سوليفان يطلع نتنياهو على اتفاق التطبيع المحتمل مع السعودية

إدارة الرئيس جو بايدن تطالب إسرائيل بربط الحرب في غزة بـ"استراتيجية سياسية" لمستقبل القطاع تضمن هزيمة حماس.
الاثنين 2024/05/20
زيارة سوليفان تتزامن مع بروز خلافات بين المكوّنات السياسية الإسرائيلية

واشنطن - تحدّث مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "احتمال" التوصّل إلى اتّفاق تطبيع بين إسرائيل والسعوديّة، حسبما قالت الرئاسة الأميركيّة الأحد.

ودعا سوليفان أيضا نتنياهو إلى أن تكون العمليّات العسكريّة الإسرائيليّة في غزّة والهادفة إلى "استئصال" حركة حماس الإسلاميّة، مترافقةً مع "استراتيجيّة سياسيّة" لمستقبل القطاع الفلسطيني، حسبما قال البيت الأبيض في بيان.

وأجرى سوليفان السبت محادثات مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعوديّة، في مدينة الظهران (شرق)، قبل أن يتوجّه مباشرة إلى إسرائيل للقاء نتانياهو ومسؤولين كبار آخرين.

وقال البيت الأبيض إنّ "سوليفان أطلع رئيس الوزراء نتنياهو وفريقه على هذه الاجتماعات والإمكانات المتاحة الآن لإسرائيل وكذلك للشعب الفلسطيني".

وناقش الأمير محمد بن سلمان وسوليفان الصيغة "شبه النهائيّة" للاتفاقيّات الاستراتيجيّة بين بلديهما والتي "قارب العمل على الانتهاء منها"، على ما أفاد الإعلام الرسمي السعودي الأحد.

كما بحث الجانبان في "ما يتمّ العمل عليه بين الجانبين في الشأن الفلسطيني، لإيجاد مسار ذي مصداقيّة نحو حلّ الدولتين بما يلبّي تطلّعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة". كذلك، بحثا في "المستجدّات الإقليميّة، بما في ذلك الأوضاع في غزّة وضرورة وقف الحرب فيها، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانيّة"، وفق المصدر نفسه.

وتسعى إدارة بايدن بقوّة منذ فترة إلى التوصّل لاتّفاق من شأنه أن يجعل السعوديّة تعترف بإسرائيل، في مقابل إقامة علاقة أمنيّة أقوى بينها وبين واشنطن وتقديم مساعدة أميركيّة لبرنامج نووي مدني لديه القدرة على تخصيب اليورانيوم.

ولإتمام عملية التطبيع مع إسرائيل تشترط السعودية وجود مسار واضح نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يبدو صعبا في الوقت الراهن في ظل رفض نتنياهو واستمرار الحرب في غزة. وعطلت الحرب في غزة، التي نشبت في 7 أكتوبر الماضي، المحادثات الأميركية – السعودية التي كانت تقترب في ذلك الحين من التوصل إلى تفاهمات.

وفي سبتمبر الماضي قال وليّ العهد السعودي في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركيّة إنّ المملكة تقترب "كلّ يوم، أكثر فأكثر" من تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ولكن من الصعب تصور أن السعوديين مستعدون لتطبيع العلاقات بشكل واضح ومعلن حاليا بينما يتواصل سقوط قتلى من الفلسطينيين بأعداد كبيرة.

ويقول مسؤولو الصحة في قطاع غزة إن عدد القتلى تجاوز 35 ألفا منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في حين تفشت حالات سوء التغذية على نطاق واسع.

وفي إسرائيل، قال البيت الأبيض إنّ سوليفان كرّر أيضا "الموقف الثابت للرئيس بشأن رفح"، المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزّة والتي تهدّد إسرائيل بشنّ عمليّة واسعة النطاق فيها.

ودعت إدارة بايدن إسرائيل إلى تجنب عمليّة كهذه وأوقفت في الآونة الأخيرة تسليم قنابل إلى إسرائيل بسبب مخاوف من إمكان استخدامها في رفح.

ومنذ أمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي في 6 مايو، عشيّة دخول دبّاباته إلى شرق المدينة، "اضطرّ ما يقرب من نصف سكّان غزة" البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى "الفرار" مجددا، حسبما أعلن المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين فيليب لازاريني الأحد.

كما شدّد سوليفان مجددا على "ضرورة أن تترافق عمليّات إسرائيل العسكريّة مع استراتيجيّة سياسيّة يمكن أن تضمن الهزيمة الدائمة لحماس وإطلاق سراح جميع الرهائن ومستقبلًا أفضل لغزّة".

وتزامنت زيارة سوليفان مع بروز خلافات عميقة بين المكوّنات السياسية الإسرائيلية، إذ هدّد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس السبت بالاستقالة ما لم يصادق نتنياهو خلال ثلاثة أسابيع على خطة لفترة ما بعد الحرب في قطاع غزة.

وقبله، دعا وزير الدفاع يوآف غالانت نتنياهو إلى "التحضير الفوري" لـ"بديل حكومي لحماس" في غزة، داعيا إياه الى الإعلان "أن إسرائيل لن تفرض سيطرة مدنية على قطاع غزة".

وحدد غانتس في مداخلته الثامن من يونيو موعدا نهائيا لخطة لتحقيق ستة "أهداف استراتيجية" بما في ذلك إنهاء حكم حماس في غزة وإنشاء إدارة مدنية متعددة الجنسيات للقطاع.

وسارع نتنياهو الذي يرفض حتى الآن النقاش بشأن فترة ما بعد الحرب، للرد على غانتس، معتبرا أنّ مطالبه "معناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة وإقامة دولة فلسطينية".

ولطالما حذرت الولايات المتحدة إسرائيل من القيام بتوغل عسكري واسع النطاق في رفح دون خطة لحماية المدنيين، وهو ما تقول الولايات المتحدة إنه لم يتم تقديمه.

لكن مسؤولا إسرائيليا قال لوكالة رويترز إن نتنياهو وكبار مساعديه سيحاولون التوصل إلى اتفاق مع سوليفان بشأن الحاجة إلى التوغل الكامل في رفح.

وجدّد الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكّدا أنّه يعمل من أجل "سلام دائم" في الشرق الأوسط يتضمن قيام دولة فلسطينية.

وفي الوقت نفسه، لا يزال القتال محتدماً في غزة. وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 800 ألف شخص، كثير منهم نزحوا عدة مرات خلال سبعة أشهر من الحرب، غادروا مدينة رفح جنوب قطاع غزة حيث شنت إسرائيل عملية عسكرية تستهدف ما تقول إنه آخر معقل لحركة حماس في غزة.

ومع ذلك، شن الجيش الإسرائيلي أيضًا عمليات توغل استهدفت ما يقول إنه تواجد متجدد لحماس في أجزاء من شمال غزة، والتي قال سابقًا إنه طهرها من الجماعة المسلحة.

وقال جهاز الدفاع المدني الذي تديره حركة حماس في غزة الأحد إن غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات للاجئين في وسط غزة أدت إلى مقتل 31 شخصا وإصابة 20 آخرين.

وقال شاهد العيان ياسر أبوالعلا لوكالة الصحافة الفرنسية إن مجمعا سكنيا بأكمله "دمر" و"لا تزال هناك جثث تحت الأنقاض".

وقال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه يتحقق من هذه التقارير.

وقال أيضا إنه ضرب عشرات الأهداف في غزة بما في ذلك رفح، وشارك في معارك ضارية في جباليا شمال غزة. وأضافت أن جنديين قتلا أثناء القتال في الجنوب يوم السبت.

وشنت اسرائيل حملة عسكرية في غزة لتدمير حماس ردا على هجوم الجماعة على جنوب اسرائيل العام الماضي والذي قتل خلاله حوالي 1200 شخص واحتجز 252 اخرون كرهائن. وقتل أكثر من 35456 شخصا في غزة منذ ذلك الحين، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.

على المستوى الإنساني، توقّف تسليم المساعدات بشكل شبه كامل مذ سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح.

وفي ظل إغلاق المعابر البرية الرئيسية أو عملها بشكل محدود، بدأت بعض إمدادات الإغاثة تصل غزة عبر ميناء عائم موقت أنشأته الولايات المتحدة.

لكن وكالات إنسانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات عبر البحر أو الجو لا يمكن ان تحل محل المساعدات التي تدخل برا.

في هذا الصدد، قال منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث الأحد إن تضييق الخناق على المساعدات التي تصل إلى غزة ينذر بعواقب "مروعة"، محذراً من مجاعة في القطاع.

وقال غريفيث في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في الدوحة "إذا نضب الوقود، ولم تصل المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، فإن تلك المجاعة التي تحدثنا عنها لفترة طويلة والتي تلوح في الأفق، لن تلوح في الأفق بعد الآن، بل ستكون قائمة".

وتعرضت قافلة مساعدات داخلة إلى غزة مجددًا لهجوم شنه ناشطون إسرائيليون الأحد، لكن ناشطين آخرين كانوا سلميين ورافقوا الموكب أكّدوا أنه تم السماح له بمواصلة طريقه دون أضرار كبيرة.