إيقاف محامية تونسية وإعلاميين إثر تصريحات مهينة للوطن

تونس – قررت النيابة العامة بتونس اليوم الأحد الاحتفاظ بالإعلامي برهان بسيّس والصحافي مرد الزغيدي على ذمة التحقيق، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية، بعد اعتقالهما مساء السبت، إثر مداهمة الشرطة مقر هيئة المحامين وإلقاء القبض على سنية الدهماني وهي محامية بارزة ومعروفة بانتقادها الشديد للرئيس قيس سعيد، تنفيذا لأمر قضائي بسبب تصريحات اعتبرت مهينة للوطن في برنامج تلفزيوني.
وقال شهود إن الشرطة التونسية اقتحمت مقر هيئة المحامين السبت وألقت القبض على سنية الدهماني التي كانت تحصنت بالمكان بعد رفضها المثول أمام القضاء، ثم اعتقلت لاحقا برهان بسيس ومراد الزغيدي، وهما مقدما برامج بإذاعة آي.إف.إم.
ودانت "الهيئة الوطنية للمحامين" ما اعتبرته "اقتحاما لمقر الهيئة واعتداءً سافرا"، مطالبةً بإطلاق سراح الدهماني فورا.
واستنكر رئيس فرع الهيئة العروسي زقير في مؤتمر صحافي "الاعتداء المادّي واللفظي على المحامين والصحافيين"، معلنا "الدخول في إضراب في محاكم تونس العاصمة بداية من الاثنين".
ونقلت إذاعة موزاييك الخاصة عن المحامي غازي مرابط إن النيابة العامة قررت الاحتفاظ ببرهان بسيّس ومراد الزغيدي لمدة 48 ساعة بعد سماع دام حوالي خمسة ساعات بمقر فرقة مكافحة الإجرام بالقرجاني.
وأشار مرابط إلى أن الأسئلة التي وُجّهت للزغيدي تمحورت حول تحاليله السياسية والاجتماعية بالإضافة إلى تدوينة تضامن مع الصحافي محمد بوغلاب على صفحته على فايسبوك.
وأضاف المرابط أنه سيتم عرض منوبه رفقة بسيّس غدا الاثنين على وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية تونس.
والزغيدي محلل ومعلق تلفزيوني على المواضيع السياسية والاجتماعية، ويعمل مع برهان بسيس الذي يقدم برامج إذاعية وتلفزيونية في محطات خاصة تتطرق للشأن العام في البلاد.
ورغم أن تفاصيل وخلفيات الحملة غير واضحة المعالم بعد، لكن من المتوقع أن يكون للقبض على سنية الدهماني والتحقيق معها علاقة بالتحقيق مع برهان بسيس ومراد الزغيدي، خصوصا أن الإعلاميين الثلاثة يعملون في البرنامج الإذاعي نفسه، الذي تبثّه إذاعة "إي إف إم" الخاصة، كذلك يعمل الثلاثة في البرنامج التلفزيوني "الدنيا زينة" الذي تبثه قناة "قرطاج +" المحلّية الخاصّة.
وخلال برنامج "الدنيا زينة" الذي تطرّق لأزمة تدفّق المهاجرين غير القانونيين إلى تونس، قالت الدهماني، بسخرية "شوف هاك البلاد الهائلة (ما هذه البلاد العظيمة)" ردّا على معلّق سياسي كان حاضرا معها في البرنامج يدافع عن فكرة أنّ المهاجرين الأفارقة يريدون التوطّن في تونس.
وتم تداول هذا التصريح على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبره البعض "مهينا" في حق البلاد.
واستدعى قاضي التحقيق الدهماني بشبهة نشر شائعات والمساس بالأمن العام إثر تصريحاتها، لكنها طلبت تأجيل التحقيق القضائي، وهو ما رفضه القاضي الذي أصدر قرارا بإحضارها.
وقالت الدهماني في تصريح لإذاعة "أي اف ام" المحلية الجمعة إنها لم تكن تتوقع إصدار بطاقة جلب ضدها بهذه السرعة مضيفة " أنا اليوم في دار المحامي ولا أخاف الطغيان وسأتمسك بحقوقي".
وأضافت "سأتمرد في هذا البلد الجميل ولن أفرط في حقوقي ولكن يبدو ان القاضية مصرة على ادخالي سجن النساء في امتثال لقرار السلطة السياسية" متابعة "انا اليوم محتمية في داري دار المحامي وسنتخذ قرارا لمواجهة الوضعيات العبثية".
وقالت انها تتحدى القضاء وتتمرد عليه ان لزم الأمر لأنها تريد حقوقها في قراءة المحضر المتعلق بملفها والدفاع عن نفسها وتأجيل الجلسة وهو ما يضمنه القانون.
وفي القرار القانوني الذي نشرته وسائل إعلام محلية، تخضع الدهماني للتحقيق بتهمة "تعمّد استخدام شبكات وأنظمة معلومات... بهدف الإضرار بالأمن العام"، بموجب المرسوم 54.
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 سبتمبر 2022 مرسوما رئاسيا عُرف بـ"مرسوم 54" ينصّ على "عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام" وغرامة تصل الى خمسين ألف دينار "لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
وخلال عام ونصف عام، حوكم أكثر من 60 شخصا، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس، باسم المرسوم 54، وفق النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.