تكالة يهاجم باتيلي وعقيلة صالح لخلط الأوراق أمام ستيفان خوري

طرابلس – وجه رئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري في ليبيا محمد تكالة انتقادات حادة لمجلس النواب ورئيسه عقيلة صالح معتبرا طريقة إقراره التعديل الدستوري الثالث عشر تحمل تجاوزات، ووصف اعترافه بحكومة أسامة حمّاد مناكفة سياسية الغاية منها بعث رسائل لحكومة عبدالحميد الدبيبة.
جاءت تصريحات تكالة تزامنا مع محاولات تقريب وجهات النظر بين المجلسين بخصوص المسار المؤدي إلى الانتخابات العامة.
وبدت هذه التصريحات، وفق مراقبين، مناورة سياسية على طريقة عقيلة صالح والدبيبة لخلط الأوراق في هذا الوقت الحساس الذي ستشرع فيه نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري في مهامها لإنهاء الانقسام السياسي في البلاد.
وفي مقابلة تلفزيونية مع برنامج "بلا قيود" أذيعت، مساء الأحد، على شبكة "بي بي سي" البريطانية وجه تكالة انتقادات حادة لأداء مبعوث الأمم المتحدة السابق عبدالله باتيلي الذي لم يحاول، حسب رأيه، تقريب وجهات النظر بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ولم يبارك ما توصلا إليه برعاية الجامعة العربية.
ورفض تكالة في المقابلة الاتهامات التي وجهها باتيلي إلى الأطراف الليبية خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، وقال إن باتيلي لم يذكر الأسباب الحقيقية وراء استقالته.
ووصف باتيلي في إحاطته القادة الليبيين بأنهم "أنانيون يغلبون مصالحهم الشخصية على مصالح البلاد"، وقال إن "كل محاولاته قوبلت بمقاومة عنيدة، ومطالب غير واقعية، وعدم اكتراث لمصلحة الشعب الليبي ورغبة في تأجيل الانتخابات إلى أجل غير معلوم".
وردا على هذه الاتهامات قال تكالة "المغرب دعا باتيلي لحضور اجتماع ثلاثي بين رؤساء المجالس الثلاثة الرئاسي والنواب والدولة وانتظرنا ثلاثة أشهر لكنه رفض في الأخير، كما دعته الجامعة العربية لحضور اجتماع القاهرة لكنه لم يحضر أيضا ولم يبارك الاتفاق وهذا دليل على وجود تدخلات خارجية لم تعطه الإذن بالموافقة على توافقات ليبية معينة".
وعزا تكالة استقالة باتيلي إلى عدم قدرته على الصمود أمام التدخلات الأجنبية وقال "هذا تفسيرنا الذي يفرض نفسه ولكن لا نملك أدلة ملموسة".
وعن رأيه في نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية ستيفاني خوري، قال تكالة إنها لا تزال حديثة العهد ولا تزال في مرحلة التعارف على الأزمة، موضحا أن نجاحها سيعتمد على قدرتها في تجميع الأطراف الليبية وإدارة الحوار وليس "الهروب وغير الظهور وعدم محاولة التقريب بين مجلسي النواب والدولة" في إشارة إلى باتيلي.
من المنتظر أن تبدأ خوري، من مدينة غدامس جهودها الرامية إلى تجاوز الخلافات بين مكونات المشهد الليبي وتشكيل حكومة جديدة موحدة تشرف على انتخابات طال انتظارها وحلحلة الأزمة المتفاقمة في البلاد.
كما ينتظر أن تتجه خوري خلال هذا الأسبوع إلى بنغازي للاجتماع مع القائد العام للجيش الوطني خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وذلك بهدف الاستماع إلى تقييم كل منهما للوضع العام في البلاد، وللمساعي المبذولة للتوصل إلى حكومة مصغرة تدير شؤون البلاد وتشرف على تنظيم الانتخابات.
ورفض رئيس المجلس الأعلى للدولة ما أثير بشأن تداول طرح مصري لدمج حكومتي الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة والمكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد كمخرج من الانسداد السياسي الراهن.
وقال تكالة، خلال المقابلة التلفزيونية، النموذج الحقيقي للحل في ليبيا يملكه مجلسا الدولة والنواب، ولسنا ملزمين بأي نموذج يُطرح من أي دولة"، وأضاف "الاتفاق بين المجلسين هو ما يحدد الخطوات المستقبلية للدولة الليبية، وكف الدول عن التدخل في ليبيا مهم".
وكان تكالة، اتفق في مارس الماضي مع رئيس مجلس النواب الليبي ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على وجوب تشكيل حكومة موحدة في ليبيا مهمتها الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
وعن علاقته برئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة، قال تكالة إنّ تعامله مع الدبيبة يأتي في إطار الاعتراف الدولي بحكومته واعتراف المجلس الأعلى بها أيضا وفي سياق تعامل مجلسه مع مؤسسات الدولة الأخرى التنفيذية والتشريعية.
وفيما يتعلق بحكومة أسامة حمّاد، يرى رئيس مجلس الدولة الاستشاري أنّها لم تكن حكومة شرعية منذ البداية.
ووصف تكالة اعتراف مجلس النواب في طبرق بحكومة حمّاد بأنها مناكفة سياسية ورسائل ظل يبعث بها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى الدبيبة.
وعن أسباب رفض ميزانية حكومة حماد التي أقرها مجلس النواب مؤخرا، قال تكالة إن هذا يرجع إلى سببين أولهما أنها "غير شرعية"، وثانيهما "أنها لم تمر عبر مجلس الدولة حسب الاتفاق السياسي ثم إلى مجلس النواب لاعتمادها".
ونفى تكالة أن تكون العلاقات بينه وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح متردّية غير أنه أقرّ بوجود خلافات بينهما بشأن الدولة وكيفية إدارتها والتي أشار إلى إمكانية حل تلك الخلافات على طاولة المفاوضات.
وانتقد رئيس مجلس الدولة الاستشاري التعديلات الدستورية قائلا إنّ لجنة 6+6 المكلفة بوضع قوانين للانتخابات انحرفت عن مسارها بعد عودتها لطرابلس وبنغازي وإدخالها العديد من التعديلات على التوافقات التي تم التوصل اليها في مدينة أبوزنيقة المغربية.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، واحدة شرقي البلاد مكلفة من البرلمان، وأخرى في الغرب وهي منبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، إذ ترفض الحكومة في طرابلس غربي البلاد، بقيادة عبدالحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
وكان من المقرر أن تُجرى أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا يوم 24 ديسمبر 2021، لكن خلافات سياسية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، فضلاً عن خلافات حول قانون الانتخابات، حالت دون إجرائها.