انتخابات الهند تدخل مرحلتها الرابعة مع تصاعد الخطابات الدينية والعرقية

حيدر اباد/بوبانشوار (الهند) - أدلى الناخبون في الهند بأصواتهم اليوم الاثنين في المرحلة الرابعة من الانتخابات العامة التي تستمر سبعة أسابيع، وتشمل الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، حيث يتوقّع أن يعبّر الناخبون عن استيائهم من إلغاء رئيس الوزراء الهندوسي ناريندرا مودي الحكم شبه الذاتي للمنطقة المتنازع عليها والتي تسكنها غالبية مسلمة، والحملة الأمنية التي أعقبت ذلك.
ومع تزايد حدة الخطابات الانتخابية بشأن الفوارق الاقتصادية والانقسامات الدينية، بدأت أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان التصويت في 19 أبريل في انتخابات من سبع مراحل يحق لنحو مليار شخص التصويت فيها، ومن المقرر أن يتم فرز الأصوات في الرابع من يونيو.
ومن المقرر إجراء الانتخابات على 96 مقعدا في عشر ولايات ومناطق اليوم الاثنين، حيث يحق لنحو 177 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم. ويوجد عدد كبير من المقاعد في ولايات تيلانجانا وأندرا براديش وأوديشا في جنوب وشرق البلاد، حيث لا يتمتع حزب بهاراتيا جاناتا بالقوة التي يحظى بها في الأجزاء الأخرى من البلاد.
ويسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بثالث ولاية على التوالي، وهو أمر نادر الحدوث في الهند، في تصويت يضع حزبه القومي الهندوسي في مواجهة تحالف يضم أكثر من عشرين حزبا معارضا، بما في ذلك منافسه الرئيسي حزب المؤتمر.
لكن القرار الذي اتخذته حكومته في العام 2019 بإخضاع كشمير لحكمها المباشر والحملة القمعية التي تلت ذلك، أثارا استياء شديدا في صفوف سكان المنطقة الذين سيصوتون للمرة الأولى منذ هذه الخطوة.
وقال رئيس الوزراء السابق عمر عبدالله الذي يشن حزبه "المؤتمر الوطني" حملة لاستعادة الحكم شبه الذاتي الذي كانت تتمتع به كشمير "ما نقوله للناخبين الآن هو أنه يجب عليكم إسماع صوتكم".
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية "وجهة النظر التي نريد أن ينقلها الناس هي أن ما حدث... غير مقبول بالنسبة إليهم".
وتنقسم كشمير بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947. وتطالب كل منهما بالسيادة على كل المنطقة وخاضتا حربين للسيطرة على المنطقة الواقعة في هملايا.
وتشن الجماعات المتمردة المعارضة للحكم الهندي تمردا منذ العام 1989 في الجانب الذي تسيطر عليه نيودلهي مطالبة إما بالاستقلال أو الاندماج مع باكستان.
وتتّهم الهند باكستان بدعم المتمرّدين، وهو ما تنفيه إسلام آباد.
وأدى نزاع مستمر منذ عقود إلى مقتل عشرات آلاف العسكريين والمتمردين والمدنيين. ووقعت سلسلة من المعارك بين قوات الأمن ومسلحين قالت إنهم متمردون في الشهر الماضي.
وانحسرت أعمال العنف منذ وضع الجزء الهندي من المنطقة تحت الحكم المباشر لنيودلهي، في خطوة صاحبتها حملة أمنية ضخمة وعمليات توقيف جماعية لقادة الإقليم السياسيين وقطع الاتصالات لأشهر.
ويؤكد مودي ووزراؤه أن إنهاء الوضع الخاص بكشمير حقّق "السلام والتنمية"، وتحظى هذه السياسة بشعبية بين الناخبين في مناطق أخرى من الهند. لكنّ حزبه لم يسمّ أي مرشح في وادي كشمير للمرة الأولى منذ العام 1996، ويقول الخبراء إن حزب بهاراتيا جاناتا كان سيتعرض لهزيمة ساحقة لو فعل ذلك.
وأكد المحلل السياسي والمؤرخ صديق وحيد لوكالة الصحافة الفرنسية أن الكشميريين ينظرون إلى الانتخابات على أنها "استفتاء" على سياسات حكومة مودي في الإقليم.
وأوضح "لم يسمِ حزب بهاراتيا جاناتا أي مرشح لسبب بسيط للغاية: لأن مرشحيه سيخسرون".
لكنّ قسما من الناخبين الكشميريين سيكونون حريصين في الانتخابات الوطنية هذا العام على التعبير عن إحباطهم إزاء إلغاء الوضع الخاص لإقليمهم.
وقال الموظف الحكومي حبيب الله باراي لوكالة الصحافة الفرنسية "صوتت لصالح تغيير الحكومة الحالية. يجب أن يحدث ذلك كي يحظى أطفالنا بمستقبل جيد".
في المناطق الريفية خارج سريناغار، كبرى مدن المنطقة، نظّم جنود دوريات على الطرق في قوافل مؤلفة من مركبات مضادة للرصاص.
وأثار انخفاض نسبة المشاركة حسب مراقبون الشكوك حول ما إذا كان حزب بهاراتيا جاناتا وحلفاؤه سيتمكنون من تحقيق الفوز الساحق الذي توقعته استطلاعات الرأي.
ويقول محللون إن انخفاض نسبة المشاركة دفع مودي إلى تغيير مسار حملته بعد المرحلة الأولى، وتحويل التركيز من سجله الاقتصادي إلى اتهام حزب المؤتمر بالتخطيط لتوسيع مزايا الرعاية الاجتماعية للأقليات المسلمة على حساب المجموعات القبلية الفقيرة والطوائف الهندوسية.
وعلى الرغم من عدم وجود أسباب محددة، يعزو المحللون ومراقبو استطلاعات الرأي هذا الاتجاه إلى عدة عوامل أخرى، بما في ذلك موجة الحر المستمرة، وعدم وجود قضية تثير العواطف على نحو شامل، وكذلك التقليل من عدد الوفيات خلال جائحة كوفيد 19، والذي ربما يكون قد ضخم قوائم الناخبين بشكل مصطنع.
ويسعى حزب المؤتمر بقيادة راهول غاندي إلى تحسين التمثيل وبرامج الرعاية الاجتماعية للفقراء والفئات المحرومة في الهند، مشيرا إلى أن عدم المساواة في الثروة قد تفاقم خلال فترة ولاية مودي التي استمرت 10 سنوات، وهو اتهام رفضته الحكومة.