"أيام الرصاص" يروي تفاصيل المجتمع السوري وانعكاسات الحرب عليه

عمان - يخطو الممثل والمخرج السوري أيمن زيدان في فيلمه الأحدث “أيام الرصاص” نحو المزيد من البحث في تفاصيل المجتمع السوري وانعكاسات الحرب عليه. وهذا الفيلم الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما بسوريا (حكومية) عن نص كتبه أيمن زيدان وأحمد عدرة، وقام بالتمثيل فيه كل من أيمن زيدان وسعد مينة وحازم زيدان وغابرييل مالكي، عرضه قسم السينما في مؤسسة عبدالحميد شومان، الثلاثاء.
يقدّم الفيلم تقاطعات اجتماعية مختلفة، المحور فيها شخصية رجل قاسي الملامح والحضور، يختطّ لنفسه عالما خاصا ويتماهى مع مهنته في اتحاد ذهني لا يستطيع الفكاك منه حتى بعد أن صار متقاعدا.
أبوجمال بطل الفيلم محقّق سابق يمارس عمله وفق الذهنية التي تعتمد مبدأ القسوة، ويقضي عمره في متابعة عمله المعتاد حتى يأتي يوم التقاعد الذي يتزامن مع انطلاق الأحداث السورية، الأمر الذي يدفع به إلى طلب تمديد خدمته في مكانه بحكم الخبرات التي يمتلكها ومسيرته المهنية الطويلة، لكن الأمر لا يسير على هذا النحو، فيحال على التقاعد ليجلس في بيته وحيدا بين أفراد عائلته المكوّنة من مجموعة نسوة وحفيد صغير، فيفرض عليهم إيقاع حياته اليومي القاسي.
◙ الفيلم يغوص عميقا في تفاصيل المجتمع السوري وانعكاسات الحرب عليه عبر حكاية يتقاطع فيها الخاص والعام
يرحل ابنه، فيصير حفيده محور حياته، يُهمين عليه ويعيش حياة رتيبة وباردة. ابنته الأقرب إلى قلبه تهرب في يوم زفافها وتترك له في مجتمعه الضيّق والمحافظ فضيحة مدوية، فيصرّ على الانتقام منها غسلا للعار، لكن العواقب تكون كارثية.
تتداخل الأحداث والخطوط الدرامية بين الخط الأساسي الذي تمثله شخصية أبوجمال وعلاقته مع أسرته وابنته الصغرى مع خطوط درامية موازية تتعلّق ببعض الشخوص الذين يتفاعلون مع هذه الأحداث، فيظهر المحامي المحتال والابن العاق والبنت العاشقة والصهر الانتهازي الذي يسرق متاع الناس ويبيعه فيما يصطلح السوريون على تسميته بـ”التعفيش”.
تدفعه شخصية المحقّق القاسي إلى القيام بأفعال لا يمكن أن تكون مقبولة تجعله على تخوم مناطق مصيرية خطرة تفرضها تصرفات لا منطقية يقوم بها توصله إلى مجازفات غريبة، ومع ذلك يُقدم عليها مغامرا بكل ما قد تحمله من نتائج.
الفيلم يغوص عميقا في تفاصيل المجتمع السوري وانعكاسات الحرب عليه عبر حكاية يتقاطع فيها الخاص والعام، ويحمل في بنيته السردية شكلا أقرب إلى الحالة البوليسية التي تعتمد مبدأ التشويق والإثارة، ففي الأحداث أشخاص قتلوا، ولكن الفيلم لا يبيّن حقيقة الجناة حتى اللحظات الأخيرة منه في شدّ درامي سيجعل المتلقي في حالة من الفضول لمتابعته، فالقتل حدث، لكن الكشف عنه يتأخّر إلى ما قبل النهاية بقليل.
ويقول أيمن زيدان عن الفيلم “أيام الرصاص فيلم روائي طويل يتناول حكاية رجل أراد أن يستعيد مكانته الاجتماعية بعد أن أحيل إلى التقاعد، وواجه عبر ممارساته السابقة مع عائلته تحديات كثيرة، أبرزها أنه في ليلة زواج ابنته الصغرى وأقربهنّ إلى قلبه تحدث الكارثة في مجتمعه الضيّق حين تهرب ابنته يوم زفافها القسري، وتتسبّب له بفضيحة تهزّ كيانه، فيقرّر الانتقام.. وحين يعرف المكان الذي اختبأت فيه يتوجّه لقتلها، ولكن المفاجأة أنه يصل ليجدها مقتولة مع الرجل الذي هربت إليه، ورغم ذلك ورغبة منه في استعادة مكانته التي سبق أن خسرها يسلّم نفسه ويعترف بجريمة لم يفعلها ليدفع ثمن كل ما أرتكبه من قسوة وجبروت".