اتفاق أوروبي على إعادة تقييم الوضع في سوريا خلال قمة مصغرة في قبرص

نيقوسيا- اتفقت ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة عقدت الجمعة في قبرص على إعادة تقييم الوضع في سوريا، باعتبارها الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع أزمة هجرة اللاجئين السوريين.
وتعاني دول أوروبية ولاسيما قبرص من تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية لللاجئين السوريين عبر السواحل اللبنانية.
ورغم حزمة المساعدات الأوروبية المعلنة للبنان للتصدي لقوارب المهاجرين، إلا أن تلك الخطوة بدت غير كافية، وهناك قناعة أوروبية متزايدة بضرورة تبني خطوات عملية أكثر من ذلك إعادة النظر في تصنيف سوريا.
ولا يزال المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ينظران إلى سوريا كبلد غير آمن رغم استتباب الوضع في معظم الأنحاء، الأمر الذي يحول دون عودة اللاجئين إلى مناطقهم.
وقد طالب لبنان مرارا بضرورة إعادة النظر في تصنيف سوريا باعتباره الحل الأمثل لحل أزمة اللاجئين.
◄ دمشق تريد استغلال ورقة اللاجئين من أجل تحقيق اختراق في جدار الرفض الأوروبي، وهي تراهن على حلفائها اللبنانيين
ويقول مراقبون إن دولا أوروبية باتت اليوم تضغط بشكل جدي من أجل إعادة النظر في هذا التقييم، على الرغم من وجود مخاطر حقيقية قد يواجهها اللاجئون السوريون في بلدهم وخصوصا من قبل السلطات السورية بالنظر إلى شهادات لاجئين عادوا إلى ديارهم.
وأفاد مسؤولون من النمسا وجمهورية التشيك وقبرص والدنمارك واليونان وإيطاليا ومالطا وبولندا في إعلان مشترك، عقب القمة في نيقوسيا، أن الوضع في سوريا “تطور بشكل كبير، على الرغم من عدم تحقيق الاستقرار السياسي الكامل”.
وقالت الدول الثماني إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي زيادة دعمه للبنان “لتخفيف مخاطر تدفقات أكبر من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي”.
وذكر الإعلان المشترك أن “القرارات المتعلقة بمن يحق له عبور حدود الدولة العضو يجب أن تتخذها حكومة الدولة العضو المعنية، وليست الشبكات الإجرامية المتورطة في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر”.
وقالت الدول إنها رغم “تبنيها الكامل للحاجة إلى دعم اللاجئين السوريين بما يتماشى مع القانون الدولي، فإنها تأمل أن تفتح محادثاتها نقاشاً أوسع داخل الكتلة المكونة من 27 عضواً حول عملية منح المهاجرين الحماية الدولية”.
وجاءت القمة القبرصية بعد زيارة قام بها وزير الدولة للشؤون الخارجية التشيكية راديك في وقت سابق من الشهر الجاري إلى دمشق حيث التقى بمسؤولين من الحكومة السورية بينهم وزير الخارجية فيصل المقداد.
وأعرب المقداد للوزير التشيكي عن رغبة بلده في أن تتولى براغ نقل الصورة الحقيقية للأوضاع في سوريا إلى الدول الأخرى.
كما كشفت وسائل إعلام سورية وغربية عن زيارة أداها رئيس المخابرات الرومانية إلى سوريا حيث التقى بالرئيس الأسد ومدير المخابرات حسام لوقا، وأبلغهما رسالة مشتركة من بلاده ومن قبرص واليونان وإيطاليا تشير إلى حرص هذه الدول على إعادة الاتصال مع دمشق بسبب القلق من موجات اللاجئين والخوف من “الإرهاب”.
وقال مسؤول قبرصي عقب قمة نيقوسيا إن “أيّ إعادة تقييم للأوضاع داخل سوريا لا تعني بالضرورة ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وبدلاً من ذلك، فإن اللاجئين السوريين القادمين من المناطق التي أعيد تصنيفها على أنها آمنة سيفقدون البدلات والمزايا والحق في العمل، مما سيثبط عزيمة الآخرين الراغبين في القدوم إلى قبرص”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة مساعدات للبنان بقيمة مليار يورو (1.06 مليار دولار) تهدف إلى تعزيز الرقابة على الحدود؛ لوقف تدفق طالبي اللجوء والمهاجرين إلى قبرص وإيطاليا.
وأعادت السلطات اللبنانية الأسبوع الجاري تفعيل مشروع “العودة الطوعية” الذي تعثر بسبب ضغوط خارجية، وأيضا بفعل عدم تعاون دمشق.
ويقول متابعون إن دمشق تريد استغلال ورقة اللاجئين من أجل تحقيق اختراق في جدار الرفض الأوروبي لها، وهي تراهن على حلفائها اللبنانيين.
وطالب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الاثنين الماضي بفتح المجال أمام لاجئين في لبنان للتدفق صوب قبرص، في خطوة تستهدف المزيد من الضغط على التكتل الأوروبي خصوصا وأن هناك دولا وازنة، مثل فرنسا وألمانيا، لا تزال تتحفظ على فتح قنوات تواصل مع دمشق.
◄ مسؤول قبرصي يصرح بأن أي إعادة تقييم للأوضاع داخل سوريا لا تعني بالضرورة ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم
وقال نصرالله إن توفّر “إجماع وطني” على فتح البحر أمام اللاجئين كفيل بدفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمساعدة في إيجاد حلّ. وأوضح أنه حينها “تقول لهم نريد أن نتعاون والدولة السورية لإعادة النازحين الى سوريا وأن تُقدَّم لهم مساعدات فيها، وتصبح الأمور كافة قابلة للحل”.
ودعا الأمين العام لحزب الله البرلمان اللبناني إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي وواشنطن لرفع العقوبات المفروضة على سوريا والتي تعيق عملية إعادة الإعمار. وقال “إذا لم ترفع العقوبات عن سوريا، فلا يمكن إعادة” اللاجئين اليها.
ويقول مراقبون إن تبني ثماني دول أوروبية قرارا يقضي بإعادة تقييم الوضع في سوريا سيؤثر على موقف باقي أعضاء التكتل، لافتين إلى أن تركيز الأوروبيين منصبّ على ضرورة غلق منافذ الهجرة غير النظامية، وبالتالي فإن مسألة حل الأزمة السورية وفق المقررات الأممية لم تعد له أيّ أولوية بالنسبة إليهم، رغم ما يتردد على ألسنة بعض المسؤولين الأوربيين بشأن عدم وجود أيّ تغيير في الموقف، وتمسكهم بحل سياسي في هذا البلد وفق القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن.
ويلفت المراقبون إلى أن المؤتمر الأوروبي الذي سيعقد في السابع والعشرين من الشهر الجاري بعنوان “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” سيركز بالأساس على تعزيز سبل الدعم للسوريين والمجتمعات المضيفة، لكن من المرجح أن يفتح المزيد من النقاش حول تشجيع السوريين على العودة إلى بلدهم.
ومن المنتظر أن يشارك في الاجتماع المرتقب ممثلون عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول الجوار السوري ودول ثالثة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني السوري.