عام على عودة سوريا إلى الجامعة العربية: انفراج جزئي لا يشمل العملية السياسية

دمشق - مرت الذكرى الأولى على استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية مع انفراجة جزئية دون تأثير كبير على الوضع الاقتصادي أو العملية السياسية في سوريا، وسط التعقيدات الإقليمية والدولية المستمرة.
وبعد غياب دام سنوات عادت سوريا إلى الحضن العربي عقب اقتناع أغلب الدول العربية باستحالة الحسم العسكري وأن العملية السياسية وحدها قادرة على حل الأزمة السورية، الأمر الذي عده الخبراء خطوة إيجابية مهمة.
وتحدث الباحث والمحلل السياسي السوري محمد العمري عن إعادة دمج سوريا في الجامعة قبل عام واحد والتطورات اللاحقة، معترفا بآثار عودة سوريا إلى محيطها العربي، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن ذلك الأثر كان على نطاق محدود.
وقال العمري في تصريح لوكالة أنباء شينخوا “لا نستطيع القول اليوم إن التأثيرات شملت كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية”.
وتابع “إلا أن العودة سهلت حدوث انفراج جزئي في بعض المجالات، كإعادة العلاقات مع بعض الدول العربية، مثل السعودية”، مشيرا إلى التقدم السياسي والأمني الناتج عن تجدد العلاقات بين سوريا والدول العربية.
ومع ذلك أكد العمري على عدم وجود تأثير اقتصادي كبير، وعزا ذلك إلى الضغوط الخارجية، بما في ذلك العقوبات الأميركية وإحجام بعض الدول العربية عن التعامل بشكل كامل مع سوريا.
عودة سوريا إلى محيطها العربي لا تزال دون الطموح نتيجة الضغوط السياسية والاقتصادية الغربية
ومن جانبه قدم ماهر إحسان، وهو خبير سياسي سوري آخر، تقييما أكثر حذرا. وشدد إحسان على التأثير المتبقي للتعقيدات الجيوسياسية، مثل التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، على تعامل سوريا مع الجامعة العربية.
وفضلا عن ذلك سلط إحسان الضوء على تداعيات العقوبات الأميركية والسياسات العدائية تجاه سوريا على علاقاتها داخل الجامعة العربية.
كما اعتبر الكاتب والصحافي السوري عماد سالم أن عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية قبل نحو عام كانت “خطوة مهمة” باتجاه عودة اندماجها في محيطها العربي، إلا أن هذه العودة مازالت دون الطموح نتيجة الضغوط السياسية والاقتصادية الغربية.
وقال سالم إن “عودة علاقات سوريا مع الدول العربية تسير ببطء وخاصة في المجال الاقتصادي حيث تتردد معظم الشركات العربية الكبرى، التي لها استثمارات بأوروبا وأميركا، في إقامة استثمارات لها في سوريا نتيجة تخوفها من العقوبات الأميركية”.
ورأى أنه رغم العراقيل تمثل عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية “انتصارا لها وبداية لانفراج واسع في العلاقات السورية – العربية في قادم الأيام”.
وبقطع النظر عن جدوى هذه المعادلة، فإن عودة سوريا أصبحت أمرا واقعا بموجبه ستعود إلى ممارسة دورها تدريجيا في بعض الملفات التي اعتادت التأثير فيها، ما يمثل عنصر إضافة عربيا إذا أحدثت تحولا في حساباتها السابقة، أو خصما إذا أصرت على طريق المناكفات، لأن هناك تغيرا كبيرا حدث بين المقاطعة والعودة.
واللافت أن سنوات المقاطعة أفضت إلى توثيق علاقات دمشق مع كل من روسيا وإيران، وهما البلدان اللذان يحسب لهما إنقاذ نظام الأسد من السقوط، ما يشي بأن بعض توجهات سوريا السياسية سوف تكون مرهونة بالتنسيق مع كليهما.
وألمحت مصادر عربية في وقت سابق إلى أن عودة دمشق لن يكون لها تأثير قوي في هذه المرحلة على التفاعلات الإقليمية، وأمامها شوط طويل لترتيب أوضاعها الداخلية أمنيا وسياسيا واقتصاديا، ما يجعلها مرهونة بحجم ما تتلقاه من دعم في الملفات الثلاثة.