سياسات استباقية نجحت في حماية تصنيف الأردن الائتماني

خلال الـ48 ساعة الماضية تلقى الاقتصاد الأردني تقييمات إيجابية من ثلاث جهات دولية رأى فيها محافظ البنك المركزي الأردني عادل شركس رسالة إيجابية قوية تؤثر بشكل مباشر على مناخ الاستثمار والثقة في الاقتصاد.
عمّان - تلقى الأردن تقييمات إيجابية من وكالات تصنيف ائتماني رائدة، عكست وفق الخبراء ثقة دولية في الاقتصاد الأردني. أولى هذه التقييمات جاء من مؤسسة ستاندرد آند بورز S&P التي أكدت تصنيفها للأردن عند “B+/B” مع نظرة مستقبلية مستقرة، ويعكس هذا التقييم الثقة في قدرة الأردن على الحفاظ على استقرار اقتصادي مستدام وإدارة نقدية فعالة حيث يُعَزز الاستقرار المالي للبلاد ويشجع على استمرار التدفقات الاستثمارية.
وفي خطوة إيجابية ثانية قامت مؤسسة موديز رفع التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للأردن بالعملتين المحلية والأجنبية من B1 إلى Ba3، وهو أول رفع من نوعه منذ 21 عاما.
وأرجعت الوكالة رفع التصنيف إلى الإدارة الفعالة للمالية العامة والاقتصاد الكلي في الأردن، إلى جانب التدابير الرامية إلى تخفيف المخاطر، والتي عززت مرونة البلاد في مواجهة الصدمات الخارجية، بما يتماشى مع التصنيف الائتماني الأعلى.
ومن جانب آخر منحت مؤسسة فيتش الدولية، التي تعتبر إلى جانب ستاندرد أند بورز وموديز واحدة من كبرى شركات التصنيف، الأردن تصنيف -BB مع نظرة مستقبلية مستقرة. وتعرف الشركات الثلاث، باسم “الثلاثة الكبار لوكالات التصنيف الائتماني” ويُعتبر هذا التقييم إشارة إيجابية إلى الثقة في الوضع الاقتصادي والمالي للأردن، مما يعزز فرص الاستثمار والتنمية المستدامة.
وكانت سياسات الأردن الاستباقية قد نجحت في حماية تصنيفه الائتماني من آثار الوباء العالمي وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية والصراع الروسي – الأوكراني، مما حافظ على الاستقرار المالي وسط ظروف صعبة، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية.
وقال وزير المالية الأردني محمد العيسى إن “هذا الإنجاز يعكس الإصلاحات الهيكلية العميقة التي قامت بها الحكومة الأردنية لحماية الطبقة الوسطى من الصدمات العالمية والإقليمية من خلال توسيع الإيرادات المحلية بشكل عادل وتدريجي، من دون تحميل المواطنين ضرائب إضافية”.
وسلطت وكالة موديز الضوء خصوصا على السياسات المالية والنقدية القوية للأردن والدعم المالي والفني الدولي وحجم التمويل المحلي كعوامل وراء التصنيف.
وتوقعت وكالة موديز أن تظل مؤشرات المالية العامة مستقرة خلال السنوات المقبلة، وأن يتراوح عجز الموازنة العامة للحكومة بين 1.5 و2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2024 – 2025، لينخفض إلى 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028، من نحو 90 في المئة في عام 2023.
وأثنت الوكالة على التزام الأردن بتنفيذ إصلاحات هيكلية كبيرة، وتعزيز بيئة الأعمال من خلال قانون الاستثمار الجديد، وتحقيق استقرار مؤشرات المالية العامة.
من جانبه قال محافظ البنك المركزي الأردني عادل شركس إن التصنيف المرتفع للاقتصاد الأردني يبعث رسالة إيجابية قوية وواضحة للأسواق المالية العالمية.
ورأى شركس أن تحسن التصنيف الائتماني السيادي للأردن من قبل وكالة موديز، في هذا الظرف الذي تمر به المنطقة، يُعد شهادة قوية من مؤسسة عالمية مرموقة على منعة الاقتصاد الوطني، وقدرته العالية على مواجهة الصدمات، وبما يُظهر متانة أساسيات الاقتصاد الكلي، وثمرة لنجاح السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومة والبنك المركزي.
وأكد شركس أن السياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي، المتوائمة مع السياسات النقدية للبنوك المركزية العالمية والإقليمية، أسهمت في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في الأردن، كإحدى الدعائم المحورية للاقتصاد، المتمثل بالحفاظ على استقرار معدلات التضخم، ونظام سعر الصرف الثابت للدينار الأردني مقابل الدولار الأميركي، مدعوما بتوفر مستوى قياسي غير مسبوق من الاحتياطيات الأجنبية يبلغ 19 مليار دولار، حاليا، إلى جانب وجود قطاع مصرفي لديه البنية المالية القوية والمستقرة.
ولفت شركس إلى أن التصنيف المرتفع للاقتصاد الأردني يبعث رسالة إيجابية قوية وواضحة للأسواق المالية العالمية وللمستثمرين، ويؤكد سلامة النهج الاقتصادي المتبع المرتكز على مواصلة مسيرة الإصلاح، والسير قدما بتنفيذ مبادرات وأولويات رؤية التحديث الاقتصادي للأردن للسنوات 2023 – 2033.
ويأتي بالتزامن مع نجاح الأردن في إنهاء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح المالي والاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، وبما يدعم تعزيز مكانة الأردن كوجهة جاذبة وآمنة للاستثمارات.
وكان فريق من صندوق النقد الدولي بقيادة رون فان رودين، قد أعلن عن التوصل إلى اتفاق على مستوى العاملين مع السلطات الأردنية بشأن المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه تسهيل الصندوق الممدد.
جاء هذا الإعلان في ختام زيارة الفريق للعاصمة الأردنية عمان، التي استمرت من التاسع والعشرين من أبريل حتى التاسع من مايو 2024.
وفقا لبيان صادر عن الفريق، فإن البرنامج الاقتصادي الأردني حقق بداية قوية منذ موافقة مجلس إدارة الصندوق على التسهيل في يناير 2024. وتم تحقيق جميع المعايير الأدائية الكمية والمعالم الهيكلية، ويجري إحراز تقدم مستمر نحو الأهداف العامة للبرنامج.
وقال الصندوق إن الاقتصاد الأردني يظهر مرونة ملحوظة، مدعوما بسياسات اقتصادية كلية سليمة وإصلاحات هيكلية، مما ساهم في تخفيف تأثير الصدمات الخارجية المتتالية وتحقيق نمو بنسبة 2.6 في المئة في عام 2023.
وأكد فان رودين استمرار التزام السلطات الأردنية بسياسات متينة لضمان استقرار الاقتصاد ومواصلة الإصلاحات الهيكلية. ومن المتوقع أن تساعد هذه الجهود على مواصلة التقدم نحو تحقيق تعاف اقتصادي مستدام وتحسين مستويات المعيشة.
المراجعة الناجحة لهذا البرنامج من شأنها أن تتيح الإفراج عن 129 مليون دولار أميركي إضافية للأردن، كجزء من حزمة إجمالية تبلغ قيمتها حوالي 1.2 مليار دولار أميركي تمت الموافقة عليها من قبل صندوق النقد الدولي.