الشيخ مشعل الأحمد يتحرك سريعا ويعيّن حكومة جديدة

الكويت – اتخذ أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الأحد قرار تعيين حكومة جديدة، بعد يومين فقط من إجراءات اتخذها لوضع حد لحالة الفوضى السياسية التي تشهدها البلاد منذ فترة، حيث عجز الشيخ أحمد عبدالله الصباح عن تشكيل حكومته بسبب تدخلات النواب.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية الأحد إن الكويت شكلت حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد عبدالله الصباح.
وبينما احتفظ عماد العتيقي بمنصب وزير النفط، وأنور علي المضف بوزارة المالية، وعبدالله علي اليحيا بالخارجية، كان من الملاحظ أيضا أن الحكومة لم تضم سوى عضوين فقط من الأسرة الحاكمة، هما رئيس الوزراء ونائبه الأول فهد يوسف سعود الصباح الذي جمع وزارتي الداخلية والدفاع.
ومنذ أن اعتمد الكويتيون نظاما برلمانيّا في عام 1962 حُلّ مجلس الأمّة أكثر من عشر مرات، وكانت المرة الأخيرة الجمعة عندما أعلن الشيخ مشعل الأحمد تعليق مواد دستورية وتولي زمام السلطة.
وتضمّن الأمر الأميري “حلّ مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات”، إضافة إلى تولي “الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة”.
ولم يتمكّن الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح من تشكيل فريقه الحكومي منذ تعيينه في منتصف أبريل الماضي، بسبب رفْض النواب الحقائب الوزارية التي عرضها عليهم، بعضهم رفض لعدم رضاه عن الحقائب المطروحة، والبعض الآخر امتنع لتخوّفه من أن تكون حكومة مؤقتة قد يخسر مقاعده النيابية في حال انضم إليها.
ويقول الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة الكويت إبراهيم الحمود “أفرط مجلس الأمّة في استخدام أداة الاستجواب والتهديد بها، بينما عزف النوّاب عن المشاركة في الحكومات التي أصبحت مؤقتة وتحت رحمة البرلمان، ما منعها من تحقيق برنامج عملها”.
ويشير الخبير الدستوري إلى أن “الأمير رأى أن المصلحة العامة والاستقرار أصبحا في خطر”، لافتا إلى “تراجع إلى الوراء في الكويت ومناداة بالقبيلة والمذهب والأصول، وهذا لا يستقيم مع الدولة الحديثة”.
الخلافات بين نوّاب والحكومة حالت دون إقرار إصلاحات تهدف إلى تنويع الاقتصاد، كما أدّى العجز المتكرر في الميزانية وضعف الاستثمار الأجنبي إلى تفاقم الأزمات
ويعتبر الخبير في شؤون الخليج بمعهد “بايكر” للسياسات العامة التابع لجامعة رايس الأميركية كريستيان أولريخسن أن الأمير منذ كان وليّا للعهد حذّر من أنه “إذا لم يتغير الوضع، فقد تكون هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير قوية والعودة إلى أساليب الحكم السابقة، واعتبر الكثيرون في ذلك الوقت، ذلك تهديدا لتعليق الحياة البرلمانية”.
وجاء قرار الحلّ قبل أربعة أيام من موعد افتتاح أعمال مجلس الأمة الذي انتُخب في مطلع أبريل الماضي وبعدما رفض نواب المشاركة في الحكومة.
وغالباً ما يكون سبب حلّ البرلمان مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تتصل بالفساد.
ويمنح الدستور الكويتي كل نائب في مجلس الأمة حق استجواب الوزراء ورئيس الحكومة، كما يشترط وجود نائب على الأقلّ في الحكومة.
وستشهد الفترة المقبلة، وفق ما جاء في كلام الأمير، مراجعة لكافة جوانب المسيرة الديمقراطية، بما فيها الدستور.
ويلفت أولريخسن إلى أن عمل البرلمان عُلّق مرتين سابقاً لفترات طويلة بين عامي 1976 و1981 ومرة أخرى من عام 1986 إلى عام 1992 “وفي كلتا الحالتين السابقتين، كانت هناك ضغوط شعبية وسياسية لإعادة البرلمان، وقد يكون هذا هو الحال هذه المرة أيضا”.
ويصف الأستاذ المساعد للتاريخ في جامعة الكويت بدر السيف خطوة الأمير بـ”التاريخية”.
اقرأ أيضا:
ويتحدّث عن موقفين متباينين ظهرا في البلاد عقب القرار، حيث “رحّب القوميون الراديكاليون في البلاد والمنطقة وبعض المواطنين بهذه الخطوة التي طال انتظارها بسبب الأزمات المتكررة والعراقيل في النظام السياسي. وإلى جانبهم هناك شخصيات محلية غير سياسية تتطلع إلى انتعاش اقتصادي سريع وتنمية شاملة في الكويت”، بينما “هناك فريق آخر يشعر بالأسف لتراجع الديمقراطية مع تعليق بعض مواد الدستور”.
لكن أولريخسن يقول “على الكويتيين التغلّب على الانقسام العميق الذي ميّز السياسة في السنوات الأخيرة”، مضيفا أن نظام البلاد يتيح للأمير ممارسة سلطته السياسية “ومن غير المرجح أن يتغير هذا بأي شكل من الأشكال”.
وحالت الخلافات بين نوّاب والحكومة دون إقرار البرلمان إصلاحات تهدف إلى تنويع الاقتصاد، في حين أدّى العجز المتكرر في الميزانية وضعف الاستثمار الأجنبي إلى تفاقم الأزمات.
وعزا الأمير قراره الأخير إلى “تدخّل” بعض النوّاب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر “شروطًا” على تشكيل حكومة، مضيفا “نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حقّ دستوري صريح للأمير”.
وعلّق الأمير العمل بسبع مواد دستورية أو فقرات وهي: 51، 56، 71، 79، 107، 174، و181. وينصّ أبرزها على أن “السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة”، و”لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير”، ووجوب “إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل. فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يستردّ المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد”.
ويرى إبراهيم الحمود أن “هذه فترة تصحيحية لتهدئة الأوضاع، لن يكون فيها مجلس أمة ولن تشهد تنظيم انتخابات، لكن غياب الديمقراطية لا يمكن أن يبقى إلى الأبد”.