التربية الإعلامية الرئيسة يكمن في “رفع سقف الحريات، وإعادة بناء الثقة بوسائل الإعلام كي لا تبقى المنصات والتطبيقات الرقمية المصدر الأول للمعلومات في فضاء افتراضي بلا معايير احتراف وقواعد نشر مبنية على الإنصاف والتوازن”.

وأكد ضرورة تثقيف الشباب وتنبيههم من مخاطر الانزلاق وراء ماكينة الإشاعات، وتمكينهم من كشف الأخبار المضللة من خلال مفاتيح رقمية معتمدة، مشددا على أهمية أن “تنجح التربية الإعلامية ببناء حائط صد أمام طوفان المعلوماتية المتدفق بلا ضوابط”.

وقال حتر إن “الثورة الرقمية سحبت البساط من تحت أقدام السلطة الرابعة، التي باتت هامشية، خصوصا صناعة الصحف الآيلة للاندثار”، موضحا أن “فاجعة الغزيين كشفت انتقائية الإعلام الغربي وانحيازه، وفتحت أعين الشباب المغيّب منذ عقود على وقائع يتجاهلها الإعلام المبرمج حيث نلحظ اليوم انزياحا في أمزجة شعوب الغرب نحو الحق والحقيقة؛ خاصة الشباب منهم”.

فيما أكدت المستشارة والخبيرة في التربية الإعلامية والمعلوماتية، الدكتورة بيان التل، أهمية التربية الإعلامية، قائلة إن “الدولة الأردنية تبنت إستراتيجية للتربية الإعلامية، وكانت سباقة ورائدة في هذا المجال”، موضحة أن التربية الإعلامية مهمة جدا لبناء المجتمعات، فضلا عن أن لها دورا كبيرا في التحفيز على التعليم الناقد البناء.

ودعت التل الصحافيين إلى الابتعاد عن الشعبوية، كون مثل هذه الأشياء تقوّض المهنة كسلطة رابعة، مشيرة إلى أن “الإعلام المهني والصادق، مهم لنشر المعرفة، وهو صوت من لا صوت له”.

منتدى الإعلام الأردني وجّه بضرورة مراجعة الخطط الدراسية في كليات الإعلام، بما يعزز المهارات الرقمية والتقنية لدى الدارسين فيها

وأشارت إلى أن صناعة الخبر الكاذب ستزدهر خاصة في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، وقالت “الحل يكمن في تحصين الأفراد، بدءا من المدارس والأسر وانتهاء بالجامعات وأسواق العمل”.

من جهتها قالت أستاذة الإعلام في الجامعة البريطانية بمصر الدكتورة نجلاء العمري إن “المنطقة العربية متأخرة في هذا المجال، مقارنة مع دول أخرى”، مضيفة أن الأردن كان سبّاقا في مجال التربية الإعلامية على صعيد الدول العربية، وتأتي فلسطين ثانيا.

وأوضحت أن التربية الإعلامية تعلّم الشخص أو الفرد على التفكير الناقد، وضرورة أن يفكر مليّا بشكل عقلاني منطقي بأيّ رسالة تصله من أيّ وسيلة إعلامية كانت، مؤكدة أن التربية الإعلامية مطلب للجميع، على اعتبار أنها مهارة حياتيه.

وأكدت العمري أن “كل ما ينشر ليس بالضرورة أن يكون كاذبا، فقد “يتضمن بعض الحقائق لتمرير السم في الدسم، فهناك أخبار كثيرة تتضمن حقائق لكنها مجتزأة”.

فيما قالت أستاذة التربية الإعلامية في جامعة آل البيت الدكتورة ريم الزعبي إن “التربية الإعلامية تتضمن التاءات الثلاثة، وهي التهذيب، التوعية، التمكين”.

ويعتقد مراقبون أن الحكومة الأردنية تحاول ضبط ما تسمّيه فوضى وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تمكّنها منذ أعوام، وعبر قوانين وإجراءات عدة من ضبط إيقاع المواقع الإلكترونية الإخبارية.

فمنذ أعوام، كُبّلت المواقع الإخبارية بقيود عدة أصبحت سيفاً مسلطاً على حرية الإعلام، من قبيل قانون الجرائم الإلكترونية الذي حدّ، إلى جانب قانونَي المطبوعات والعقوبات، من حرية التعبير لدى الصحافيين وقدرتهم على تناول الملفات المسكوت عنها، فأصبح الحديث عن الفساد من دون أدلة واضحة جرماً واغتيالاً للشخصيات، وفق القوانين الجديدة.

ووفقاً لتقرير صادر عن منظمات حقوقية أردنية، فإن حالة الحريات في المملكة لعام 2020 ومن بينها الحريات الإعلامية، على “الحافة”، واتهم التقرير ذاته عمان باستغلال جائحة كورونا وقانون الدفاع كأداة لتقييد حرية التعبير والإعلام بذريعة حماية الصحة والسلامة العامة.

كما خلص أحدث تقرير يرصد مؤشرات الإعلام في الأردن إلى أن الإعلام المحلي بات مقيّداً في وقت يفرض فيه الصحافيون الأردنيون رقابة ذاتية ومسبقة على أنفسهم بشكل متزايد.

وبينما أكد مؤشر الحرية الصادر عن منظمة “فريدم هاوس”، حلول الأردن في المرتبة 34 عالمياً، والسادسة عربياً، رصدت منظمة “مراسلون بلا حدود” تراجع المملكة بواقع مرتبة واحدة، بحسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2021، ضمن 180 دولة في العالم.

5