وسائل الإعلام المغربية مطالبة بمواكبة توجه المملكة في قضايا الهجرة

الرباط - يسعى أكاديميون وإعلاميون مغاربة إلى رسم المسار الصحيح للتعاطي الإعلامي مع قضية الهجرة يتناسب مع توجهات المملكة في مقاربة إنسانية وموضوعية تقطع مع الصورة السلبية التي يتم الترويج لها أحيانا من قبل وسائل الإعلام.
ودعا المشاركون في أشغال يوم دراسي حول موضوع “الهجرات والمهاجرون في الخطاب الإعلامي المغربي”، إلى إعادة النظر في تعاطي وسائل الإعلام مع قضايا الهجرة، وتعزيز مساهمتها في تغيير الصورة النمطية عن المهاجرين وتقديم تصور متحرر من الأحكام المسبقة والجاهزة تجاههم.
واعتبر رشيد بن بيه، الأستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، أن السياسة الجديدة التي انتهجتها المملكة في مجال الهجرة واللجوء، وما رافقها من إعادة لإنتاج الخطاب الرسمي تجاه هذا الموضوع، لم تواكب بخطاب إعلامي جديد يتماشى مع غاياتها ونتائجها، مشيرا إلى بروز بعض الخطابات الإعلامية السلبية تجاه هذه الفئة.
وأضاف أن الخطاب الإعلامي تجاه المهاجرين قد يبني “نظاما للحقيقة” لا علاقة له بالواقع، من خلال توظيف مصطلحات وعبارات سلبية عند تناول قضايا الهجرة، داعيا إلى تفكيك الخطاب الإعلامي “الشعبوي الذي يطمس حقيقة الهجرة”، وإعادة تشكيله استنادا إلى المعرفة العلمية والسوسيولوجية، وتبسيط المعرفة العلمية حول قضايا الهجرة لعامة الناس.
المغرب يعتمد مقاربة إنسانية وموضوعية تقطع مع الصورة السلبية التي يتم الترويج لها أحيانا من قبل وسائل الإعلام
وأكد الإعلاميون على ضرورة اضطلاع وسائل الإعلام بمهمة تغيير التمثلات السلبية حول المهاجرين وذلك ضمن أدوارها المعروفة في التنشئة الاجتماعية للفرد، وفي صناعة الرأي العام وتوجيهه.
وأشار رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بالمغرب، يونس مجاهد، إلى غياب وسائل إعلام مغربية متخصصة تعنى بقضايا المهاجرين، سواء المغاربة المقيمون بالخارج أو الأجانب المقيمون بالمغرب، مؤكدا أن المهاجرين في حاجة ماسة إلى وسائل إعلام تؤطرهم ثقافيا وتتطرق إلى التحديات التي تواجههم في بلدان الإقامة.
ولفت إلى أن الهجرة تعتبر معطى أساسيا وثابتا في الحياة الإنسانية وفي تطور الحضارات والعقل الإنساني، داعيا إلى إحداث تغيير في التعاطي مع موضوع الهجرة وبروز خطاب إعلامي بديل حول قضايا الهجرة يستند إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية وغيرها.
من جهته، أبرز مدير “مختبر الإنسان والمجتمعات والقيم”، نبيل عبد الصمد، أن المغرب بصدد التحول إلى بلد مستقطب للمهاجرين من مختلف البلدان، وبالتالي تبرز الحاجة إلى القيام بدراسات معمقة حول ظاهرة الهجرة لاستشراف مآلاتها والاستفادة منها والحد من بعض المخاطر التي قد ترافقها. وأضاف أن الانفتاح على المهاجرين ينطوي على إيجابيات كثيرة، خاصة على المستوى الاجتماعي، معتبرا أن المجتمعات التي تتميز بالتنوع تتمتع بمناعة أكبر من المجتمعات البسيطة في تنوعها.
وتناول النقاش الأكاديمي الذي شارك فيه أكاديميون وإعلاميون ومهتمون بقضايا الهجرة، مناسبة لمناقشة مواضيع مثل “تحولات الخطاب الإعلامي المغربي حول الهجرة والمهاجرين”، و”السرديات الإعلامية المشكلة حول المهاجرين”، و”صورة المهاجرين المنحدرين من دول الساحل والصحراء في الخطاب الإعلامي المغربي”، و”المحددات البنيوية للإنتاج الإعلامي وتأثيرها على جودة المادة الخبرية المتعلقة بالهجرة والمهاجرين”.