قوات الدعم السريع تستعد لفتح مسارات آمنة لسكان الفاشر

بورتسودان (السودان) - أعلنت قوات الدعم السريع في السودان استعدادها لفتح "مسارات آمنة" لخروج السكان من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والتي تشهد منذ أسابيع اشتباكات أثارت قلق المجتمع الدولي. وتقطع قوات الدعم بهذه الخطوة الطريق أمام المزايدات التي قد يلجأ إليها الجيش في محاولة لتحميلها مسؤولية الأزمة الإنسانية.
وأكدت قوات الدعم، التي يقودها محمد حمدان دقلو، في بيان نشرته عبر حسابها على منصة إكس "استعداد وجاهزية قواتنا لمساعدة المواطنين بفتح مسارات آمنة لخروج المواطنين إلى مناطق أخرى أكثر أمناً يختارونها طوعا وتوفير الحماية لهم"، وذلك لتبديد مخاوف المنظمات الإنسانية بشأن مصير المدنيين. ودعت سكان الفاشر إلى "الابتعاد عن مناطق الاشتباكات والمناطق المرشحة للاستهداف بواسطة الطيران، وعدم الاستجابة للدعوات الخبيثة لاستنفار الأهالي والزج بهم في أتون الحرب".
وتحذّر أطراف دولية عدة منذ أسابيع من مخاطر الاشتباكات في الفاشر، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في إقليم دارفور بغرب السودان، التي لا تزال خاضعة لسيطرة الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على أربع من عواصم الولايات الخمس المشكِّلة للإقليم. وكانت الفاشر مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات إلى ولايات الإقليم، الأمر الذي دفع إلى تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة.
ونتيجة احتدام القتال في عاصمة شمال دارفور، أفادت منظمة "أطباء بلا حدود" الأربعاء عن استقبال مستشفى جنوب الفاشر - المرفق الطبي الوحيد العامل في المنطقة وتدعمه المنظمة - عن مقتل 56 شخصا من بين "454 ضحية منذ الجمعة 10 مايو.. لكن من المرجح أن عدد الجرحى والوفيات أعلى بكثير".
وأدت الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل 2023، إلى مقتل الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة. كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص بحسب الأمم المتحدة.
ونتيجة المعارك أصبح 70 في المئة من المرافق الصحية السودانية خارج الخدمة، بحسب بيانات الأمم المتحدة، كذلك يواجه 1.7 مليون سوداني في دارفور خطر المجاعة. وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أنها لم تتلق إلا 12 في المئة من تمويل بقيمة 2.7 مليار دولار طلبته لمساعدة حوالي 15 مليون شخص في السودان.
وأعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن "الفزع" من تصاعد العنف في مدينة الفاشر غرب السودان، وتأثيره "المدمر" على المدنيين وسط مجاعة تلوح في الأفق، وفق بيان نشرته الأمم المتحدة على حسابها الإلكتروني.
وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني، أن تورك، أجرى مكالمات هاتفية منفصلة، الثلاثاء، مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، حسب المصدر نفسه. وأضافت شامداساني أن "تورك، حثهما على التصرف فورا وعلنا لتهدئة الوضع".
وحذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان القائدين أن "القتال في الفاشر، حيث يوجد حاليا أكثر من 1.8 مليون شخص من السكان والنازحين داخليا المحاصرين والمعرضين لخطر المجاعة الوشيك، سيكون له تأثير كارثي على المدنيين، وسيؤدي إلى تعميق الصراع الطائفي مع عواقب إنسانية كارثية".
◙ الفاشر كانت مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات إلى ولايات الإقليم، الأمر الذي دفع إلى تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة
وذكّر تورك القائدين بالتزاماتهما بموجب القانون الدولي الإنساني بضمان الامتثال الصارم لمبادئ التمييز والتناسب والحيطة، وفق شامداساني. وشدد المسؤول الأممي على "ضرورة وضع حد لأيّ انتهاكات مستمرة، فضلا عن ضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي ترتكبه قواتهما وحلفاؤهما".
ومنذ أوائل أبريل من العام الماضي، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي شنت هجمات واسعة على قرى غرب المدينة. ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الجمعة، مجلس الأمن الدولي لإرسال بعثة جديدة لحماية المدنيين في السودان، وفرض حظر للأسلحة على البلاد، ومعاقبة المسؤولين عن الفظائع المستمرة.
وشددت على أن "الخسائر تتزايد في صفوف المدنيين، حيث يتعرض 100 ألف شخص لخطر الهجمات غير القانونية". وتعليقا على الصراع الدائر في البلاد، قالت إن “قوانين الحرب تحظر الهجمات الموجهة ضد المدنيين أو الأهداف المدنية، والهجمات العشوائية، والهجمات غير المتناسبة على خلفية الضرر الذي تسببه للمدنيين".
وطالبت أطراف النزاع أن "تحرص باستمرار على إنقاذ حياة السكان المدنيين". والفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وعاصمة إقليم دارفور المكون من 5 ولايات، وأكبر مدنه، والوحيدة بين مراكز ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع في نزاعها المسلح ضد الجيش السوداني. وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب البلاد كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18.