الكويت تلاحق متهمين بالطعن في حقوق وسلطات الأمير

الكويت - أمرت النيابة العامة بالكويت، مساء السبت، بحبس مواطن احتياطيا وحجز وضبط وإحضار آخرين لاتهامهم بنشر عبارات تضمنت "طعنا في حقوق وسلطات" أمير البلاد.
وأفادت النيابة العامة، بأن الموقوفين "نشروا عبر حساباتهم بموقع التواصل الاجتماعي 'إكس' عبارات تضمنت طعنا في حقوق وسلطات مقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد".
وذكرت أن المتهمين "تعرضوا لشخص صاحب السمو بالنقد، والعيب في ذاته".
ولم يحدد البيان هوية المواطن الذي تم إيداعه السجن ولا عدد الأشخاص الذين صدرت في شأنهم مذكرات ضبط وإحضار، فيما أشارت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن الشخص المعني هو النائب الإخواني السابق وليد الطبطبائي بعد نشره على منصة إكس تدوينة تحريضية انتقد فيها قرارات الأمير.
وتأتي المتابعات الأخيرة، في أعقاب قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حل مجلس الأمة وتوليه مع الحكومة مهام السلطة التشريعية، وذلك بعد نحو شهر ونصف من الانتخابات البرلمانية، في خطوة تاريخية في الدولة الخليجية الثرية التي تشهد أزمات سياسية متكررة.
ولقي قرار الشيخ مشعل تأييدا شعبيا في الكويت التي تعيش أزمات متتالية منذ سنوات بسبب الخلافات المستمرة والصراعات بين الحكومات التي يعينها الأمير والبرلمانات المنتخبة انتخابا مباشرا، الأمر الذي أعاق جهود الإصلاح الاقتصادي، وعطّل كثيرا المشاريع التنموية التي تحتاجها البلاد.
وأكد الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي أن قرارات الشيخ مشعل تعبر بالبلاد إلى مرحلة جديدة عنوانها التمكين الوطني غير المؤدلج، من أجل المرور لمرحلة مهمة ومتقدمة من الإصلاح السياسي الذي يفسح المجال لتعزيز الاقتصاد والتنمية، لتجاوز زمن المصالح الحزبية الضيقة.
وأشاروا إلى أنالشيخ مشعل بحله البرلمان أنقذ البلاد من النواب الذين لم يقدموا شيئا للكويت سوى سعيهم لدمار مؤسسات الدولة في إطار تصفيات وحسابات سياسية خدمة لأجنداتهم.
وشددوا على أن الأمير حسم كل الملفات العالقة دفعة واحدة، وقرر إنهاء العلاج بالمسكنات والانتقال إلى الجراحة العميقة، لنقل بلاده من مرحلة المراوحة القاتلة والفرص الضائعة إلى مرحلة التنمية الشاملة لتلحق بركب شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي المقابل، لم تستغ جماعة الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني القرارات الأميرية، لتشن حملة واسعة على منصة إكس ضد أمير البلاد، ودفقوا يروجون لما يصفونه بـ"انقلاب على الديمقراطية" وهو مصطلح لطالما يستخدمه الإسلاميون في كافة الأقطار العربية كلما ضاق عليهم الخناق وباتوا خارج المشهد السياسي.
ولم يتوقف أولئك عن ذلك بل زعموا أن القرار الأميري يأتي تمهيدا للتطبيع مع إسرائيل، وهي ذريعة لتبرير تماديهم في الدخول على خط المزايدة في ما يتعلق بموضوع غزة وفلسطين بعد أن تحولت تحركاتهم واعتصاماتهم السابقة من تأييد الحق الفلسطيني إلى تحويل "ساحة الإرادة" منبرا للتهجم على دول شقيقة وصديقة للكويت.
وأفادت وكالة أنباء الكويت "كونا" عن "صدور أمر أميري بحل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات" إضافة إلى تولي "الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة".
وعزا الشيخ مشعل قراراته هذه إلى "تدخل" بعض النواب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر "شروطا" على تشكيل حكومة.
وقال في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "واجهنا من المصاعب والعراقيل ما لا يمكن تحمله والسكوت عنه" مضيفا "نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح للأمير".
ولم يكن خطاب أمير الكويت تاريخيا فحسب، وإنما اتسم أيضا بالدقة والشفافية في التشخيص ووضع الحلول، وصولا إلى النبرة الحازمة بعدم السماح على الإطلاق بـ"أن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة”، و"أن تتكرر الممارسات غير المقبولة" وأن يتم "المساس بهيبة رجال الأمن واحترامهم".
ورسم الشيخ مشعل بقراراته خطا فاصلا بين مرحلة مريرة كان للنواب فيها اليد العليا لوضع العصي في الدواليب وابتزاز الحكومة وتخويف الوزراء بمنصة الاستجواب، إلى مرحلة القوة والحزم والحسم وتغيير ملامح المستقبل، من خلال حكومة تعمل ومواد دستورية جديدة تكون كفيلة بانتظام عمل المؤسسات بطريقة مختلفة جذرياً عما كان سائداً على مدى حوالي 6 عقود.
وجاء قرار الحل قبل أربعة أيام من موعد افتتاح أعمال مجلس الأمة الذي انتخب مطلع أبريل الماضي وبعد أن رفض نواب المشاركة في الحكومة.
وأكد الشيخ مشعل أن تعذر تشكيل حكومة كان نتيجة "ما صدر من عدد من أعضاء المجلس من تباين تجاه الدخول في التشكيل الحكومي ما بين إملاءات وشروط البعض للدخول فيها".
ويشترط الدستور الكويتي أن يتولى نائب على الأقل حقيبة وزارية حتى تكتمل تشكيلة الحكومة. لكن لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف من إقناع أي من النواب بالمشاركة.
ومنذ أن اعتمدت الكويت نظاما برلمانيا عام 1962، تم حل المجلس التشريعي أكثر من عشر مرات. وفي حين يُنتخب النواب، يتمّ تعيين وزراء الحكومة الكويتية من قبل عائلة الصباح الحاكمة، التي تحتفظ بقبضة قوية على الحياة السياسية.
وغالبا ما يكون سبب حل البرلمان مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تتصل بالفساد.
وأعاقت المواجهة بين الحكومة والبرلمان الإصلاحات التي يحتاج إليها اقتصاد الكويت الراغبة في تنويع مواردها، على غرار جاراتها دول الخليج.