شراكة إماراتية - عُمانية واعدة في تنمية الطاقات البديلة والهيدروجين

المنطقة تحشد جهودها لزيادة الاستثمارات المخصصة للمشاريع الخضراء.
الجمعة 2024/05/17
مسار مستدام نحو المستقبل

تعكف دول الخليج العربي على توسيع طريقها نحو تجسيد خططها للتحول النظيف مع تطلعها إلى الاستئثار بأكبر قدر ممكن من المشاريع في المنطقة العربية، إذ تعكس الشراكة الأخيرة بين دولة الإمارات وسلطنة عمان، مدى التنافس على الاستثمار في تنمية الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.

لندن - تتسارع وتيرة عمل الحكومات في منطقة الشرق الأوسط على توسيع قطاعي الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، حيث تخطط العديد من البلدان لتنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط والغاز.

ولطالما اعتمدت دول المنطقة طيلة سنوات على الوقود الأحفوري لتحقيق أمن الطاقة ومراكمة الإيرادات، مما مكّنها من أن تصبح من أغنى دول العالم.

ولكن مع التحول نحو البيئة الخضراء واستنزاف العديد من احتياطيات النفط والغاز التقليدية، أصبحت العديد من بلدان المنطقة تضخ الأموال في مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة لضمان عدم تخلفها عن الركب.

وتقول فيليسيتي برادستوك الكاتبة في منصة “أويل برايس” الأميركية إنه بينما قد يستمر ضخ الوقود الأحفوري لإيرادات هائلة في ميزانيات دول مثل السعودية والإمارات وقطر، تضمن هذه البلدان احتفاظها بمركز تنافسي في مستقبل الطاقة الدولي عبر تطوير خطط الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر وغيرها من مشاريع الطاقة المتجددة.

وفي أحدث الأدلة على ذلك، إبرام دولة الإمارات وسلطنة عمان في أبريل الماضي، شراكة استثمارية بقيمة 35 مليار دولار لتطوير الطاقة المتجددة والمعادن الخضراء والسكك الحديدية والبنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا.

وتتعلق أكبر اتفاقية بينهما بمشروع صناعي وطاقة ضخم بقيمة 31 مليار دولار، حيث يخطط البلدان لتعزيز التعاون الاقتصادي عبر الاستثمارات الإستراتيجية.

فيليسيتي برادستوك: دول المنطقة سوف تحتفظ بمركز تنافسي في مستقبل الطاقة
فيليسيتي برادستوك: دول المنطقة سوف تحتفظ بمركز تنافسي في مستقبل الطاقة

وسيشمل المشروع مبادرات الطاقة المتجددة، بما في ذلك الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافة إلى مرافق إنتاج المعادن الخضراء.

وقال وزير الاستثمار الإماراتي محمد السويدي حينها إن “الاتفاقيات تمثل علامة فارقة في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تمهد طريق الاستفادة من القوة الجماعية لتحقيق الرؤية المشتركة للتقدم والازدهار”.

وتهدف السلطنة إلى أن تصبح منتجا رئيسيا للهيدروجين الأخضر، حيث تصقل خبرتها في النفط والغاز وتستغل أراضيها الوفيرة لتطوير مزارع الشمس الرياح لتوفير الكهرباء النظيفة اللازمة لعملية التحليل الكهربائي الأساسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وقال أندريا زانون الرئيس التنفيذي لشركة وي إمباور كابيتال الاستشارية، إن “عُمان تفتخر ببعض أنسب المواقع في العالم لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تعدّ أساسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر منخفض التكلفة من خلال التحليل الكهربائي”.

وسيمكن بعد ذلك نقل هذا الهيدروجين الأخضر عبر شبكة خطوط أنابيب الغاز الحالية في سلطنة عمان، والتي يبلغ طولها 4 آلاف كيلومتر، مما يقلل من تكاليف البنية التحتية مقارنة مما كانت ستدفعه إذا كانت نقطة الانطلاق من الصفر.

كما أن خبرة سلطنة عمان الواسعة في معالجة وتصدير الغاز الطبيعي المسال والأمونيا تدعم إدارة الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بكفاءة.

وتأمل مسقط في إنتاج ما لا يقل عن مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويا بحلول عام 2030، ونحو 3.75 مليون طن سنويا بحلول 2040، و8 ملايين طن بحلول 2050.

في المقابل، تطمح الإمارات إلى مزيج من الطاقة المتجددة يبلغ نسبة 44 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي، مدعوما بالتطور السريع للطاقة الشمسية في البلاد، باعتبارها موطنا لثلاث من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم.

90

في المئة من الطاقة البديلة بالمنطقة ستنتجها السعودية والإمارات وعُمان والمغرب ومصر والأردن

ومن المتوقع أن تخفض محطة نور أبوظبي، التي تقع في منطقة سويحان وتعد من أكبر المحطات المستقلة للطاقة الشمسية في العالم، انبعاثات الكربون في البلاد بنحو مليون طن متري سنويا.

كما يستهدف مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي ما يكفي من الكهرباء النظيفة لتشغيل قرابة 800 ألف منزل بحلول نهاية هذا العقد.

وانطلقت الإمارات في تطوير صناعة طاقة الرياح، حيث تعمل على مشروع بقدرة إنتاج تبلغ 103.5 ميغاواط لسد احتياجات 23 ألف منزل وخفض انبعاثات الكربون بمقدار 120 ألف طن سنويا.

كما تعدّ أول دولة في الشرق الأوسط تشغل منشأة للطاقة النووية يتوقع أن تسهم بنسبة 25 في المئة من احتياجات البلاد من الكهرباء بعدما أتمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في مارس الماضي، عملية ربط المفاعل الأخير ضمن محطة براكة.

ويبلغ إجمالي قدرة الإنتاج في المحطة التي تضم أربع مفاعلات 5.6 غيغاواط، وستوفر أكثر من 40 تيراواط من الكهرباء النظيفة للشبكة المحلية سنويا، إلى جانب الحد من ملايين الأطنان من الانبعاثات الكربونية.

وفي الوقت ذاته، تستثمر الحكومة بكثافة في تطوير صناعة الهيدروجين الأزرق والأخضر بما يتماشى مع إستراتيجيتها للهيدروجين 2050. وتأمل الإمارات في أن تصبح واحدة من أكبر المنتجين خلال العقود القادمة.

أندريا زانون: لدى عُمان أنسب المواقع لإنتاج الهيدروجين بكلفة منخفضة
أندريا زانون: لدى عُمان أنسب المواقع لإنتاج الهيدروجين بكلفة منخفضة

وفي قمة المناخ كوب 28، التي استضافتها الإمارات العام الماضي، قدم العديد من القادة الإقليميين تعهدات مناخية طموحة، حيث من المتوقع أن تضيف المنطقة العربية 62 غيغاواط من الطاقة المتجددة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

وستساهم الطاقة الشمسية بأكثر من 85 في المئة من هذا النمو في القدرات، حيث تستغل البلدان في جميع أنحاء المنطقة مزايا طقسها المشمس.

ومن المتوقع أن تساهم السعودية بثلث الزيادة في الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب النمو في الإمارات والمغرب وسلطنة عمان ومصر والأردن وإسرائيل.

وستساهم هذه البلدان مجتمعة بنحو 90 في المئة من نمو قدرات الطاقة المتجددة في المنطقة، بحسب ما ترجحه العديد من الدراسات.

وتعتمد زيادة قدرة الطاقة الخضراء في السعودية بشكل كبير على تطوير منطقة حضرية جديدة ضخمة “نيوم” في الجزء الشمالي المطل على البحر الأحمر.

ومن المتوقع أن يمتد المشروع الضخم، الذي يشكك فيه العديد من الخبراء والمختصين الدوليين على مساحة 26.5 ألف كيلومتر مربع وأن يكتمل في 2039.

ويُدعم تطوير نيوم بمبلغ 500 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة). وتقول الرياض إن المشروع سيعتمد الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يستوعب تسعة ملايين شخص مع ربطه بالسكك الحديدية عالية السرعة وممرات المشاة.

وتخطط الحكومة أيضا لبناء منظومة أوكساغون الصناعية المتقدمة والنظيفة التي تراعي مبادئ الحفاظ على البيئة، حيث ستشيّد “أكبر منشأة للهيدروجين الأخضر في العالم”، بتكلفة تقدر بحوالي 8.4 مليار دولار.

ويهدف أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك إلى تحقيق مزيج من الطاقة يشمل نحو 50 في المئة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وهو جزء من أجندة موسعة للتطوير وتنويع مصادر الدخل.

10