عيد العبور.. رمز لتحرّر اليهود وخلاصهم من القيود

عشاء "سيدر" تقليد راسخ لدى يهود البحرين للحفاظ على هويتهم.
الثلاثاء 2024/05/07
تناول كؤوس النبيذ طقس مميز خلال العشاء

تتنوع الأعياد التي يحتفل بها اليهود، ومنها عيد العبور أوعيد الفصح. ويمارس اليهود في هذه الأعياد طقوسا تتنوع بين الصلوات والدعاء والصوم ومختلف العبادات، وتمتد إلى مجالات أخرى مثل المأكل والملبس. ولا يتم الاحتفال بعيد الفصح اليهودي دون كؤوس النبيذ والخبز المخمر وعظم ساق الضأن المشوي والبيض المسلوق، وغير ذلك من الأطعمة الرمزية التي تمثل مراحل خروج العبرانيين القدماء من مصر.

المنامة - يحتفل اليهود بعيد العبور (عيد الفصح) بطقوس وتقاليد خاصة، إذ تعد هذه المناسبة من الأعياد الأكثر أهمية في التقويم اليهودي، حيث يحتفلون بها إحياءً لذكرى خروج اليهود من مصر.

ويمثل هذا العيد لليهود رمزا للتحرر والخلاص من القيود والعبودية. كما يجسد قيم التضامن والتراث الثقافي الذي يحتفظون به على مر السنين.

وخلال عشاء الفصح اليهودي، تجتمع العائلات اليهودية معًا لتناول وجبة طقسية تسمى “سيدر”، وهي تتألف من عناصر تقليدية، مثل الخبز غير المُخمّر (ماتزا)، والخضروات المرة، وعظم ساق الضأن المشوي، والبيض المسلوق، وغيرها من الأطعمة الرمزية التي تمثل مراحل خروج العبرانيين القدماء من مصر.

ويحمل كل عنصر من الأطعمة معنى ودلالة في قصة العبور من مصر، وهي محور الوجبة، إذ يقرأ اليهود أثناء عشاء “سيدر” قصة العبور ويتأملون في معانيها، ويرتلون التراتيل والأناشيد الدينية، مع تناول أربعة كؤوس من النبيذ أثناء سرد القصة.

كما يقدم إلى جانب طبق “سيدر” طبق يحتوي على ماء مالح، يستخدم لغمس الخضروات المُرة ضمن طقوس عشاء الفصح، إذ يرمز إلى دموع العبرانيين القدماء عندما كانوا مستعبدين، بحسب المعتقد اليهودي.

وفي البحرين، احتفلت الجالية اليهودية بهذه المناسبة الدينية من خلال تجمعات العائلة والأصدقاء، حيث يعتبر هذا الاحتفال تقليداً راسخًا لدى اليهود في البحرين، يسهم في حفاظهم على هويتهم الثقافية والدينية.

في البحرين، احتفلت الجالية اليهودية بهذه المناسبة الدينية من خلال تجمعات العائلة، حيث يعتبر هذا الاحتفال تقليداً راسخًا

“العرب” كانت مدعوة إلى مأدبة عشاء الفصح، الذي أقامه سفير الولايات المتحدة لدى البحرين ستيفن بوندي في مقر إقامته، بحضور عدد من العائلات اليهودية في البحرين، والسفراء، وشخصيات المجتمع البحريني.

ويعكس هذا الاحتفال أجواء الحريات الدينية التي تتمتع بها البحرين، حيث يحتفل اليهود بتقاليدهم ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية وأمان.

وقال السفير بوندي، وهو ثاني سفير أميركي يهودي لدى البحرين، في تصريحات خاصة لـ”العرب” على هامش الاحتفال “على مدى السنوات الثلاث الماضية، وخلال شهر رمضان، سعدت بحضور وجبات الإفطار والمجالس والأمسيات الرمضانية التي شاركني فيها الأصدقاء البحرينيون ثقافتهم وتقاليدهم. وقد حضرت أيضًا احتفالات الديانات الأخرى الموجودة في كنف البحرين. أحببت خوض تجربة حضور هذه التجمعات لأنها تمثل أفضل ما في التنوع والانفتاح على الأديان الذي تتمتع به البحرين”.

وأضاف “هذا العام، كنت سعيدًا بمشاركة جزء من تاريخي وتقاليدي الشخصية مع أصدقاء من البحرين ودول أخرى حول العالم، حيث اجتمعنا معًا في منزلي لتناول وجبة عيد الفصح، وهي وجبة تحيي ذكرى خروج العبرانيين القدماء من العبودية. لقد سعدنا أنا وزوجتي ميغان بمشاركة هذه المناسبة الخاصة مع ضيوفنا، لأن ذلك يمثل تقليدًا طويلًا للولايات المتحدة في احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافي”.

وأشار سفير الولايات المتحدة لدى البحرين إلى أن إقامة هذه الفعالية “تتماشى مع رؤية العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورؤية ولي العهد ورئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في الاعتراف بروح التسامح والتعايش السلمي، والاحتفاء بها في البحرين، حيث يعيش الناس من مختلف الديانات معاً في وئام، وحيث الصداقة والاحترام المتبادل يوحدان البلدين الصديقين”.

وتحتضن البحرين جالية يهودية تحافظ حتى اليوم على تقاليدها وممارساتها الدينية. كما كان لهم دور بارز في النشاط التجاري والاقتصادي في البحرين منذ القدم، حيث انخرطوا في مجالات مثل التجارة والصرافة حيث كانوا من أوائل المستثمرين، والحرف اليدوية، وأسهموا في الحياة الثقافية والاجتماعية للبحرين، بفضل اندماجهم في المجتمع المحلي، مع الحفاظ على هويتهم الدينية في الوقت نفسه.

خلال عشاء الفصح اليهودي، تجتمع العائلات اليهودية معًا لتناول وجبة طقسية تسمى "سيدر"
خلال عشاء الفصح اليهودي، تجتمع العائلات اليهودية معًا لتناول وجبة طقسية تسمى "سيدر"

وتعد البحرين البلد الخليجي الوحيد الذي يضم كنيساً يهودياً، تم افتتاحه في ثلاثينات القرن الماضي في العاصمة المنامة، ويتبع التيار الأرثوذكسي اليهودي الحديث.

كما أن لليهود في البحرين تمثيلٌ في المشهد السياسي، ففي العام 2008، عين العاهل البحريني هدى نونو، وهي بحرينية من أصول عراقية، سفيرة للبحرين لدى الولايات المتحدة، لتكون بذلك أول سفير يهودي عربي في العالم.

وبالعودة إلى العام 2000، عُين رجل الأعمال والسياسي اليهودي، وهو بحريني من أصول عراقية، إبراهيم نونو عضواً في مجلس الشورى بمرسوم ملكي. وفي العام 2010، عُينت نانسي خضوري، وهي بحرينية من أصول عراقية أيضاً، عضوا في المجلس نفسه.

وحول تاريخ اليهود في البحرين، تذكر بيانات موقع “الكونغرس اليهودي العالمي” أنه “في أواخر القرن التاسع عشر استقر اليهود من العراق وإيران والهند  في البحرين وأصبحوا نشطين في التجارة والحرف اليدوية”، وذلك بحسب مراجع التلمود، وهي مرجعية يهودية للتشريعات الدينية والاجتماعية.

وعلى الرغم من التحديات التي واجهها اليهود، إلا أنهم حافظوا على علاقات جيدة مع باقي المجتمعات في البحرين، وظلوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي المحلي.

وفي هذا السياق، يشير الموقع إلى “اختباء العديد من اليهود لدى العائلات البحرينية المسلمة إلى حين تضاءلت أعمال الشغب التي اندلعت عام 1948 المعادية للسامية”، فيما يبين أنه “تم نسب الكثير من أعمال العنف، بما في ذلك تدمير الكنيس المحلي، إلى الأجانب المسلمين الذين قدموا إلى البحرين في عام 1948”.

وعلى الرغم من انخفاض أعداد اليهود في البحرين في القرن العشرين، لا تزال هناك جالية يهودية صغيرة تعيش في البلاد، يمثلها رجل الأعمال إبراهيم نونو، الذي موّل إصلاح الكنيس اليهودي عام 2006.

والفصح أحد أعياد اليهود والمسيحيين مع اختلاف الرمزية والدلالة والمواعيد بينهما. إذ يرمز عند اليهود لخروجهم من مصر، أما في المسيحية فيرمز لآلام السيد المسيح وما لقيه من أذى قبل أن يرفعه الله إليه.

Thumbnail

وارتبط عيد الفصح لدى اليهود بخروجهم من مصر رفقة نبي الله موسى عليه السلام. وحمل هذا العيد اسم “بيتساح” ويعني في العبرية العبور أو الاجتياز، وهو واحد من ثلاثة أعياد يهودية وردت في التوراة.

ومدة عيد الفصح عند اليهود سبعة أيام يُمنع العمل في أولها وآخرها. ويحتل الخبز مكانة كبيرة في الطقوس الاحتفالية، لأن بني إسرائيل آثروا في رحلة خروجهم من مصر إعداد خبزهم من القمح بغير خميرة رغبة في كسب الوقت، وخوفا من أن يلحقهم جند فرعون.

ومن أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الفصح عند اليهود الامتناع عن تناول الخبز المخمّر وتعويضه بخبز غير مخمّر يسمونه “الماتسا”. وعشية العيد تقوم العائلات بتنظيف منازلها من كسر الخبز المخمر وبقايا الخميرة استعدادا لحرقها أو بيعها لغير اليهود.

وفي ليلة العيد تجتمع العائلة حول مائدة تغلب عليها الرمزية، تضم بيضا مسلوقا يرمز إلى من قضوا في بناء “هيكل سليمان”، وعشبا مرّا ويرمز إلى العبودية، وماء مالحا يرمز إلى دموع العبودية التي ذُرفت على أرض مصر، أما رواية العيد فتكون حول رحلة بني إسرائيل من مصر وتُروى بكل تفاصيلها وفي جو أسري يلفه ضوء الشموع.

ويحدد التقويم اليهودي عيد الفصح في الرابع عشر من أبريل وهو أول أشهر الربيع وفق التقويم القديم، وهو تقويم قمري. وتُسمّى ليلة الرابع عشر في كل شهر ليلة التمام، وليالي التمام تناسب السفر ليلا أكثر من بقية أيام الشهر.

وتتنوع الأعياد التي يحتفل بها اليهود، ويتم تحديد مواعيدها ومدتها بناء على التقويم العبري الذي يسمّى أيضا التقويم اليهودي.

ويمارس اليهود في هذه الأعياد طقوسا تتنوع بين الصلوات والدعاء والصوم ومختلف أنواع العبادة، وتمتد إلى مجالات أخرى مثل المأكل والملبس.

ورأس السنة العبرية “روش هشناه” هو أحد أعياد اليهود الدينية التي وردت بالتوراة باسم “يوم تروعاه” ويوافق اليومين الأول والثاني من شهر “تشري” من التقويم العبري، وهو التقويم الذي يقول اليهود إنه بدأ منذ خلق الله الأرض إلى يومنا هذا، أي أنهم اليوم يشهدون عام 5785 وليس 2024.

وتعتمد السنة العبرية على القمر، وتتكون من 12 شهرا يضاف إليها شهر كل 3 سنين كي تبقى الأعياد اليهودية موافقة للتقويم الميلادي. كما يضاف التقويم العبري إلى معظم المعاملات الرسمية الحكومية.

ويبدأ الاحتفال بعيد “روش هشناه” منذ غروب الشمس ويمتد ليومين كاملين، تعطل خلالهما المؤسسات الحكومية والأهلية والمواصلات العامة والمحال التجارية. ويطلق على الأيام العشرة التي تمتد من رأس السنة وحتى عيد الغفران “أيام التوبة”.

16